رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة استقبل النائب د. عزمي بشارة

بشارة التقى امس، ايضا، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، وذلك في اطار زيارته الى بيروت بدعوة من الجامعة الاميركية

رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة استقبل النائب د. عزمي بشارة
التقى د. عزمي بشارة، مساء امس الاربعاء، في مقر الحكومة اللبنانية في السرايا الكبير في بيروت، رئيس الحكومة الجديد فؤاد السنيورة وتبادل معه وجهات النظر حول آخر المستجدات على الساحتين العربية والفلسطينية. وهذا هو اللقاء الثاني بين بشارة المتواجد في بيروت منذ مطلع الأسبوع، وبين السنيورة، حيث جرى اللقاء الأول بينهما يوم الاثنين الماضي.

كما التقى بشارة، امس، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، في قصر المختارة. وناقش بشارة وجنبلاط قضايا متعلقة بالاوضاع الحالية في لبنان وفلسطين والعلاقات السورية اللبنانية. وكان هنالك تفاهم وقلق مشترك حول القضايا المطروحة وقد تباحث الصديقان في سبل معالجة الاوضاع ومتابعة ذلك. ومن المعروف ان وليد جنبلاط وعزمي بشارة يرتبطان بعلاقة قديمة تمتد عبر سنوات ويحافظان على تشاور مستمر بين اصدقاء.

ونفى تلفزيون المستقبل وراديو الشرق صباح اليوم الخميس ما نشرته صحيفة المستقبل وكأن بشارة التقى امين عام حزب الله حسن نصرالله. واكدت الصحيفة انها ستنشر نفيا مماثلا في عددها الصادر غدا الجمعة.

وجاءت هذه اللقاءات في اطار زيارة د. بشارة الى العاصمة اللبنانية منذ السبت الماضي بناء على دعوة من الجامعة الامريكية في بيروت، واستغلها للقاء اركان الدولة اللبنانية.

وتتويجا لسلسلة محاضرات تحت عنوان "مآزق الفكر العربي" اشترك فيها عدد من الباحثين والمفكرين ونظمها برنامج انيس المقدسي للآداب، القى النائب الدكتور عزمي بشارة الثلاثاء، في قاعة عصام فارس في الجامعة الاميركية، محاضرة تحت عنوان: "التعددية والتعددية الديموقراطية في العالم العربي".

وقدم الباحث احمد خليفة بشارة معتبرا انه قد لا يكون متابعو عزمي بشارة يفعلون ذلك في شكل منهجي ومتواصل، "لذا من موقعي يمكنني ان اقول انه مفكر سياسي متميز وكتاباته تكتسب صفة خاصة بحكم عدم كونه مجرد استاذ جامعي مسجون في برج عاجي، بل هو مناضل على الساحة الفلسطينية من عرب 48".

واضاف خليفة ان وضع الاقلية العربية في الداخل الاسرائيلي لطالما كان موضع حيرة بالنسبة اليه، "الى ان ظهر عزمي بشارة بالحزب الذي اسسه وبكتاباته، الى جانب آخرين، ليساعد على فهم افضل لمأزق عرب 48 والمواجهة بينهم وبين المجتمع الصهيوني ودولة اسرائيل. الى ذلك فان واقع كونه قوميا عربيا جعله يوجه اهتمامه الى المنطقة العربية المحيطة به ودراسة الدولة العربية الحديثة".

وختم خليفة معتبرا ان بشارة ليس فقط العضو في البرلمان والمناضل لكنه ايضا المفكر ومن خصائصه انه رجل جذري في دراسته لاي موضوع وجريء تجاه نفسه.

وبعدما شكر بشارة البرنامج والجامعة بدأ بالقول انه من المفترض ان يكون هناك شيء من الشاعرية في بداية الكلمة، لكن لا المكان الآتي منه ولا ذاك الذاهب اليه يوحي بامر كهذا، مبديا مع ذلك تأثره وسعادته لامكان التواصل وجها لوجه. واضاف انه ليس في صدد القاء محاضرة اكاديمية وسوف يتحدث عن القضايا التي تهمنا، مشيرا الى انه لم يعلن قدومه تفاديا لمنعه من الحضور.

في تطرقه الى مسألة التعددية والتعددية الديموقراطية اعتبر ان ما يصدّر الينا حول هذا الموضوع يصل فارغا من كل مضمونه التحولي وخارج كل سياق تاريخي لمفهوم التعددية الديموقراطية. واشار الى انه غالبا ما يبدو وكأن هذا المفهوم يتطابق مع التعددية ما قبل الحداثية او تعددية الجماعات الاهلية كالطائفة او العشيرة او حتى الاقليم، كأن القومية هي منح صفة دستورية للانتماءات الطائفية والعشائرية في الطريقة التي تنقل فيها الينا عبر الدبابات الاميركية، مضيفا ان المجتمعات التي عانت فترة طويلة الاستبداد لديها نزعة الى الاحتماء في هذه الانتماءات في غياب فكرة المواطنة.

وقال ان حديثه هدفه التمييز بين التعددية والتعددية الديموقراطية واظهار كم ان الفجوة كبيرة بينهما. مذكرا في البداية بكتابات الديموقراطيين الاوائل الذين رأوا تناقضا بين التعددية والتشكل الديموقراطي فكان ان ادت المحاولة الاولى الى قمع الهويات المتعددة لمصلحة هوية جامعة تصلح وعاء لتعددية سياسية.

وبهذا المعنى دخلت مسألة الهوية التي يولد فيها الانسان في باب سمّوه باب "التسامح"، وليس في باب الحقوق الديموقراطية المفروغ منها. ولفت الى انه في بريطانيا مثلا وجدوا صعوبة في تقبل ان الديموقراطية تشمل الكاثوليك. ونشوء الديموقراطيات الغربية كان تشكلا دمويا عبر قمع كل الحريات الاخرى وقد كلف ذلك مذابح، بسبب قمع هويات لمصلحة اخرى. لذا فان التعددية التي تصدّر الينا الآن، نُظر اليها في عملية تشكّل الديموقراطية الغربية على انها عائق. صحيح ان ذلك كان في بداية الديموقراطية الغربية وانه في ما بعد وعلى مستوى آخر ومع تطور النظرية الديموقراطية والمجتمع الديموقراطي أُخذ بالتعددية واعتبرت احد الحقوق الفردية، لكن التعددية بحد ذاتها ليست انجازا غربيا انما هي ما قبل حداثية عرفتها الامبراطورية العثمانية ونظام الملل العثماني.

واعتبر بشارة ان حق الفرد في ان تكون له هوية جاء متأخرا وهو لم يكن عاملا مؤسسا في الديموقراطية. وليس صحيحا ان التربة الصالحة للديموقراطية تاريخيا كانت تلك المتعددة بل تلك المتجانسة. ورأى انه في حين سفكت دماء من اجل "نحن" الغربية كالاميركية او البريطانية فان الـ"نحن" العربية ممنوعة، الى حد ان الـ"نحن" العراقية هي كذلك تكاد تكون ممنوعة، بينما وحده الانتماء الى الطائفة يصوّر لنا على انه غير مصطنع.

واضاف انه بعد تجربة الجزائر فان المسألة التي تشغلنا هي هل علينا المرور بكل التحولات التي مرت بها الديموقراطية ام علينا تطبيقها مباشرة؟ حاسما المسألة بانه لا يمكننا المرور بعملية التشكل الديموقراطي التي مر فيها الغرب وعلينا ان نحسم امر الهوية، وهي موجودة في مجتمعاتنا التي نسعى الى تأسيس الديموقراطية فيها. من جهة اخرى، اعتبر ان الديموقراطية التوافقية ليست الا نظام محاصصة وليست ديموقراطية فعلية، لان هذه تقوم على مبدأ المواطنة وليس على مبدأ الانتماء الطائفي. فالمواطنة هي وحدها ما ينظم علاقة الفرد بالدولة في النظام الديموقراطي، مشيرا الى انه رأى ان الشباب اللبناني او ما سمي شباب المعارضة كان يدفع في الشهور الاخيرة نحو هذا الاتجاه اي نحو المواطنة.

وأكمل بشارة معتبرا انه في مسألة الهويات هناك خطر من ادلجتها على ايدي الافراد وتحويلها الى حزب طائفي، وهذا لا يمكنه ان يكون ديموقراطيا لان المشروع الذي يطرحه ليس موجها الى كل المجتمع بل الى جزء منه. واضاف انه اذا وقعت التعددية داخل الطائفة الواحدة فغالبا ما تحسم دمويا، والحروب ضمن كل طائفة اعنف منها بين الطوائف.

وسأل بشارة عن الاسئلة المستمرة والطويلة التي يطرحها الغرب حول معنى الهوية العربية للعراق، آسفا لتجاهل الاعلام العربي هذا الموضوع واقتصار اخباره على حوادث تفجير الشاحنات. كما سأل هل يجوز التساؤل عما اذا كانت الهوية العربية في منطقة بلاد الشام والهلال الخصيب مثلا هي ضمان ضد الانهيار الطائفي وليس فقط موقفا في الصراع العربي الاسرائيلي؟

واستغرب تعبير الفيديرالية الطائفية وقال ان الانتماء الى القومية العربية حاجة ذاتية لان البديل هو السقوط في الطائفية وبالتالي يصبح من المتعذر على المجتمع ان ينطلق صوب التطور والتحديث. وختم بشارة مؤكدا انه قد لا يكون علينا المرور بكل المراحل لكن لا يمكننا المرور من البداوة الى الانحلال من دون ان نعرف مرحلة الحضارة والحداثة.

وكان بشارة قد اجتمع مساء يوم الاثنين مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وبحث معه التطورات السياسية الجارية في المنطقة. كما واجتمع صباح اليوم نفسه برئيس الحكومة المكلف فؤاد سنيورة لمدة ساعة ونصف في بيته في بيروت، وقد دار الاجتماع حول ما يواجهه لبنان في هذه المرحلة والقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا. وبعد الاجتماع زار د. بشارة بيت الصحفي والكاتب سمير قصير معزيا كما زار مقر الحزب الشيوعي اللبناني معزيا بأمينه العام السابق جورج حاوي.

وبعد ظهر الاثنين اجتمع د. بشارة بالنائب سعد رفيق الحريري في بيته في القريطم وقد دار الاجتماع حول القضايا التي تواجه لبنان والقضية الفلسطينية والعلاقات السورية اللبنانية وغيرها من القضايا.

التعليقات