"داعش": تنظيم بهيمي "مأزوم" فيهرب إلى الإعدامات؟

تؤكد التطورات الميدانية في كل من العراق وسوريا أن ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في حالة تراجع ميدانية ومعنوية بعدما خسر في الفترة الأخيرة عدة مواقع جعلته في الصيف الماضي قوة عسكرية تستدعي تحالفا دولياً.

عرض شريط لداعش في طوكيو يظهر فيه الرهينتان اليابانيان (أ ف ب)

تؤكد التطورات الميدانية في كل من العراق وسوريا أن ما يسمى تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) في حالة تراجع ميدانية ومعنوية بعدما خسر في الفترة الأخيرة عدة مواقع جعلته في الصيف الماضي قوة عسكرية تستدعي تحالفا دولياً.

فقد خسر داعش مؤخرا مدينة عين العرب – كوباني السورية ومناطق واسعة في ديالى العراقية، إضافة إلى خسائره الاقتصادية بعد تراجع مدخولاته من بيع النفط في السوق السوداء لعدة أسباب.

ولخسارة كوباني أثر كبير اقتصاديا على التنظيم، إذ كانت تعتبر إحدى الممرات الواسعة إلى الحدود التركية لتهريب المقاتلين وبيع النفط في السوق السوداء في المنطقة الحدودية. ومع خسارته لكوباني وعشرات القرى الكردية في المنطقة، يكون التنظيم قد خسر منطقة استراتيجية هامة اقتصاديا.
ويرى محللون أن إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا وهو حي يأتي في سياق محاولات التنظيم ترميم صورته المتداعية بعد خساراته العسكرية الميدانية، وفشله في تحقيق صفقة مع الحكومة اليابانية بالحصول على مئتي مليون دولار مقابل الرهينتين تغطي أزمته المالية. فمطالبة التنظيم بملايين الدولارات مقابل الرهينتين يؤشر إلى أن التنظيم يعاني أزمة مالية حقيقة تهدد استمرار مخطاطته التوسعية. وحسب مختصين، فإن الفدية التي طالب بها التنظيم من حكومة اليابان يفوق دخله السنوي بأضعاف الأضعاف.

التنظيم تجاوز دوره!

يبدو أن هذا التنظيم 'العالمي' تجاوز قدراته العددية والقتالية وحتى دوره بعدما سيطر في حزيران (يونيو) من العام الماضي على مناطق شاسعة جدا في العراق من شبه المستحيل أن يسيطر عليها لفترة طويلة، خصوصًا وأن بعضها مناطق سكانية كبيرة مثل الموصل، التي على التنظيم تحمل مسؤولية “الإدارة المدنية” لهذه المناطق وتوفير الموارد الأساسية لاستمرار الحياة فيها. وهذا الأمر يتطلب قدرات بشرية ومالية ليس بمقدور التنظيم توفيرها.

أنوار الطراونة، زوجة الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وشقيقته في الثامن والعشرين من الشهر المنصرم بعد بث شريط إنذاري لداعش قبل إعدامه (أ ف ب)

ويؤكد محللون أن التنظيم الذي أصبح يصور كأسطورة مخيفة ومرعبة تعرض منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لعدة نكسات عسكرية كان لها الأثر السلبي على التنظيم داخليا لجهة ضرب معنويات أفراده الذي انتشوا بعد “انتصارات الموصل”،  ما استدعى تنفيذ العديد من الإعدامات وتصويرها وإخراجها بصورة دراماتيكية ترعب الخصم وترفع من معنويات أعضاء التنظيم.

كما أشارت تقارير عديدة إلى خلافات داخل التنظيم على خلفية أثنية وعرقية دفعت بالعديد من المقاتلين إلى مغادرته.

ويشير محللون إلى أن التنظيم انسحب من جنوب بغداد (جرف الصخر) في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وتراجع في مناطق عدة في ديالى، فيما هاجمت قوات البيشمركة الكردية التنظيم في كافة نواحي الموصل ونجحت بدحره من مناطق واسعة في شمال وشرق وغرب الموصل، وهو ما دفع التنظيم إلى تفخيخ العديد من المباني في المناطق التي احتلها كوسيلة دفاع في ظل عجزه عن صد القوات الكردية المدعومة أميركيًا.

ويبدو أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد تصعيداً “إعلاميا” من قبل التنظيم لمواجهة تراجعه الميداني عسكريًا، ولإعادة بث المعنويات في صفوف مقاتليه، الذين بحسب متابعين ومراقبين لمواقع وشبكات على الإنترنيت مقربة من التنظيم باتوا يتذمرون من تراجع التنظيم وفشله في الدفاع عن المناطق التي سيطر عليها.

وستهدف “الحرب الإعلامية” إلى ترهيب مقاتلي التحالف الدولي بما فيها القوات العراقية والكردية وبث الرعب في صفوفهم. ففي هذا السياق، أقرت واشنطن أن الإمارات العربية المتحدة قررت وقف غاراتها على مواقع للتنظيم في أعقاب سقوط الطيار الأردني معاذ الكساسبة بأيدي مقاتلي التنظيم. كما أن الإمارات طالبت واشنطن بتقديم خطة لإنقاذ الطيارين في حال سقوط رهائن لدى داعش وهو ما لم تقدمه حتى الآن.

٢٠ رهينة لدى داعش

بحسب مصادر متعددة، يحتجز تنظيم داعش ٢٠ رهينة أجنبيا منهم مواطنة أميركية في السادسة والعشرين من عمرها وتدعى كايلا.

في أعقاب خسائر داعش العسكرية ولمواجهة صراعته الداخلية جراء هذه الخسائر ولمحاولة ثني الدول العربية عن المشاركة في التحالف الدولي من خلال ترويع الشعوب للضغط على الحكومات، يرجح مراقبون ومحللون أن يصعد التنظيم من حربه النفسية والإعلامية من خلال الإقدام على إعدام عدة رهائن. وللتأكيد على ذلك، يشير محللون إلى أن إعدام الرهينتين اليابانيين جرى بالتزامن مع خسارة التنظيم لكوباني، وأن الإعلان عن إعدام الطيار الأردني جرى بالتزامن مع زيارة الملك الأردني عبد الله للعاصمة الأميركية، وذلك بهدف إحراج النظام وخلق حالة هلع شعبية تثني الحكومة عن الاستمرار في المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم.

مؤشر آخر مقلق للتنظيم حصل قبل ساعات قليلة من إعلانه إعدام الكساسبة، فقد أعلنت الحكومة العراقية عن إقرارها تشكيل 'الحرس الوطني'، الذي كان أحد مطالب القوى السنية وأحد الشروط الرئيسية لتشكيل حكومة حيدر العبادي.

هذا الحرس الذي يهدف إلى إشراك العرب السنة في المؤسسة العسكرية العراقية بعد عقد ونصف من التجاهل والإقصاء، سيسحب البساط من تحت التنظيم الذي استغل استياء العرب السنة من الحكومة العراقية السابقة برئاسة المالكي واستجلبت تعاطف بعض العشائر السنية لتحقيق توسعها في الموصل ومناطق واسعة.

كما أن هذا الحرس سيعزز  القدرات البشرية للقوات العراقية المسلحة في حربها على داعش، إذ سيمدها بمقاتلين من العشائر السنية.

ختاماً، يذكر سلوك داعش لمواجهة أزمته بسلوك بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية إن لم يكن غالبية الأنظمة الديكتاتورية العالمثالثية، بأنها تصبح أكثر دموية وبهيمية كلما اشتدت أزمتها، لكن التنظيم خلافا للأنظمة تلك، يملك قدرة كبيرة على الظهور الإعلامي.

التعليقات