الروبل يهوى لمستوى قياسي جديد ويقل عن 80 روبلا للدولار

بنك انجلترا المركزي يحذر من أن هبوط أسعار النفط قد يغذي التوترات الجيوسياسية ويؤدي إلى تخلف شركات الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة عن سداد الديون ويزعزع توقعات التضخم في منطقة اليورو

الروبل يهوى لمستوى قياسي جديد ويقل عن 80 روبلا للدولار

واصلت العملة الروسية هبوطها أمام الدولار واليورو، اليوم الثلاثاء، في الجلسة المسائية في موسكو وانخفض عن 80 روبلا للدولار و100 روبل لليورو لأول مرة.

وسجل الروبل بحلول ظهر اليوم 78 روبلا مقابل الدولار بانخفاض نحو 17% عن الإغلاق السابق في سوق العملة في موسكو. وأمام اليورو بلغت العملة الروسية 98.50 روبل.

,سرع الروبل الروسي، اليوم الثلاثاء، تدهوره بالرغم من التدابير الجذرية التي اتخذها البنك المركزي الروسي، ما يبرز عجز الرئيس فلاديمير بوتين عن احتواء أزمة ذات عواقب كارثية على المواطنين.

وانهيار العملة الروسية بوتيرة لم تعرفها البلاد منذ الأزمة المالية الخطيرة عام 1998 هي نتيجة مباشرة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية ردا على موقف الرئيس الروسي في الملف الأوكراني، كما أنه يتأثر بتراجع أسعار النفط.

وأثار الهبوط التاريخي للعملة الروسية مخاوف غير مسبوقة منذ وصول بوتين إلى السلطة عام 1999.

ويواجه الرئيس الذي فترت علاقاته مع الغرب فيما لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في بلاده، اختبارا هاما الخميس المقبل أمام مئات الصحافيين الروس والأجانب في جلسة يتوقع أن يحتل الوضع الاقتصادي حيزا كبيرا منها في وقت لا يتردد بعض الخبراء والمعارضين الليبراليين في الكلام عن "مرحلة ما قبل الإفلاس" في روسيا.

وقالت المواطنة الروسية يوليا، وهي واقفة في صف انتظار أمام أحد مصارف موسكو: "الوضع في البلاد غير مستقر على الإطلاق، وهذا يخيفني كثيرا"، مضيفة: "أخشى أن نعود إلى الوضع الذي كان سائدا في التسعينيات".

وبعدما تراجع الروبل بحوالي 10%  أمس الاثنين، مثيرا صدمة هائلة غير مسبوقة منذ 15 عاما، وصلت خسائر الروبل إلى حوالي نصف قيمته مقابل الدولار منذ مطلع العام.

وبعدما بات الوضع خارجا تماما عن السيطرة، أعلن البنك المركزي الروسي في منتصف الليل وفي بادرة استثنائية عن زيادة نسبة فائدته الرئيسية ب6,5 نقاط إلى 17%، مقابل 10,5% حتى ذلك الحين و5,5% في مطلع السنة.

غير أن الارتياح دام أقل من ساعتين في الأسواق وبعدما حقق الروبل ارتفاعا بنسبة 5% عند افتتاح المداولات، عاد وسرع تدهوره فجأة إلى مستويات قياسية جديدة إذ تراجع بأكثر من 10% مع ارتفاع اليورو إلى 90 روبل والدولار إلى عتبة تاريخية قدرها 70 روبل.

وبموازاة ذلك تراجع مؤشر بورصة موسكو "ار تي اس" 14% بعدما كان تراجع أمس الاثنين 10%.

وإن كان قرار البنك المركزي يلبي بعض المخاوف في الأسواق، إلا أن خبراء الاقتصاد في مصرف ألفا الروسي حذروا بأن "المشكلة الرئيسية هي استعادة ثقة المواطنين الذين يقبلون بشكل متزايد على تحويل مدخراتهم إلى اليورو".

وبات المواطنون يشعرون بوطأة تراجع العملة الوطنية. فارتفاع الأسعار يقارب 10% على مدى عام وينذر بمزيد من الارتفاع. وظهرت مجددا هذا الأسبوع تسعيرات بالعملات الأجنبية في بعض المتاجر، من النوع الذي كان منتشرا في التسعينيات.

واقتصر رد السلطات وفي طليعتها البنك المركزي على الدعوة إلى الصبر. وحذرت رئيسة البنك المركزي، الفيرا نبيولينا، عبر التلفزيون بأن عودة الروبل إلى مستوى يتماشى مع أسس الاقتصاد "سيستغرق وقتا".

 وأيد وزير المال السابق اليكسي كودرين الذي يحظى بتقدير الأوساط المالية، رفع معدل الفائدة لكنه شدد على وجوب "استتباع ذلك بقرارات حكومية لزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الروسي".

على صعيد آخر، ذكر خبراء الاقتصاد في مكتب كابيتال ايكونوميكس في لندن أن استراتيجية البنك المركزي يترتب عنها ثمن هو "تشديد جديد في شروط القروض للأسر والشركات وتراجع أكبر في الاقتصاد الفعلي عام 2015".

ومع معدل فائدة رئيسية بمستوى 17% فإن أي قرض عقاري سيمنح من الآن فصاعدا بنسبة فائدة لا تقل عن 22%، وفق حسابات موقع لينتا.ار يو، وهو مستوى يصعب على الأسر احتماله في وقت تراجعت قدرتها الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار.

وازاء خطورة ما يجري، طرحت مجددا فكرة فرض قيود على حركة الرساميل وهو اقتراح يرفضه بوتين في الوقت الحاضر، ويخشى المحللون ان يقضي على مصداقية موسكو في الاسواق.

وعلق الكسندر كليمنت من مكتب "مجموعة اوراسيا" المتخصصة في العلاقات الدولية ان "قرار البنك المركزي يؤكد ان بوتين ما زال يدعم سياسة تقليدية من قبل البنك" مع اعتماد تدابير نقدية بدل فرض قيود على السوق.

وفي سياق ذي صلة، حذر بنك انجلترا المركزي، اليوم، من أن هبوط أسعار النفط قد يغذي التوترات الجيوسياسية ويؤدي إلى تخلف شركات الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة عن سداد الديون ويزعزع توقعات التضخم في منطقة اليورو.

وفي تقديراته نصف السنوية للمخاطر المالية العالمية قال بنك انجلترا إن قلق السوق من استمرار تباطؤ النمو والمخاطر السياسية تزايد على مدى الستة أشهر الأخيرة وحذر من أن المستثمرين قد يتخلصون من الأصول عالية المخاطر.

وقال التقرير إن هبوط أسعار النفط نحو 40% منذ حزيران/يونيو الماضي يعد أمرا جيدا للنمو لكنه 'قد يغذي مخاطر جيوسياسية معينة' إذا استمرت الأسعار منخفضة.

ورفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة إلى 17% أمس الاثنين في محاولة لوقف انهيار الروبل بفعل تراجع أسعار النفط والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية. لكن بعد أن صمد لفترة قصيرة إثر الفتح هوى الروبل لأدنى مستوياته على الإطلاق مقابل الدولار واليورو.

وقد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع توقعات التضخم المنخفضة بالفعل في أنحاء منطقة اليورو.

وقال بنك انجلترا 'وهذا بدوره قد يؤدي إلى تباطؤ نمو الدخول الاسمية وزيادة أعباء الديون القائمة.'

وقال البنك إن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض توقعات النمو في منطقة اليورو التي تستقبل نصف صادرات بريطانيا وتفاقم مشكلات الديون.

وأشار البنك إلى أن شركات النفط والغاز تشكل 13% من سوق السندات عالية المخاطر في الولايات المتحدة وقد يؤدي تخلفها عن سداد الديون إلى شح السيولة في تلك السوق.

وقال التقرير إن على البنوك والشركات أن تدرك الضغوط المحتملة على السيولة في السوق وأن قدرتها على بيع الأصول عند الضرورة ربما تكون 'وهمية'.

التعليقات