حارث الضاري: نفاه الاحتلال الأميركي وطارده المالكي

فارق الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، الشيخ حارث الضاري، الحياة اليوم الخميس، في أحد مستشفيات إسطنبول.

حارث الضاري: نفاه الاحتلال الأميركي وطارده المالكي

فارق الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، الشيخ حارث الضاري، الحياة اليوم الخميس، في أحد مستشفيات إسطنبول.

وينتمي الشيخ حارث، كما يسميه أتباعه، لعشيرة زوبع التي تتفرع عن عشائر شمر العربية ذات الامتدادات في مناطق العراق وسورية والخليج العربي.

ولد حارث العام 1941 في بيت سليمان نجل الزعيم القبلي ضاري، الذي أصبح أحد أبرز قادة 'ثورة العشرين' في بداية القرن الماضي، بعد أن قتل المندوب السامي البريطاني 'لجمان' في مكتبه في أغسطس/ آب العام 1920، ومنذ ذلك الحين غنى العراقيون وأنشدوا الأهازيج والقصائد في مديح ضاري الزوبعي (جد حارث)، الذي سجل له أيضا بأنه من أوائل الذين استجابوا لنداء بعض المراجع الشيعية بالنجف لمقاومة الاستعمار البريطاني آنذاك.

بدأ حارث الشاب تعليمه في مدرسة لتحفيظ القرآن، والتحق بعد ذلك بالمدرسة الدينية التي أكمل فيها الدراسة الأولية، والتحق بجامعة الأزهر سنة 1963م، وتخرج منها العام 1978 حاملا شهادة الدكتوراة في علوم الحديث النبوي الشريف، وبعدها عاد إلى العراق وعمل في الأوقاف، ثم نُقل بعد ذلك إلى جامعة بغداد بوظيفة معيد، فمدرس، فأستاذ مساعد، فأستاذ.

دفعته ظروف الحصار بعد العام 1991، للانتقال إلى الأردن، وهناك عمل أستاذا في جامعة اليرموك نهاية التسعينات، وبعدها انتقل إلى الإمارات أستاذا في جامعة عجمان.

وما هي سوى سنوات، حتى غزت الولايات المتحدة بقيادة جورج بوش الابن العراق (2003)، وعاد حارث حاملا إرث عائلته الوطني في يونيو/تموز من نفس العام، وهناك، أطلق فتاواه الداعية إلى مقاومة الاحتلال الأميركي، وأسس مع مجموعة من العلماء السنة والشيعة هيئة علماء المسلمين، ووفر الشرعية السياسية والدينية لفصائل المقاومة الوطنية العراقية والتي من بينها كتائب ثورة العشرين والجيش الإسلامي وغيره.

استمر عمل الضاري أميناً عاماً لهيئة علماء المسلمين في بغداد بجامع أم القرى، حتى عام 2006، إذ اتهمته القوات الأميركية بدعم المقاومة العراقية، وتزامن ذلك مع رفضه إصدار فتوى للسنّة تحض على المشاركة في العملية السياسية التي كانت تحضر لها واشنطن.'

هذه المواقف، دفعت الحاكم المدني للعراق آنذاك، بول بريمر إلى إصدار أمر بملاحقته بتهمة الإرهاب، فاقتحم منزله في أبو غريب، ومن ثم مقر الهيئة ما اضطر الراحل إلى مغادرة البلاد، بداية عام 2006 مستقرا في منفاه 'الاختياري' في العاصمة الأردنية عمان.

وكما واجه الاحتلال الأميركي، تصدى بقوة لما كان يسميه هو بـ 'الاحتلال الإيراني' لبلاده، وتعرض في سبيل ذلك لمخاطر كبيرة أبرزها مقتل ابن شقيقه الذي يحمل نفس الإسم (حارث)، كما ضغط رئيس الحكومة السابق نوري المالكي على عمان في أكثر من مناسبة لتسليم الشيخ الضاري.

وجه الضاري انتقادات عنيفة لتنظيم 'القاعدة'، وفي مرحلة ما أصبح يفرق بين 'المقاومة الوطنية الشريفة' وبين المجموعات المسلحة الأخرى مثل 'القاعدة'، ولما تحولت 'القاعدة' إلى تنظيم 'الدولة الإسلامية'، اعتبر الضاري إعلان التنظيم لـ'لخلافة' بداية مخطط لتقسيم العراق.

لا يتردد القيادي في جبهة حراك الشعبية العراقية، فاهم عبد الحميد، في وصف رحيل الضاري، خلال حديث مع 'العربي الجديد'، بأنه 'رحيل آخر رجال الوحدة السنية في العراق'، فيما يعتبر الشيخ حسين الدراجي، وهو أحد رجال الدين الشيعة في بغداد أن الراحل، 'كان الصوت المقاوم المعتدل والوطني النادر، لكن عراق ما بعد الاحتلال درج على تصنيف أي معارض للمحتل بأنه إرهابي، لذا يمكن القول، نعم هو شيخ المقاومة العراقية بلا منافس'.

التعليقات