انتخابات بيروت: تحالفات سياسية طائفية في مواجهة تحالفات مدنية

انطلقت صباح اليوم الأحد المرحلة الأولى للانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، لاختيار 2124 مقعداً بلدياً و668 مقعداً اختياريا في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل لفترة تستمر 6 سنوات.

انتخابات بيروت: تحالفات سياسية طائفية في مواجهة تحالفات مدنية

انطلقت صباح اليوم الأحد المرحلة الأولى للانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، لاختيار 2124 مقعداً بلدياً و668 مقعداً اختياريا في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل لفترة تستمر 6 سنوات.

وفتحت مراكز الاقتراع أمام الناخبين والناخبات البالغ عددهم مليونا و87 ألفا و840 ناخبة وناخبا، في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك- الهرمل.

وتتخذ الانتخابات البلدية والاختيارية الحالية أهمية خاصة في ظل تمديد المجلس النيابي اللبناني لنفسه مرتين عام 2013 لمدة 17 شهرًا وعام 2014 لمدة سنتين وسبعة أشهر، وفي ظل الشغور الرئاسي منذ حوالي السنتين.

وأطلق السياسيون اللبنانيون الدعوات للناخبين للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، لاختيار 2124 مقعدًا بلديًا و 668 مقعدًا اختياريًا في المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية.

وتجري العملية الانتخابية على أربعة مراحل، بمشاركة 26 ألف موظف و20 ألف رجل أمن.

ومن المقرر أن تجري المرحلة الثانية للانتخابات يوم الأحد المقبل في محافظة جبل لبنان، والمرحلة الثالثة في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية يوم الأحد الموافق 22 أيار/مايو، والمرحلة الرابعة في محافظتي لبنان الشمالي وعكار يوم الأحد الموافق 29 أيار/مايو.

ويبلغ عدد الناخبين اللبنانيين في كل لبنان 3627000 ناخب.

'بيروت مدينتي': هل تحدث انقلابًا؟

يحمل مواطنون لبنانيون، بينهم فنانون وصيادون ومهندسون، شعار 'بيروت مدينتي' وبرنامجا طموحا من عشر نقاط يخوضون بهما اليوم في حملة نادرة في لبنان بعيدا عن الاصطفافات السياسية، الانتخابات البلدية في بيروت، ويسعون لإحداث إنقلاب سياسي على المستوى البلدي في بيروت.

وتضم لائحة 'بيروت مدينتي' 24 مرشحا مناصفة بين النساء والرجال من مختلف الطوائف، وما يميزها أنها غير مدعومة من أي جهة سياسية، وهو أمر يجسد حلم شريحة واسعة من الناخبين في لبنان الذين يريدون اختيار مسؤوليهم بعيدا عن الانقسامات السياسية والطائفية التي تنهش البلاد.

وقال رئيس لائحة 'بيروت مدينتي' المهندس إبراهيم منيمنة لوكالة فرانس برس إنه 'ليس لدينا تاريخ في العمل السياسي، ولكننا استطعنا الوصول بسرعة إلى قلوب الناس بسبب استقلاليتنا'. وأضاف: 'نحن جاهزون يوم الانتخاب لنربح'، معربًا عن أمله بالحصول على غالبية أصوات 470 ألف ناخب مسجلين في بيروت.

وتجري الانتخابات البلدية في لبنان كل ست سنوات، ويطغى عليها في المدن الكبيرة نفوذ الأحزاب وزعماء الطوائف، وفي البلدات والقرى الصغيرة، يتداخل هذا النفوذ مع الصراعات العائلية.

وتعد 'بيروت مدينتي' نموذجا جديدا من نوعه في لبنان يتحدى الاصطفافات السياسية والطائفية بهدف الفوز بـ24 مقعدا في المجلس البلدي للعاصمة بيروت.

قبل أن تكون لائحة مرشحة في الانتخابات، كانت 'بيروت مدينتي' حملة انطلقت من ناشطين في المجتمع المدني في العام 2015 بعدما شهد لبنان أزمة نفايات أغرقت بيروت ومناطق اخرى في القمامة. وخرج آلاف المتظاهرين من هذه الحملة وغيرها إلى الشوارع احتجاجا على الأزمة، وعلى شلل المؤسسات الحكومية في لبنان بالكامل وطغيان الفساد عليها.

وتخوض لائحة 'بيروت مدينتي' اليوم الانتخابات البلدية على أساس برنامج مستوحى من حركة الاحتجاج تلك يتضمن عشر نقاط 'لتحسين أحوال المدينة وجعلها صالحة للعيش الكريم'.

ومن هذه النقاط وضع استراتيجية متكاملة لإدارة النفايات الصلبة، وتحسين النقل والحركة 'من خلال إستراتيجية متكاملة تجعل الخيارات السهلة (مثل المشي وركوب الدراجة الهوائية) أكثر قابلية للتطبيق، وتعزّز وتنظّم وسائل النقل المشترك'، وتحسين المساحات الخضراء والأماكن العامة.

وبين مرشحي اللائحة المخرجة نادين لبكي التي حصدت جوائز عديدة عن أفلامها التي تحاكي الواقع اللبناني ومشاكله الاجتماعية وذاكرة الحرب، والمغني والمؤلف الموسيقي المعروف أحمد قعبور، ورئيس تعاونية صيادي السمك في عين المريسة نجيب الديك.

ونجحت حملة 'بيروت مدينتني' في الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي، وشاهد الآلاف اشرطة فيديو على حسابها على موقع 'فيسبوك'، معتمدة وسيلة ترويجية مختلفة عن الطريقة التقليدية السائدة في بيروت بتعليق صور المرشحين على جدران الأبنية وفي الشوارع.

مواطنون ومواطنات… في دولة

أما قائمة 'مواطنون ومواطنات في دولة'، برئاسة الوزير السابق شربل نحاس، تخوض الانتخابات دون تحالفات سياسية طائفية وتعرف نفسها: 'نحن مواطنون ومواطنات، ولسنا رعايا لزعماء، ولسنا أبناء طوائف. لسنا أعضاء في عائلات روحية أو مادية. نحن مواطنون ومواطنات أفراد، القانون وحده يحدد حقوقنا وواجباتنا، وإرادتنا الحرّة والواعية وحدها تحدد خياراتنا السياسية. نحن مواطنون ومواطنات، ولأننا مواطنون، لا نرى إطاراً ممكناً لتشكلنا السياسي والاجتماعي إلا من خلال دولة فعلية'.

وكتب الحركة في موقعها على الإنترنت، إن 'حركة “المواطنين والمواطنات… في دولة” تعرف لبنان جيدا، ولا تدّعي أية صفة أخلاقية لمحاسبة أحد بل تدعو كل لبناني ولبنانية ليمسك قدره بيده انطلاقا من معاينة وتشخيص وخطة عمل محددة للمرحلة الانتقالية، وهي، بالفعل لا بالقول، تقدم صيغة بديلة عن مشروع السلطة المتخبطة'.

'لائحة البيارتة': دعم كم كل الأطراف السياسية التقليدية

أما 'لائحة البيارتة' فهي مدعومة من كل الأطراف السياسية التقليدية من دون استثناء،  وتخوض المعركة الانتخابية بشعارات التوافق والوحدة، فيما المعني الأول بالانتخابات البلدية في بيروت فهو تيار المستقبل الذي استعاد مسؤولوه كأداة سياسية وشعبية للتجييش الانتخابي، شعار مؤسس التيار، رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الذي اغتيل في بيروت في فبراير/شباط 2005. وكما درجت العادة، رفع الأمين العام لـ'المستقبل'، أحمد الحريري، اسم رفيق الحريري، واصفاً المعركة الانتخابية بـ'المعركة الوجودية'، ولو أنّ اللائحة التوافقية المشكّلة تضمّ خصوم 'المستقبل' أيضاً، ومنهم حزب الله.

وقال المرشح على 'لائحة البيارتة' وعضو بلدية بيروت الحالي، خليل شقير، لـصحيفة 'العربي الجديد'، إن 'التركيز اليوم كما دائماً على اللقاءات مع العائلات، على المستوى الفردي والمركزي من خلال الحملات التي تقوم بها قيادات المستقبل'. وأكد شقير أنّ العمل جارٍ لضمان أمرين، أولاً تحقيق إقبال كثيف على الاقتراع، وثانياً التشديد على أن يتم الاقتراع للائحة كاملة من دون تشطيب 'وذلك لضمان المناصفة ولكون المستقبل أخذ على عاقته قيادة هذه اللائحة'.

وبعيداً عن المواقف العلنية، يلفت مطّلعون على أجواء الماكينة الانتخابية لـ'لائحة البيارتة'، إلى أنّ الأرقام تشير إلى تقدّم فعلي لمرشّحيها في حال 'نجحت القوى السياسية في تأمين عدد الأصوات التي تعوّل عليها'، بحيث من المفترض أن تتراوح نسبة الاقتراع بين 20 و25 في المئة. 

وبحسب الأرقام نفسها، من المفترض أن يتمكّن 'المستقبل' من تأمين ثلاثين ألف صوت، بالإضافة إلى عشرين ألف صوت من قِبل القوى المسيحية (النائب ميشال عون وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وشخصيات مسيحية مستقلة)، بالإضافة إلى خمسة آلاف صوت من حركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري. أما المعضلة الأساسية فتكمن في عدم إصدار حزب الله توجيهاً واضحاً لمناصريه بدعم 'لائحة البيارتة'، على اعتبار أنّ التكليف الوحيد الذي صدر من جانب الحزب هو 'دعم اللوائح المدعومة من الحزب'، مع العلم أنّ حزب الله لم يصدر أي موقف بشأن 'لائحة البيارتة'. وفي حال صحّت أرقام الماكينة الانتخابية المستقبلية والتزمت القوى السياسية بقوّتها التجييرية، فقد تتخطى الأصوات التي تحصل عليها 'لائحة البيارتة' عتبة الستين ألف صوت.

اقرأ/ي أيضًا | سوريات في لبنان يعشن جحيم "العبودية الجنسية"

التعليقات