سقوط المحتجين يتواصل بسوريا في جمعة "ماضون حتى إسقاط النظام"

قوات الجيش تقتل ستة مزارعين خلال ملاحقتها لمنشقين عن الجيش في محافظة درعا * مظاهرات حاشدة في مختلف أنحاء سوريا * مصدر سوري رسمي: 4000 تظاهروا الجمعة في سوريا دون قتلى أو جرحى * 3200 قتيلاً سوريًّا إلى جانب الآلاف من الجرحى والمعتقلين

سقوط المحتجين يتواصل بسوريا في جمعة

أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض، أن 19 شخصًا قُتلوا اليوم الجمعة، فيما سُمي "جمعة ماضون حتى إسقاط النظام"، مع دخول الاحتجاجات في سوريا شهرها السادس، فيما أكد مصدر سوري رسمي رفيع، عدم سقوط أي قتيل أو جريح بين المتظاهرين الذين لم يتجاوزا حسبه 4000 شخص في جميع أنحاء سورية.

وقال المرصد ومقره بريطانيا في بيانات: "إن 9 مواطنين استُشهدوا في محافظة إدلب، اثنان منهم في قرية سرجة اعتُقلا صباح اليوم، وعُثر على جثتيهما لاحقًا في أراضي القرية، وشهيد في قرية كنصفرة كان اعتُقل أمس، وشهيد في قرية كفرعويد، سقط إثر إطلاق رصاص من الأمن، وخمسة شهداء في قرية جوزف، كانوا اختفوا أمس وعُثر على جثامينهم اليوم في الأحراج".

وقال نشطاء إن معظم قتلى يوم الجمعة سقطوا في الريف حول حماة، وفي جبل الزاوية، وهي منطقة تقع بالقرب من تركيا، وشهدت المنطقتان عملية عسكرية كبيرة الأسبوع الماضي.

وقال المرصد "إن خمسة شهداء سقطوا بريف حماة خلال عمليات مداهمات وملاحقات أمنية، وشهيدين في مدينة حمص سقطا بإطلاق رصاص بعد المظاهرات، كما أُعيد شهيد اليوم إلى ذويه بعد اختفاء استمر شهرين، وتوفي شهيد متأثرًا بجراح كان أُصيب يوم أمس، كما سقط شهيد بحي نهر عائشة بدمشق".

وأضاف النشطاء أن محتجين قتلوا أيضا على مشارف دمشق، وبينهم طفل يبلغ من العمر 12 عاما، وفي حمص الواقعة على بعد 165 كيلومترا الى الشمال.

وذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا، أنه إذا ما احتسب عدد الذين قتلوا اليوم من المتأثرين بجراح أصيبوا بها في وقتٍ سابق، فإن عدد قتلى اليوم الجمعة يصل إلى 27 شخصًا.

وقال مسؤولون أتراك، إن عمليات القوات السورية في الشمال، أدت إلى عودة تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، وقال الجيش اللبناني إن القوات السورية توغلت لمسافة 200 متر داخل أراضي لبنان لمطاردة فارين، وذكرت مصادر لبنانية أن مواطنا لبنانيا أصيب في إطلاق النار.

نشطاء: قوات الجيش تقتل ستة مزارعين خلال ملاحقتها لمنشقين عن الجيش في محافظة درعا

وهذه الحصيلة مرشحة للازدياد، مع نشر شهادات لمواطنين سوريين ونشطاء، عن أن قوات الجيش قتلت ستة مزارعين عندما داهمت قرية في محافظة درعا في جنوب البلاد اليوم الجمعة، ضمن عمليات عسكرية متصاعدة تعقبا لمنشقين عن الجيش.

وأضافوا أن الهجوم الذي بدأ قبل صلاة الجمعة مباشرة في قرية بصرى الحرير، قبالة الطريق السريع المؤدي للأردن، جاء عقب اشتباكات دارت ليلة الجمعة قرب القرية بين منشقين وقوات موالية للأسد، مضيفين أن مئذنة مسجد سقطت بعدما أصيبت بنيران دبابة.

وقال مزارع من المنطقة، طلب عدم الكشف عن اسمه: "القتلى الستة أبناء عمومة، وينتمون لعائلة الحريري.. هناك نحو 400 منشق عن الجيش في المنطقة، وكان بعضهم مختبئين في القرية."

وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) الرسمية، إن "قوات حفظ النظام في بصرى الحرير بدرعا تعرضت لهجوم من مجموعات مسلحة من جهات عدة، بينها إطلاق نار من مئذنة أحد الجوامع في المنطقة، ما أسفر عن استشهاد عنصر وإصابة أربعة آخرين."

مظاهرات حاشدة في مختلف أنحاء سوريا

وأشار إلى "أن تظاهرات انطلقت اليوم في حي البياضة، وحي دير بعلبة، وفي القصور بمدينة حمص، حيث تجمع المتظاهرون بأعداد كبيرة من عدة مساجد، كما خرجت مظاهرة في باب الدريب، وهو الحي الذي شهد حملة أمنية وحملة اعتقالات واسعة خلال أيام الأسبوع الماضي، فيما شهد حي الحمرا مظاهرة حاشدة انطلقت من جامع عمر بن الخطاب، رغم التواجد الامني الكثيف".

وقال المرصد: "إن عدة مظاهرات خرجت من المساجد في منطقة الغوطة بمدينة حمص، وتجمعت في أحد الشوارع الرئيسية، فيما شهد حي بابا عمرو مظاهرة حاشدة ضمت الآلاف هتفوا بإسقاط النظام، وخرجت مظاهرة كبيرة في جورة الشياح، انطلقت من مسجد الحي، ومظاهرة في حي كرم الزيتون الذي شنت قوات الأمن فيه قبل يومين حملة اعتقالات مكثفة، كما شهد حي النازحين المجاور مظاهرة نادت بإسقاط النظام".

وأضاف "أن الآلاف تظاهروا في بلدة الرستن بمحافظة حمص منادين بإسقاط النظام، كما شهدت تلبيسة مظاهرة حاشدة في منطقة المسجر الجنوبي، حيث تعرض المتظاهرون لإطلاق النار الكثيف من القوات الأمنية المتواجدة هناك، مما تسببب بسقوط جرحى".

وقال المرصد: "إن قوات الأمن والشبيحة أطلقت الرصاص الحي في الهواء بقصد ترهيب الناس بعد صلاة الجمعة، أمام معظم مساجد مدينة اللاذقية، وقامت عناصر المخابرات باقتحام جامع الفارس في داريا بريف دمشق، وأطلقت الرصاص الحي لتفريق المعتصمين وملاحقتهم، كما أطلقت قوات الامن رصاصًا كثيفًا لتفريق متظاهرين خرجوا من مسجد الروضة بحي الجبيلة في محافظة ديرالزور"؛ ولم يذكر المرصد اسم أي قتيل.

مصدر سوري رسمي: 4000 تظاهروا الجمعة في سوريا دون قتلى أو جرحى

وتأتي أرقام المرصد مغايرة لما أعلنه مصدر رسمي سوري رفيع وفقًا ليونايتد برس انترناشونال، الذي أفاد بعدم سقوط أي قتيل في سورية اليوم من بين المتظاهرين، الذين قال إن عددهم لم يتجاوز 4000 متظاهر.

وقال المصدر الرسمي إن قتيلا من قوات حفظ النظام سقط في بلدة بصرى الحرير في محافظة درعا، وإن مخيم خربة الجوز في محاظة إدلب الذي أقامه مسلحون قرب الحدود التركية قد تمت إزالته.

وأضاف أن مجموع المتظاهرين في أرجاء سورية اليوم الجمعة لم يبلغ 4000 آلاف شخص، لم يقتل أو يجرح أحد منهم.

وتابع المصدر إن "شهيدًا و8 جرحى من قوات حفظ النظام سقطوا اليوم في هجوم شنه مسلحون من عدة جهات، ومن مئذنة جامع بلدة بصرى الحرير"، وتابع أن " اسم الشهيد هو إسماعيل العايد، وهو صف ضابط ومن محافظة درعا" جنوب سورية.

"قوات حفظ النظام تداهم مخيّمًا أقامه مسحلون على الحدود مع تركيا"

من جهة ثانية، قال المصدر إن قوات حفظ النظام داهمت مخيمًا كان المسلحون قد أقاموه في بلدة خربة الجوز بمنطقة جسر الشغور على الحدود مع تركيا، وحصلت اشتباكات معهم، "وتم قتل عدد منهم، فيما ألقي القبض على مجموعة أخرى سلمت نفسها، وفرّ حوالي 20 مسلحًا إلى داخل الأراضي التركية"، وتابع أنه عثر في المخيم على "40 سيارة، منها 30 سيارة حكومية مسروقة".

وقال إن المئات من المتظاهرين خرجوا في مدينة حمص وسط البلاد، فيما خرج نحو 1000 متظاهر في مدينة الرستن التابعة للمحافظة نفسها، من دون أي إشكال بينهم وبين القوات الحكومية، مضيفًا أن أي مظاهرة لم تخرج في مدينة حماه وسط البلاد، كما شهدت القامشلي شرق البلاد خروج المئات في مظاهرة سلمية.

كما أكد المصدر خروج مئات المتظاهرين في أماكن متفرقة من محافظة إدلب غرب سورية، من دون وقوع اشتباكات مع قوات حفظ النظام، مشيرا إلى خروج حوالي 500 متظاهر بالكسوة قرب دمشق، بينهم ملثمون أطلقوا النار باتجاه القوى الأمنية، من دون وقوع أي إصابات.

3200 قتيلاً سوريًّا إلى جانب الآلاف من الجرحى والمعتقلين

وحول ضحايا آلة قمع النظام السوري للمجتجين، أعلن موقع "شهداء سوريا" الالكتروني، المتخصص بإحصاء عدد قتلى المظاهرات في سوريا، أن حصيلة ستة أشهر من الاحتجاجات ضد النظام في دمشق بلغت أكثر من 3200 قتيل، ناهيك عن آلاف الجرحى والمعوقين والمعتقلين والنازحين.

وبحسب الأرقام التي أعلنها الموقع، والذي يعرف نفسه بـ"قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية"، فإن ضحايا ستة أشهر على الثورة السورية التي انطلقت في  15 مارس/آذار حتى التاسع من الشهر الجاري، بلغ 3272 قتيلا، بينهم 198 طفلا و143 امرأة.

وتتصدر محافظة حمص لائحة المحافظات من حيث أعداد القتلى، بـ915، تليها درعا وإدلب بـ677 و423 قتيلا على التوالي.

أما بشأن أيام الجمعة التي باتت تشكل حجر الزواية لثورات الربيع العربي، جاءت "جمعة العشائر" في 10/6/2011 في المرتبة الأولى، بـ209 قتلى، أما الأشهر الأكثر دموية، فكان أبريل/نيسان، حيث سقط في "جمعة الغضب" في التاسع والعشرين منه 163 قتيلا، وفي "الجمعة العظيمة" في الثاني والعشرين منه سقط 153 قتيلا، وفي أول أسبوع منه "بجمعة الصمود" قتل 74 شخصا.

ورغم أن الحراك الثوري والتغطية الاعلامية دائما ما يركزا على أيام الجمعة، فإن أرقام هذا الموقع المتخصص تشير إلى أن القتلى يسقطون بشكل شبه يومي وبالعشرات، حيث تظهر احصائيات الموقع أنه في "أحد مجزرة دير الزور"، في السابع من أغسطس/آب، قتل 144 شخصا، وفي "أحد مجزرة هلال رمضان"، نهاية يوليو/تموز، سقط 140 قتيلا.

معوقون ومعتقلون ونازحون

في المقابل، أعلنت دمشق، التي تتهم "عصابات مسلحة" بقتل المدنيين والعسكريين السوريين، على لسان بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، من موسكو، أن أعداد القتلى لا تتجاوز 1400 قتيل، 700 من رجال الأمن ومثلهم من "المتمردين".

كما أشارت لجان التنسيق المحلية، نقلا عن مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، إلى أن بين القتلى منذ انطلاق الاحتجاجات 481 عسكريا، لم تذكر كيف قتلوا، إضافة لنحو 2500 مدني، حتى شهر أغسطس/آب الماضي.

وبين الأرقام الرسمية و"الثورية"، تأتي أرقام مفوضية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، لتشير إلى أن عدد القتلى بلغ 2600 قتيل حتى الحادي عشر من الشهر الجاري.

كما سقط آلاف الجرحى والمعوقين بسبب القمع والتعذيب الممنهج الذي تمارسه قوات الأمن والشبيحة ضد المتظاهرين.

العمليات الأمنية والاقتحامات التي نفذتها القوات السورية صاحبتها حملات دهم واعتقالات، حيث بلغ عدد المعتقلين سبعين ألفا منذ بداية الأحداث، بقي منهم 15 ألفا، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.

فيما قدر مركز توثيق الانتهاكات في سوريا عدد المعتقلين بعشرات الآلاف، وثق المركز أسماء 9885 منهم، من بينهم 107 نساء ومئات الأطفال والفتية الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد.

يضاف إلى كل هذه الحصيلة آلاف النازحين واللاجئين داخل وخارج سوريا الذين فروا إلى تركيا ولبنان.

بريطانيا تجدد دعوة الرئيس السوري لوقف العنف والتنحي

كما جدد وزير الخارجية البريطانية، وليام هيغ، اليوم الجمعة، دعوة بشار الأسد إلى وقف العنف والتنحي، وأكد أن بلاده ستواصل العمل مع شركائها ومن خلال الأمم المتحدة لدعم تطلعات الشعب السوري.

وقال هيغ: "شاهدنا على مدى الأشهر الستة الماضية أن المظاهرت السلمية عبر سوريا تواجه بالانتقام المنظم من النظام السوري، وكان رده عليها عنيفًا ودمويًّا، وقام بمحاصرة البلدات والمدن، فيما صار الاعدام التعسفي، والتعذيب، واحتجاز الآلاف، شيئًا مألوفًا".

وأضاف أن "الوحشية اتسعت لتطال النساء، والأطفال، والمسنين، والناشطين المسالمين البارزين بمجال حقوق الإنسان، مثل غياث مطر، الذي قُتل هذا الأسبوع، وعماد أبو زيتونة، ويحيى شربحي، اللذين ما زالا قيد الاعتقال التعسفي".

وتابع وزير الخارجية البريطاني: "الشعب السوري يطالب بالاصلاح السلمي، وأظهر الربيع العربي أن التطلع العالمي للمجتمعات المفتوحة، والحريات السياسية، والحكومة الشفافة الخاضعة للمساءلة، لا يمكن قمعه، والرئيس الأسد وأركان نظامه يخدعون أنفسهم إذا كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون وقف هذا المد".

وقال هيغ: "مرة أخرى أدعو الرئيس الأسد لوقف العنف والتنحي، حتى يمكن البدء بإصلاحات ذات مصداقية، وسنواصل العمل مع شركائنا ومن خلال الأمم المتحدة لدعم تطلعات الشعب السوري."

التعليقات