دمشق تشهد المظاهرات الأكبر ردّا على "حرب المساجد"، والداخلية تحذر أهاليها

حذرت وزارة الداخلية السورية سكان دمشق يوم السبت، وطالبتهم بعدم التظاهر "حرصا على سلامتهم"، بعد بعض من أشد الاحتجاجات في العاصمة منذ بداية الثورة قبل ستة أشهر ضد حكم الرئيس بشار الأسد.

دمشق تشهد المظاهرات الأكبر ردّا على

حذرت وزارة الداخلية السورية سكان دمشق يوم السبت، وطالبتهم بعدم التظاهر "حرصا على سلامتهم"، بعد بعض من أشد الاحتجاجات في العاصمة منذ بداية الثورة قبل ستة أشهر ضد حكم الرئيس بشار الأسد.

وجاء في بيان لوزارة الداخلية، نشرته وسائل الاعلام الرسمية: "تهيب وزارة الداخلية بالاخوة المواطنين عدم الاستجابة لدعوات في مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في مسيرات أو تجمعات في الساحات العامة بدمشق، وذلك حرصا على سلامتهم."

وانتقدت دمشق "حالة التجييش الإعلامي" التي قامت بها بعض المحطات الفضائية، ودعوتها إلى التظاهر والتوجه إلى الساحات العامة وسط دمشق.

ودعت عدة صفحات على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ومنها صفحة "الثورة السورية"، وصفحة "اتحاد تنسيقيات الثورة السورية"، و"شبكة شام"، المحتجين، إلى التظاهر السبت في "زلزال الشام"، كما دعت لجان التنسيق المحلية إلى مظاهرات وإضراب عام السبت بكل أنحاء سوريا.

كما دعا اتحاد تنسيقيات الثورة ولجان التنسيق المحلية سكان العاصمة، للنزول إلى الشوارع بسياراتهم، لعرقلة تحركات الأمن.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، نقلا عن شهود، إن مزيدا من المظاهرات خرجت في دمشق مساء الجمعة وصباح السبت، وكانت أكبر مظاهرات منذ بدء الاحتجاجات على حكم الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس/ آذار.

وقال شهود وناشطون، إن القوات السورية أطلقت الذخيرة الحية لمنع آلاف المحتجين من القيام بمسيرة إلى وسط دمشق من الأحياء الشرقية، في وقت سابق يوم السبت، مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص على الأقل بجروح شديدة.

وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن صوت الرصاص سُمع في أحياء عدة في دمشق، وخاصة الميدان، والقدم، والحجر الأسود، ونهر عيشة، والدحاديل، والزاهرة، والقاعة، كما أطلقت النار بكثافة على متظاهرين في حي القابون.

مقتل 6 أشخاص على الأقل وجرح العشرات في مظاهرات السبت

هذا وحاصر الأمن السوري بلدة سقبا في ريف دمشق، وطوق متظاهرين في حرستا، كما أرسل تعزيزات إلى محيط الرستن بحمص، وكان ستة أشخاص على الأقل قد قتلوا في دمشق، والقصير بحمص، واللاذقية، وكفر نبل بإدلب، وحرستا، وإدلب، خلال مشاركة الآلاف بمظاهرات جديدة للمطالبة بإسقاط النظام، بعد اقتحام الأمن لعدد من المساجد.

وقتل شخصان عندما أطلقت قوات الأسد ذخيرة حية لتفريق متظاهرين تدفقوا من مساجد في مدينة القصير وميناء اللاذقية، بعد أداء صلاة التراويح ليلة السابع والعشرين من رمضان.

وأشار المرصد أيضا، إلى أن مدنيا قتل وأصيب خمسة آخرون بجروح، برصاص الأمن، عندما حاول تفريق مظاهرة خرجت فجر السبت في بلدة كفرنبل في محافظة إدلب (شمال غرب).

وفي بلدة كفرومة بمحافظة إدلب أيضا، أكد المرصد أن 13 شخصا جرحوا، بعضهم إصابته خطيرة، وذلك عندما أطلقت قوات الامن الرصاص بشكل كثيف على مشاركين في تشييع قتيل سقط الجمعة.

كما أطلقت النيران على المتظاهرين وفي شارع الملعب في حمص، مما أدى إلى وقوع إصابات، واقتحمت قوات الأمن السورية والشبيحة بلدة نيرب سرمين.

قتيل وجرحى وتخريب في اقتحام لمسجد الرفاعي بكفرسوسة

وأضاف المرصد أن مواطنًا قتل وأصيب عشرة آخرون، بعد مهاجمة الأمن و"الشبيحة" مصلين حاولوا التظاهر مع انتهاء صلاة التهجد قرب الفجر في مسجد الرفاعي بحي كفرسوسة في دمشق حيث يوجد المقر الرئيسي للشرطة السرية.

وأفادت الروايات بأن المصلين خرجوا للتظاهر من الجامع، إلا أن الأمن تعرض لهم فعادوا أدراجهم إليه، واعتصموا فيه، إلا أن قوات الأمن اقتحمت الجامع واعتدت بالضرب على المعتصمين.

وذكر شيخ يعيش في المنطقة أن أفراد الأمن اعتلوا السطح، وبدؤوا إطلاق النار من بنادق آلية لترهيب الحشد، مما أدى إلى إصابة نحو عشرة أشخاص، بينهم اثنان أصيبا في الرقبة والصدر.

وقال اتحاد تنسيقيات الثورة، إن قوات الأمن اقتحمت المسجد وأطلقت النار بشكل كثيف حول المسجد الذي تم الاعتداء على إمامه، الشيخ أسامة الرفاعي، بالضرب، ونقل إثر ذلك إلى المستشفى لتلقي العلاج، وقد احتاج العديد من الغرز في رأسه.

وتوجهت مظاهرة إلى مستشفى الأندلس حيث يعالج الشيخ الرفاعي، واشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن.

وكان الشيخ الرفاعي قد قال في خطبة له الشهر الماضي، بثها ناشطون على الإنترنت، إن إجبار المعتقلين من بعض رجال الأمن والمحققين على تأليه الأسد والسجود على صورته لعبٌ بالنار.

وقال عضو تجمع أحرار دمشق وريفها، بشير الدمشقي، إن الأمن والشبيحة اقتحموا المسجد من طابقه العلوي بعد محاصرته، ورغم تقديمهم وعودا للشيخ أسامة بإخراج المصلين من الباب الخلفي، فإن المصلين فوجئوا بالهجوم عليهم وإطلاق الرصاص.

وأوضح الدمشقي أن عناصر الأمن والشبيحة عاثوا خرابا في المسجد، ومزقوا المصاحف، وانهالوا بأقذع الشتائم على المصلين وعلماء الدين، واعتقلوا عددا كبيرا من المصلين، كما فضوا بالقوة اعتصاما في ساحة كفر سوسة، ضم نساء طالبن بالإفراج عن ذويهم المعتقلين، والذين كانوا محاصرين في المسجد.

"حرب المساجد"

وفي السياق أيضا، اقتحمت القوات الامنية مسجد العزيز بحي الميدان، ومسجد سعد بن معاذ بحي المالكي.

وخارج محيط مسجد مصعب بن عمير، اعتقلت قوات الأمن عددًا كبيرًا من المصلين، وانتشرت عناصر القناصة على الأسطح المحيطة بالجامع، ، كما أطلقت قوات الأمن النار خلال محاصرتها جامع القزازين وسط العاصمة دمشق.

وأفاد ناشطون أن قوات الامن السورية حاصرت مسجد زيد بن ثابت في دمشق، كما بث على الإنترنت صورا لمسجد الرفاعي وهو يهاجم من الأمن والشبيحة بعد محاصرته، وأظهرت التسجيلات عشرات المتظاهرين يرددون في باحة المسجد هتافات مناهضة للنظام، وقال أحد من كانوا موجودين في عين المكان، إن الأمن اقتحم سطح الجامع وطابقه العلوي.

ونشر ناشطون على الانترنت صورا قالوا إنها لتعزيزات عسكرية تهدف لمنع توجه أهالي زملكا بريف دمشق إلى ساحة العباسيين بوسط العاصمة، للتظاهر ضد النظام، عقب اقتحام قوات الأمن مسجد الرفاعي.

يُذكر أن حدة الاعتداءات الأمنية على المساجد في سوريا شهدت ارتفاعا منذ بدء شهر رمضان، الذي شهد أيضا تصاعدا في أعداد القتلى والجرحى من الشعب، وتجدر الإشارة هنا إلى قصف تعرضت له مئذنة مسجد عثمان بن عفان في دير الزور، وإطلاق الرصاص على مساجد في حمص.

المظاهرات الأكبر في دمشق

وإثر ورود أنباء الاعتداء على المساجد بدمشق، وخاصة مسجد الرفاعي، خرجت مظاهرات من عدة أحياء بالعاصمة ومدن بريف دمشق، محاولة الوصول إلى ساحتي العباسيين والأمويين فيها، لكن الوجود الأمني المكثف حال دون وصول المتظاهرين إلى وجهتهم.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن دمشق شهدت السبت عددا كبيرا من المظاهرات، انطلقت من معظم أحيائها، كالصالحية، وميسلون، والميدان، وبرزة، والمالكي، والزاهرة، والمجتهد، كما خرجت مظاهرات في ريف دمشق، منها عربين، وزملكا، ودوما، وكفر بطنا.

كما خرجت مظاهرة قرب مستشفى المجتهد بوسط العاصمة، وفق لجان التنسيق المحلية، التي أشارت إلى تجمع متظاهرين في حي ركن الدين بدمشق، وأشار نشطاء إلى إطلاق نار كثيف وقنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين بساحة كفر سوسة.

من جهته، تحدث الاتحاد عن "خروج المئات في مظاهرة في حي ركن الدين بدمشق، قام الأمن بقمعها، كما خرجت مظاهرات في ريف دمشق، كان أكبرها في الزبداني ومضايا."

وفي سياق متصل، قال الناشط السياسي عبد الله الدوماني وفقا للجزيرة، إن مظاهرة خرجت من بلدة دوما باتجاه دمشق، لكن عشر حافلات من "الشبيحة" قامت بإطلاق نار عشوائي وكثيف على المتظاهرين، مما حال دون وصولهم إلى العاصمة.

في غضون، ذلك دعا المنسق العام للقوى الوطنية السورية، ثائر الناشف، المجتمعيْن العربي والدولي، إلى التدخل من أجل حماية الشعب السوري "الذي يذبح على يد النظام".

وأضاف الناشف أنه "إذا كان العرب لا يريدون التدخل، فإن الشعب السوري يطالب بمنطقة حظر جوي، لأن النظام استعمل كافة أسلحته البرية والبحرية، ولم يبق سوى الطيران الحربي، وطالب بتأمين منطقة عازلة آمنة لحماية الشعب السوري "المشرد على حدود بلده".

مظاهرات في أنحاء سوريا نصرة لكفرسوسة بدمشق

وتضامنا مع اقتحام مسجد الرفاعي وغيره من المساجد، قال ناشطون إن مظاهرات خرجت بكل مناطق حمص، وحماة، وحلب، نصرة لكفر سوسة، وقد داهم الأمن أحياء في حمص بعد تلك المظاهرات وفق المصاد نفسها.

وفي هذا السياق، خرجت مظاهرات من عدة مدن بريف دمشق، منها عربين، والكسوة، وجوبر، وزملكا، وكفر بطنا، لنصرة كفر سوسة وفق ناشطين.

وعززت السلطات قواتها الأمنية والعسكرية في مدن وبلدات ريف دمشق، ولاسيما دوما، ، وقارة، وحرستا، حيث نصبت عناصر الأمن كمائن للمتظاهرين منعا لوصولهم إلى ساحتي الأمويين والعباسيين في وسط دمشق.

وكانت المظاهرات التي شهدتها بلدتا سقبا وحمورية بريف دمشق هي الأقوى، حيث تواصل سعيها للوصول إلى وسط دمشق.

وأفاد ناشطون أن شخصا قتل وأصيب آخرون برصاص الأمن والشبيحة في بلدة مارع في مدينة حلب، كما قال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن إطلاق نار متقطعا وقع إثر اقتحام الجيش والشبيحة بلدة سراقب بإدلب.

وفي مدينة إعزاز بحلب، أطلقت قوات الأمن والشبيحة النار على المتظاهرين لتفريقهم، بحسب رواية ناشطين معارضين.

وخرج أهالي منطقة مدينة الزبداني، بريف دمشق، في مظاهرة صباح اليوم، تضامنًا مع كفر سوسة وباقي المدن، كما تظاهر أهالي مدينة إدلب عقب صلاة الفجر تضامنًا مع كفر سوسة، وهتفوا مطالبين بالحرية.

محافظة درعا

وشهدت قرى ومدن محافظة درعا، مظاهرات مسائية مناهضة للنظام، تطالب برحيل بشار الأسد، وخاصة في كفر شمس وبصر الحرير

وفي بلدة مليحة العطش بدرعا، انطلقت بعد صلاة التراويح مظاهرة للمطالبة برحيل النظام السوري، ولمؤازرة أهالي كفرسوسة في دمشق.

كما  شهدت أرجاء مختلفة من محافظة حمص مظاهرات مسائية تطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد، حيث خرج متظاهرون في حي القصور، ومنطقة الحولة، ومدينة القريتين، كما جاء في صور بثها ناشطون على الإنترنت.

هذا وكانت لجان التنسيق المحلية قد دعت إلى مظاهرات وإضراب عام السبت، بكل أنحاء سوريا، بعد يومٍ دامٍ أطلق عليه "جمعة الصبر والثبات"، وقتل فيه وفق ناشطين 12 شخصا على الأقل، بينهم طفل بريف دمشق، وخمسينيٌ قضى تحت التعذيب في إدلب.

وسقط قتلى الجمعة في نوى، ودير الزور، ومعرة النعمان، وإدلب، وحمص.

وكانت أضخم المظاهرات تلك التي وقعت في حمص، ودير الزور، والقامشلي، وبأحياء في دمشق ومحيطها.

وردد المتظاهرون هتافات ربطت بين سقوط القذافي وأملهم في مصير مماثل يلقاه الأسد ونظامه، الذي يتحدث عن "جماعات اسلامية متطرفة" قتلت منذ مارس/ آذار الماضي نحو خمسمائة من الأمن، بينهم عنصران لقيا مصرعهما أمس في دير الزور، وفق التلفزيون الرسمي عندما هاجم مسلحون نقطة مراقبة.

وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبد الرحمن، الجمعة، عن 1927 مدنيا، و447 من قوى الأمن، قتلوا منذ منتصف مارس/ آذار.

الجزائر: "الاستبشار بسقوط بشار"

في الجزائر، نظمت التنسيقية الجزائرية لدعم الثورة في سوريا، وتضم ناشطين جزائريين وسوريين، وقفة تضامنية السبت أمام السفارة السورية بالعاصمة الجزائرية، أطلقت عليها اسم وقفة "الاستبشار بسقوط بشار".

وقال الناشط الحقوقي محمد ناجي عزو، عضو المنظمة العربية لحقوق الانسان، والمنظمة الوطنية السورية لحقوق الانسان: "إننا نطالب بإسقاط النظام ومحاكمة الأسد وقادته العسكريين والأمنيين".

وأضاف: "إننا ندعو لوقف حمام الدم، وضرورة أن تؤازر الحكومة الجزائرية الشعب السوري، لأن موقفها من الثورة غير واضح".

روسيا ترسل مبعوثًا رفيع المستوى إلى سورية قريبا

دوليا، أعلن فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن بلاده باشرت بتطبيق مبادرة دبلوماسية خاصة بها، من أجل وقف العنف في سورية، وأضاف أن مبعوثا روسيا رفيع المستوى سيزور دمشق يوم 29 أغسطس/آب.

ونقلت وكالة "إيتار-تاس" الروسية عن مصادر دبلوماسية، ترجيحها أن يكون الحديث يدور عن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الذي قد بحث الوضع في سورية مع السفير السوري الجديد في موسكو، رياض حداد، يوم الجمعة الماضي.

وقال فيتالي تشوركين تعليقا على توزيع مسودة قرار دولي بشأن سورية، وضعته البعثة الروسية على أعضاء مجلس الأمن الدولي: "تبحث روسيا عن سبل لإخراج سورية من الأزمة.. نحن قلقون جدا من الأحداث الجارية، وقد تساعد إجراءات معينة يتخذها مجلس الأمن، إذا كان المجلس يحث الأطراف في الاتجاه الصحيح".

وتزامنا مع الخطوة الروسية، قامت الولايات المتحدة و3 من الدول الأوروبية بطرح مشروعها للقرار بشأن سورية بشكل رسمي على مجلس الأمن، علما بأن روسيا والصين قد تعهدتا باستخدام حق النقض لإسقاطه، ويدعو المشروع الغربي لفرض عقوبات دولية على سورية، في حين يحث المشروع الروسي القيادة السورية على تنفيذ الاصلاحات، ويطالب بوقف العنف، والتوصل إلى حل للأزمة عن طريق الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة.

التعليقات