طارق عبد الرازق يروى قصته مع السقوط في بئر الخيانة

المتهم يكشف أن الموساد سعى لتجنيد موظفين في شركات المحمول الثلاث في مجالي خدمة العملاء ومهندسين فنيين حتى يستطيع الموساد تسجيل مكالمات كبار المسؤولين

طارق عبد الرازق يروى قصته مع السقوط في بئر الخيانة
حصلت «الشروق» على نص اعترافات طارق عبدالرازق، 37 عاما، المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل، أمام نيابة أمن الدولة.

تضمنت اعترافات المتهم محاولة الموساد تجنيد شخصية مهمة تجمع التبرعات للفلسطنيين في جنوب أفريقيا، كما اعترف بأن المخابرات المصرية منحته 3 أيام لتسليم نفسه لها خلال حضوره إلى مصر لكنه امتنع عن ذلك، وقرر العودة للصين لممارسة نشاطه التجسسي.

وكشف المتهم أن الموساد سعى لتجنيد موظفين في شركات المحمول الثلاث في مجالي خدمة العملاء ومهندسين فنيين حتى يستطيع الموساد تسجيل مكالمات كبار المسؤولين.


قال المتهم في التحقيقات إنه لم يتجسس على مصر، ويرفض أن يتجسس عليها، فقام القاضي طاهر الخولي بمواجهته بما توصلت له معلومات المخابرات المصرية من أن الموساد أنشأ له موقعا على الانترنت لتوظيف العمالة، وكلفوه باستدراج المهندسين العاملين في شركات الاتصالات.

فرد المتهم بأن الموساد كلفه بأن يذكر على وجه التحديد في إعلانه حاجة شركته الوهمية إلى مهندسين فنيين وعاملين في مجال خدمة العملاء، لكنه نشر إعلانا عن حاجته لعمالة مصرية فقط دون ذكر التخصص.

فقام القاضى طاهر الخولي بمواجهته بما رصدته المخابرات بالإعلان الذي صممه على موقع شركته الوهمية، وثابت فيه حاجته لمهندسي اتصالات من مصر وسوريا ولبنان، فاعترف المتهم بصحته.

وسألت النيابة المتهم عن سبب لجوء الموساد إليه رغم أنه حصل على دبلوم صنايع، فقال المتهم إن ضباط الموساد يجندون أي شخص حتى لو كان غير متعلم بحيث يحصلون منه على أي معلومات يمكن أن تفيد الموساد الذي يستطيع بالفعل الاستفادة من أي شخص.


الخروج من مصر

وقال المتهم إنه يهوى رياضة الكونغ فو، فزار الصين عام 1994 حيث التحق بمعهد لتدريبب الكونغ فو، وهناك ارتبط عاطفيا بفتاة صينية درست معه في المعهد وتبادلا أرقام الهواتف، ثم عاد إلى مصر مرة ثانية.

وأضاف أنه عمل في ناد رياضي تابع لجهة حساسة، وكان اتفاقه مع مسؤولي النادي على أن يحصل شهريا على مبلغ 20 جنيها عن كل فرد يدربه، وأحيانا كان لا يتقدم لتعلم الرياضة سوى فرد واحد، وفي أشهر الصيف كان العدد يزداد إلى خمسة أفراد فقط.

وقال: بدأت أبحث عن أي عمل يزيد دخلى، فعملت كاشيرا في مطعم بيتزا، ثم مندوبا لشركات الحاسب الآلي، وعملت كفرد أمن في عدة شركات، وكان دخلي لا يزيد على 200 جنيه مما جعل الدنيا تضيق في وجهى.

وأكد أنه بدأ مع شقيقه ومجموعة من أصدقائه في تنفيذ مشروع خاص بالبلاستيك، وحصلوا على قرض جماعي من الصندوق الاجتماعي للتنمية قيمته 200 ألف جنيه بضمان وظيفة شقيقه، وراسلوا شركة أجنبية لإمدادهم بالمواد الخام، لكنهم فوجئوا بأنهم تعرضوا لعملية نصب.

ثم أقام الصندوق الاجتماعي عدة قضايا ضدهم، وصدرت فيها أحكام بحبس شقيقه، فتلقى لوما شديدا من أسرته وحملوه مسؤولية الكارثة التي حلت بهم، فقرر ترك منزل الأسرة، وانقطعت صلته بهم وسافر للصين.


التجربة الصينية


وأوضح المتهم أنه خلال فترة العام، عاود الاتصال بالفتاة الصينية وتزوجها عرفيا نظرا لأن القانون الصيني يمنعها من التزوج بأجانب كما أنها تشغل مركزا مرموقا في الحكومة الصينية، وظل يقيم معها، وأحيانا كانت تتحمل تكاليف إعاشته، واعتنقت الإسلام.

ومع اقتراب فترة انتهاء التأشيرة، قال المتهم إنه سيطر عليه هاجس كبير من ترحيل الشرطة الصينية له مع حبسه فترة من الوقت لعجزه عن دفع مصاريف الترحيل، فأخذ يبحث عن أي فرصة عمل.


جاسوس بالصدفة

الصدفة وحدها قادته إلى أن يصبح جاسوسا لصالح الموساد، هكذا يقول طارق في اعترافاته مضيفا: كنت أتصفح في أحد الأيام المواقع الالكترونية على الانترنت، ففوجئت بإعلان تصدر عنه ومضات لموقع يدعى «سنارة» به عبارة «لو عاوز تكسب مليون جنيه ادخل الموقع»، ونظرا لحاجتي الشديدة للمال، دخلت على الموقع، ووجدته موقع الموساد الإسرائيلى، وظهرت صفحة للراغبين في الحصول على فرصة عمل، فلم أتردد في إرسال رسالة ببياناتي ورقم هاتفي في الصين، حيث كان كل همى هو توفير أيفرصة عمل تنقذني من كابوس ترحيلي من الصين إلى مصر، فأرسلت رسالة لهم، ولم أتلق أي اتصال من الموساد لبضعة شهور.

وواصل المتهم: بعد فترة تلقيت اتصالا بشخص عرف نفسه أنه ضابط بالموساد، فلم أصدق، واعتبرت أنه يمزح، ولم أصدقه، إلا أنه صمم على أنه فعلا من جهاز الموساد، وطلب مني السفر إلى دولة تايلاند لمقابلته، فأبلغته بعدم وجود أي مال معي فطلب مني توفير مصاريف السفر، وبالفعل اقترضت المبلغ من زوجتي، وسافرت إلى تايلاند، وظللت هناك 15 يوما أنتظر اتصالا من ضابط الموساد دون جدوى، حتى جاءنى اتصال منه يبلغني فيه أنه لن يستطيع القدوم إلى تايلاند، ويطلب نقل المقابلة إلى الهند، ورفض أن يتحمل الموساد تكاليف السفر.


رحلة إلى الهند

وواصل المتهم: لم يكن أمامي خيار آخر سوى السفر للهند، وعند وصولي تلقيت اتصالا من ضابط الموساد جوزيف ديمور يطلب مني التوجه لمقر السفارة الإسرائيلية في الهند.

وأضاف أن ضابط الموساد جوزيف ديمور سألني عن ظروفي الاجتماعية، وقال لي لماذا ترغب في العمل مع الموساد؟ فقلت له إنني مستعد للعمل مع أي جهة تمدني بالمال، وساعتها قال لي إن الأمر يستلزم خضوعي لجهاز كشف الكذب، فوافقت، وأنهى المقابلة بسرعة، نظرا لأنه مرتبط بموعد سفر، ولم تستمر المقابلة لأكثر من نصف ساعة، وفي نهاية المقابلة قال لي ضابط الموساد: انتظر المكالمة الثانية، ثم أمدني بجميع تكاليف سفري خلال الفترة الماضية وقدرها 1500 دولار ثم تركني دون تحديد موعد آخر وأمرني بالإقامة في أحد الفنادق وانتظار اللقاء الثاني.

وواصل المتهم في اعترافاته أنه أقام في أحد الفنادق لمدة 40 يوما على نفقة الموساد، ولم يتلق أي اتصال من الموساد، فظل يتفسح في العاصمة الهندية نيودلهى حتى أصابه الملل، وفي اليوم 41 تلقى اتصالا من ضابط الموساد بضرورة مقابلة أحد ضباط الموساد في تايلاند، فتوجه عائدا مرة أخرى إليها وهناك تلقى اتصالا من ضابط الموساد، حيث تم اللقاء في السفارة الإسرائيلية وتم إخضاعه لجهاز كشف الكذب.


صدق الخيانة

روى المتهم تفاصيل خضوعه لجهاز كشف الكذب قائلا: إنه خضع لجهاز كشف الكذب مرتين، الأولى في الصباح وتم توجيه 7 أسئلة له عن اسمه، وعائلته، وهل يحب مصر، فقال المتهم إنه يحبها، ولكن ظروفه المادية دفعته لكرهها، لأن أهم شيء بالنسبة له المال فقط.

وواصل أن ضابط الموساد ظل يعيد تكرار الأسئلة عدة مرات، مما جعل الاختبار الواحد يستغرق أكثر من 3 ساعات حيث كان الجهاز يظهر على الشاشة ذبذبات تدل على صدقه، وفي المساء تم إخضاعه لنفس الاختبار، وأثبت الجهاز صدقه.

وقال المتهم في التحقيقات إنه بنجاحي في اجتياز اختبار كشف الكذب، أبلغني ضابط الموساد جوزيف ديمور بقبول الموساد لعمله معهم مقابل راتب شهرى 800 دولار شهريا، يعادل 4 آلاف جنيه مصرى.

وواصل بأن الموساد كان ينشئ له مواقع الكترونية على الانترنت لتوظيف العمالة، وسلمه ضباط الموساد كلمات السر لفتح المواقع الالكترونية، وكان أحد المواقع مخصصا للتسويق العقاري وموقع آخر مخصص لتجارة الحلويات الشرقية، وموقع ثالث مخصص لتجارة الزيتون.

وكان أبرز موقع أسسه هو موقع اسمه اتش ار للتوظيف على الانترنت.

وأضاف أن الموساد كلفه بفتح المواقع يوميا والاطلاع على السير الذاتية المقدمة من الراغبين في العمل لترشيح من يراه صالحا للعمل مع الموساد، ثم كلفه ضباط الموساد بالتوجه إلى سوريا للقاء المتقدمين للعمل.


إعدام المسؤول السوري

وكشف المتهم في التحقيقات عن أنه نشأت بينه وبين ضباط الموساد علاقات شخصية قوية، حتى أن أحدهم يدعى أبوفادي وهو يهودي فرنسي ومسؤول عن التجسس على سوريا أبلغه في أحد اللقاءات أن الموساد جند خبيرا كيميائيا رفيع المستوى في جهاز أمني سوري، وأن الموساد يرسل للمسؤول السوري سنويا شخصا مختلفا لمقابلته والحصول على معلومات منه عن النشاط النووي والكيميائي السوري.

وقضت محكمة سورية الشهر الماضى بإعدام المسؤول السوري، فور تسلم الجانب السوري تقريرا من مصر بجميع الوثائق التى سلمها لإسرائيل التى احتفظ المتهم المصري بنسخ منها.

وقال المتهم إن ضابط الموساد أبلغه أن المسؤول السوري يعمل لصالح الموساد منذ 13 عاما، وبدأت صلة المسؤول الأمني السوري بالموساد عندما أصيب بمرض السرطان فسافر إلى فرنسا للعلاج، فدفع ضابط الموساد أبوفادي بعدد من أعوانه على المسئول الأمني السوري واستدرجوه، حيث كان مولعا بالنساء ومدمنا للكحوليات، فنظم له أفراد الموساد حفلات ماجنة وصاخبة ووجبات فاخرة، ووفروا له النساء الحسناوات، وبعدها التقى ضابط الموساد بالمسؤول السوري في باريس وأصبحا صديقين حميمين واتفقا على أن يتم إمداده بجميع المعلومات مقابل المال والنساء وضيافته في أي مكان في العالم.

وواصل المتهم المصري قائلا: في أحد الأيام تلقيت اتصالا من ضابط الموساد أبوفادي المسؤول عن النشاط الاستخباراتى في سوريا، وطلب مقابلتي في جزيرة مكاو شبه المستقلة عن الصين، وقال لي إن الموساد يرسل كل عام عميلا مختلفا للقاء المسؤول الأمني السوري، ووقع علي الاختيار لمقابلته عام 2008، فوافقت، وكتب ضابط الموساد مجموعة من الأسئلة باللغة الإنجليزية كي أوصلها للمسؤول الأمني السوري، ثم اتصل ضابط الموساد هاتفيا بالمسؤول السوري هاتفيا خلال اللقاء، وقال له إن لديه صديقا مصريا يعمل في مجال تجارة الزيتون ويرغب في مساعدتك له، وسيزور سوريا قريبا، وطلب منه انتظاري.

وبالفعل توجهت إلى مطار دمشق الدولي، وفور وصولي اتصلت بالمسؤول السوري، واشتريت له فياجرا وخمورا وإيشاربات حريمي، وقلت له عبارة: «أنا وصلت» ففهم أنني عميل من الموساد، والتقاني في ميدان عام بعدها اصطحبني إلى مقهى جلسنا فيه وسلمته الهدايا وأسئلة الموساد، فأخذ يجيب وأنا أسجل إجاباته وكانت بالإنجليزية وأحيانا كانت باللغة العربية وبها مفاهيم علمية متخصصة لم أفهمها.

ووضعت التسجيل على حاسب آلي مشفر سلمه لي الموساد، وعدت إلى ضابط الموساد وسلمته الإجابات، وبعد عدة شهور كلفني بالعودة لسوريا مرة ثانية للقاء المسئول الأمني السوري، وكتب له عدة أسئلة عن كيفية دفن النفايات النووية السورية والنفايات الطبية في المستشفيات والنفايات الكيميائية، وذلك بهدف معرفة مدى ما وصلت إليه سوريا تكنولوجيا.

فتوجهت إلى سوريا، والتقيت بالمسؤول الأمني السوري، وطلب إمهالي عدة أيام، ثم أحضر مستندات ووثائق سرية قمت بمسحها بالماسح الضوئي (سكانر)، ثم أرسلتها بالبريد الالكتروني المشفر إلى الموساد.


7 لقاءات

وأكد المتهم أنه قابل المسؤول السوري 7 مرات، وفي بعض الأحيان كان المسؤول السوري يسلمه ملفات ورقية كاملة، فيقوم بمسحها بالماسح الضوئي وإرسالها بالبريد الالكتروني إلى الموساد أو من خلال الحصول على نسخة من الأوراق أو يكتب له الإجابات على ورق معالج بالحبر السري.

وقال المتهم إن المسؤول الأمني السوري طلب منه إبلاغ ضباط الموساد بضرورة زيادة راتبه حيث كان يتقاضى 20 ألف دولار سنويا، واعتبر أن ذلك مبلغ ضئيل مقابل ما يقدمه للموساد من معلومات في غاية السرية.

وقال المتهم إنه تم تكليفه بإنشاء موقع الكتروني يطلب فيه عمالة سورية من الطائفة العلوية فقط التي ينتمي لها الرئيس السوري بشار الأسد، وبالفعل تقدم المئات بسيرهم الذاتية وأدخلوها في الموقع.


مهمة في جنوب أفريقيا

كشف المتهم بالتجسس النقاب عن أن الموساد كلفه كذلك بالاتصال بشخصية من جنوب أفريقيا تجمع التبرعات لصالح الشعب الفلسطيني، حيث اتصل المتهم بالتجسس به هاتفيا، فوجده يتحدث اللغة الانجليزية، ولا يجيد التحدث باللغة العربية، فطلب منه المتهم التحدث إليه في وقت آخر بمعاونة صديق يجيد اللغة الإنجليزية.

وأضاف المتهم في اعترافاته أنه استعان بضابط الموساد إيدى موشيه الذي أصيب بشظية في حرب جنوب لبنان استقرت في ساقه، ولم يستطع الأطباء استخراجها منه، مما يجعل بوابة كشف المفرقعات تعطى تحذيرا كلما حاول المرور منها، وفقا لروايته للمتهم.

واتصل ضابط الموساد موشيه بالشخصية، وأبلغها أنهما عربيان يقيمان في هونج كونج ويجمعان تبرعات لصالح الفلسطينيين ويرغبان في التعاون المشترك، وعرضا عليه زيارة هونج كونج لكنه رفض، وطلب منهما الحضور إليه في جنوب أفريقيا، فأرسل له الموساد عددا من عملائه وقابلوه.

وقال المتهم إنه لا يعرف على وجه التحديد ما إذا كان الموساد قد نجح في استدراج الشخصية المستهدفة من عدمه.

وكشف المتهم أن الموساد فشل في تجنيد شارل أيوب رئيس تحرير صحيفة الديار اللبنانية، حيث كلفه الموساد بدعوته لزيارة الصين لتسجيل برنامج وثائقي عن الصراع العربي الإسرائيلي، لكن شارل رفض وأصر على أن يتم تسجيل اللقاء في لبنان.

التعليقات