العراق: نحو ألفي الشهر الماضي... والبرلمان يفشل في انتخاب رئيس له

فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى، اليوم الثلاثاء، في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات، في وقت تقاتل البلاد لوقف زحف مسلحين معارضين وجهاديين باتوا يحتلون أجزاءً واسعة منها.

العراق: نحو ألفي الشهر الماضي... والبرلمان يفشل في انتخاب رئيس له

أحمد الجلبي وعادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري ويعدون مرشحين محتملين لرئاسة الحكومة (أ ف ب)

فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى، اليوم الثلاثاء، في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات، في وقت تقاتل البلاد لوقف زحف مسلحين معارضين وجهاديين باتوا يحتلون أجزاءً واسعة منها.
 
وفي ظل الأزمة السياسية الراهنة، قتل في أعمال العنف في العراق في شهر حزيران (يونيو) المنصرم 1922 شخصا ما يجعله الشهر الأكثر دموية في البلاد منذ أيار (مايو) 2007 حين قتل 2124 شخصًا، بحسب ما أظهرت أرقام حكومية أمس الاثنين.
 
ورغم ان مسألة تشكيل حكومة جديدة وإمكانية بقاء نوري المالكي على رأسها لولاية ثالثة بدت في الأسابيع الماضية وكأنها أكبر تحديات البرلمان الجديد، إلا أن فشل الالتزام بالدستور اليوم والتفسيرات المتناقضة له أظهروا أن الخلاف السياسي أعمق من ذلك.
 
وينص الدستور العراقي على أن "ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسًا، ثم نائبًا أول ونائبًا ثانيًا، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر"، من دون أن يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى. ورغم إنه ليس مذكوراً في الدستور، إلا أن العرف السياسي السائد في العراق ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعيًا، ورئيس البرلمان سنيًا، ورئيس الجمهورية كرديًا.
 
وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس الجلسة لكونه أكبر الأعضاء سنًا بعد تشاوره بشكل علني مع نواب قدموا تفسيرات متناقضة للدستور "تعقد جلسة الأسبوع القادم إذا ما توفرت إمكانية للاتفاق"، مضيفًا أن موعد الجلسة المقبلة سيكون الثامن من تموز (يوليو) الحالي.
 
وكانت الجلسة التي حضرها المالكي وقياديون آخرون بينهم رئيس "الائتلاف الوطني" إبراهيم الجعفري ورئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، بدأت بأداء اليمين الدستورية التي تلاها الحافظ على النواب، ورددها النواب من بعده. ثم تلت النائب الكردية الا طالباني اليمين الدستورية باللغة الكردية ليرددها من بعدها النواب الأكراد في البرلمان.
 
وقال الحافظ إنّ 255 نائبًا حضروا الجلسة من بين 328 نائبًا، معلنًا بذلك تحقق النصاب القانوني وبدء عملية اختيار رئيس المجلس النيابي الجديد. وطلبت النائب الكردية، نجيبة نجيب، التحدث فدعت رئيس الوزراء إلى "فك الحصار" عن إقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بحكم ذاتي عبر دفع المستحقات المالية للإقليم من الموازنة العامة والمجمدة منذ أشهر.
 
وما أن تدخل الحافظ ليبلغ النائب الكردية بأن هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه فقط، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي إلى منظمة "بدر": "تريدون أن نفك الحصار عن داعش؟"، في إشارة إلى تنظيم "الدولة الاسلامية". وانسحب ستة نواب من الجلسة في أعقاب هذه التصريحات
 
ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي إلى "دولة القانون" بزعامة المالكي ليقول إن رئيس أقليم كردستان "مسعود بارزاني أكبر عميل وخائن. تصدرون النفط إلى إسرائيل وتنزلون العلم العراقي. سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الأزمة". وأعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة.
 
وعاد إلى القاعة بعد انتهاء الاستراحة 175 نائبًا، لتعصف بها فوضى عارمة، حيث قال نواب أن النصاب لم يتحقق إذ أن عدد النواب الحاضرين أقل من الثلثين، فيما قال نواب آخرون أن النصاب متوفر لأن الجلسة بدأت صباحًا بحضور 255 نائبا. ثم بدأ يتناقش رئيس الجلسة مع النواب حيال إمكانية تأجيلها أو إبقائها مفتوحة أو فضها، فكان لكل من النواب الذين تحدثوا تفسيره الخاص للدستور، قبل ان يعلن الحافظ عن فض الجلسة والاجتماع مجدداً بعد أسبوع من اليوم.
 
وإلى جانب انتخاب رئيس مجلس النواب، ينص الدستور العراقي على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ أول انعقاد للمجلس. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.
 
وتطغى مسألة ترشح المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق، إلا أنه بدا اليوم أن حتى رئاسة البرلمان مسألة معقدة تحتاج إلى توافقات سياسية عابرة للكتل.
 
وفازت لائحة المالكي بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328) مقارنة باللوائح الأخرى في الانتخابات التشريعية التي جرت في أواخر نيسان (إبريل، الماضي، إلا أن هذا الانتصار لا يضمن للمالكي البقاء على راس الحكومة. ويتعرض المالكي إلى انتقادات داخلية وخارجية خصوصًا حيال إستراتيجيته الأمنية في ظل التدهور الأمني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المعارضين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.
 
ويطالب خصومه السياسيون كتلة "التحالف الوطني" أكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة، علما أنه ترأس حكومته الثانية رغم أن لائحته النيابية لم تفز في 2010 بأكبر عدد من مقاعد البرلمان.
 
وجاء فشل البرلمان في تأدية أولى واجباته في وقت دخل الهجوم الكاسح لتنظيم "الدولة الاسلامية" والتنظيمات المعارضة الأخرى أسبوعه الثالث مع استمرار سيطرة مسلحي هذه التنظيمات على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت والموصل.

التعليقات