الخلاف السياسي بين مصر والسعودية يطفو على السطح

تزايدت فجوة الخلاف السياسي بين مصر والسعودية، القوتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، حول ملفات إقليمية، حتى ظهرت للعلن، مع إعلان الرياض استياءها من تصويت القاهرة أخيرا في مجلس الأمن إلى جانب مشروع قرار روسي، ووقف شركة أرامكو إمدادات مصر.

الخلاف السياسي بين مصر والسعودية يطفو على السطح

(أ ف ب)

تزايدت فجوة الخلاف السياسي بين مصر والسعودية، القوتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، حول ملفات إقليمية، حتى ظهرت للعلن، مع إعلان الرياض استياءها من تصويت القاهرة أخيرا في مجلس الأمن إلى جانب مشروع قرار روسي، ووقف شركة أرامكو السعودية إمدادات البترول إلى مصر للشهر الجاري.

وقدمت الرياض، الداعم الأكبر لمصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساعدات اقتصادية كبيرة للقاهرة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محد مرسي في 2013، إلا أن مواقف البلدين لم تكن منسجمة في بعض الملفات الإقليمية مثل الملفين السوري واليمني.

وبددت زيارة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة، مطلع نيسان/ أبريل الفائت، فتورا في العلاقات، خصوصا مع توقيع عشرات الاتفاقات الاستثمارية، بنحو عشرين مليار دولار، شملت أيضًا تنازل مصر للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير، ضمن اتفاقية ترسيم الحدود، إضافة إلى اتفاق لإمداد القاهرة بالنفط لخمس سنوات بكلفة 23 مليار دولار.

لكن تصويت مصر على مشروع قرار روسي في مجلس الأمن، حول الوضع في سورية، لا توافق السعودية عليه، أعاد الخلاف إلى العلن.

ويقول الكاتب الصحافي المصري، عبد الله السناوي، "هناك دوما حديث عن تحالف إستراتيجي بين القاهرة والرياض، وهذا غير صحيح".

ويضيف "التحالف الإستراتيجي يعني وجود تفاهمات في الملفات الإقليمية، وهو أمر غير موجود بينهما في الملفين السوري واليمني. الخلاف الآن انفجر وظهر للسطح".

ويقول الكاتب السعودي البارز، جمال خاشقجي، إن "مصر لا ترى خطر الإيرانيين" الذين يدخلون في صراع إقليمي محموم مع السعودية بتأييدهم لبشار الأسد في سورية والحوثيين في اليمن، معتبرا أن "السعودية تسامحت مع الموقف المصري مرارا وتكرارا. وأعتقد إن ما حدث في تصويت الأمم المتحدة هو القشة التي قسمت ظهر البعير".

النفط يشعلها

وكان مندوب السعودية في مجلس الأمن، عبد الله المعلمي، صرح في مقابلة تلفزيونية بعد عملية التصويت في مجلس الأمن، "كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب الى التوافق العربي من موقف المندوب المصري".

ويعد هذا أول انتقاد سعودي علني وصريح للسياسة المصرية.

وكان مشروع القانون الروسي في مجلس الأمن، يطالب بوقف القتال في مدينة حلب السورية، من دون أن يلحظ وقف القصف الجوي الروسي والسوري على الأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، في المدينة الواقعة في شمال سورية، والذي تطالب به الرياض والدول الغربية الداعمة للمعارضة، ورفض مجلس الأمن المشروع الروسي.

وبعد يومين من تصويت مصر إلى جانب مشروع القانون الروسي، أعلن الناطق باسم وزارة البترول المصرية، حمدي عبد العزيز، أن "شركة أرامكو السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول، شفهيا، مطلع الشهر الجاري، بوقف إمدادات البترول لشهر تشرين الأول/ أكتوبر دون إبداء أي أسباب".

ويحتاج السوق المصري شهريا إلى 6،5 مليون طن من المنتجات البترولية يستورد منها 1،75 مليون طن منهم 40% من السعودية وحدها. وضخت السعودية ودول الخليج مليارات الدولارات للمساعدة في إنعاش الاقتصاد المصري المتداعي منذ الانتفاضة التي اطاحت حسني مبارك مطلع 2011.

وعلى الرغم من تأكيد عبد العزيز أن "أرامكو أبلغتنا بالأمر قبل جلسة مجلس الأمن، وأن الأمر تجاري وليس سياسيا"، يبرز القرار توترا واضحا في العلاقات.

ويبدي الباحث الاقتصادي إبراهيم الغيطاني اعتقاده بأن "أمورا سياسية" تقف خلف قرار أرامكو.

ويقول الغيطاني، الباحث في مركز العالم العربي للأبحاث والدراسات التقدمية المستقل في القاهرة، لوكالة فرانس برس "لا أظن ان هناك أي مشكلة فنية في الشركة السعودية. ولم نسمع عن أي وقف مماثل من أرامكو لدول أخرى".

خلاف سياسي

ويقول السناوي "في سورية، الموقف المصري يناقض الموقف السعودي"، موضحا أن "مصر مع وحدة الأراضي السورية وضد تفكيك الجيش السوري وضد كل الجماعات المعارضة المسلحة ومنها جبهة النصرة التي تساندها السعودية ولها دور في تدريبها وتمويلها"، على حد قوله.

ويقول السفير السابق السيد أمين شلبي، المدير لتنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية وهو مركز بحثي مستقل في القاهرة، "السعودية موقفها حاسم تجاه رحيل بشار الأسد وترى في ذلك حلا للأزمة، بينما مصر مع الحل السياسي للأزمة وأحد عناصره بشار الأسد".

وتستضيف القاهرة باستمرار لقاءات لمعارضين سوريين يدعمون الحل السياسي.

وتأخذ الرياض على القاهرة مشاركتها المحدودة في التحالف العربي، الذي يتصدى الحوثيين في اليمن المتهمين بتلقي الدعم من إيران، منذ إعلانه في آذار/ مارس 2015.

وتشارك مصر بقوات جوية وبحرية في التحالف، وأعلنت أنها ستدعم السعودية بقوات برية إذا كان ذلك ضروريا، لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة، ربما لخشيتها من التورط أكثر في اليمن، الذي يحمل ذكريات سيئة للجيش المصري، الذي تدخل في اليمن في الستينات، بحسب مراقبين.

اقرأ/ي أيضًا | هل تعاقب السعودية مصر لتصويتها لصالح روسيا؟

ويقول السناوي "في الملف اليمني، تجنبت مصر التورط بسبب التجربة القاسية في ستينات القرن الماضي".

 

التعليقات