لبنان: إما قانون انتخابي أو المجهول

​أيام قليلة تفصل لبنان عن جلسة مجلس النواب (البرلمان) المرتقبة في 15 من الشهر الجاري، والتي أُعلن سابقا أنه سيكون على جدول أعمالها بند التمديد للمجلس للمرة الثالثة منذ عام 2013، في حال عدم التوافق على قانون انتخابي جديد.

لبنان: إما قانون انتخابي أو المجهول

البرلمان اللبناني

أيام قليلة تفصل لبنان عن جلسة مجلس النواب (البرلمان) المرتقبة في 15 من الشهر الجاري، والتي أُعلن سابقا أنه سيكون على جدول أعمالها بند التمديد للمجلس للمرة الثالثة منذ عام 2013، في حال عدم التوافق على قانون انتخابي جديد.

ورغم عدم الإعلان عن التوافق على قانون انتخابي جديد بين الفرقاء السياسيين في البلاد حتى اليوم، أدلى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بتصريحات، الأربعاء الماضي، خلال لقائه بعدد من النواب بمقر رئاسة المجلس في بيروت، قال فيها إنه لن يتم التمديد للمجلس، ومن بعده جاء بيان لمجلس الوزراء، الخميس، أعلن رفضه تمديد مجلس النواب لنفسه، ما جعل المشهد اللبناني أكثر ضبابية.

تلك الضبابية الممزوجة بالقلق على مستقبل لبنان تتزايد بلا شك مع انقضاء أكثر من ثلثي المهلة التي منحها الرئيس اللبناني، ميشال عون، للقوى السياسية في 15 نيسان/ أبريل الماضي، للفرقاء السياسيين من أجل التوافق على قانون جديد.

وفي 12 نيسان الماضي، قرر رئيس الجمهورية، ميشال عون، تعليق جلسات البرلمان لمدة شهر، لإفساح المجال للتوافق على قانون انتخابي جديد، وإثر ذلك حدد بري 15 أيار/ مايو الجاري موعدا لانعقاده.

حذر مراقبون من استمرار الحالة التي يعيشها لبنان هذه الأيام، خشية أن يخرج الخلاف من أروقة البرلمان إلى الشارع، لا سيما أن ولاية البرلمان الحالي تنتهي رسميا في 20 حزيران/ يونيو المقبل.

ومع اقتراب المهلة من خط النهاية، قال مصدر سياسي لبناني مطلع لوكالة الأناضول، مفضلا عدم نشر اسمه، إنه "في حال حصلت تسوية سياسية وتم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، فإن ذلك سينعكس إيجابيًا على الجلسة النيابية التي من المفترض أن تنعقد في الخامس عشر من الشهر الجاري".

واستدرك "أما إذا لم نصل لنتيجة، فعندها تكون كل الاحتمالات مفتوحة وندخل في المجهول، لأنه إذا انتهت ولاية المجلس النيابي (في 20 حزيران المقبل) ولم تحصل انتخابات، عندها إما أن تجري الانتخابات وفق قانون الستين (القانون الحالي الذي أجريت على أساسه آخر انتخابات في 2009)، وإما نذهب إلى الفراغ، أو نذهب إلى مؤتمر تأسيسي".

وأوضح المصدر ذاته أن "الذهاب إلى هذا المؤتمر (التأسيسي)، يعني فعليا العودة إلى ما قبل اتفاق الطائف (الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989) وبالتالي تسقط مفاعيل هذا الاتفاق وأبرزها المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وهنا قد تطالب بعض الأطراف بتمثيلها وفقًا لحجمها الطائفي".

وينص اتفاق الطائف، الموقع بين الفرقاء اللبنانيين عام 1989 والذي أنهى حربا أهلية امتدت 15 عاما، على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يراعي قواعد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين ويؤمن صحة التمثيل لجميع فئات الشعب اللبناني، ولم يحدد الاتفاق طبيعة هذا القانون.

وتخوف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، من أن "البعض يريد أخذ البلد إلى هذا الاتجاه، خصوصًا في ظل استمرار بعض الفرقاء السياسيين باقتراح قوانين انتخابية على أساس طائفي وليس وطني، ومثل هذه الاقتراحات تحمل في طياتها دعوة إلى مؤتمر تأسيسي".

وقال "برأيي إن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، حاول في خطابه الأخير (قبل أيام)، كبح جموح حلفائه في التيار الوطني الحر (تيار رئيس البلاد) وجموح رئيس هذا التيار، الوزير جبران باسيل، لأنه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فإن ذلك سينعكس سلبًا على العهد (حكم عون) وقد يؤدي إلى نهايته، وهو أمر لا يريده حزب الله، الحريص على إنجاح عهد حليفه عون".

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، فيصل عبد الساتر، إنه "من الصعب التكهن بما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات في لبنان، خصوصًا وأن هناك تجاذبات عديدة بين الفرقاء السياسيين".

وأضاف للأناضول أنه "ولكن أنا أصدق رئيس المجلس النيابي نبيه بري عندما يقول إنه لن يذهب إلى التمديد للبرلمان، وبالتالي هناك عدة احتمالات، منها أن يتم الاتفاق على قانون انتخابي جديد قبل جلسة الخامس عشر من أيار/ مايو، أو أن تجري الانتخابات وفقًا للقانون المعروف بقانون الستين، أما ما يحكى عن مؤتمر تأسيسي فهو قفزة في المجهول".

وتابع عبد الساتر أن "أغلب الظن، وبحسب المعلومات المتوافرة، هناك اتجاه لإقرار قانون انتخابي جديد وفق النسبية دون أي شيء آخر، لكن البحث يدور حاليًا حول الدوائر وطريقة تقسيمها، وحتى الآن ليس هناك تأجيل لجلسة الخامس عشر من أيار، وما زال أمامنا أيام لموعد الجلسة، وبرأيي من الممكن أن تحمل أيام الأسبوع الطالع شيئًا جديدًا على هذا الصعيد".

ورأى الكاتب والمحلل السياسي أن "الرئيس بري أمام خيارات محدودة في إدارة الجلسة في الخامس عشر من أيار، فإذا حصل اتفاق على القانون الجديد في مجلس الوزراء قبل موعد الجلسة عندها يتم تحويل القانون إلى البرلمان".

وواصل حديثه قائلا "أما إذا لم يحصل اتفاق على قانون جديد، فعندها خيارات الرئيس بري ستكون صعبة ومحدودة، إلى جانب إمكانية عدم توفر النصاب لعقد الجلسة، وهنا ستكون هناك أمور صعبة جدًا على المستوى الوطني، وأعتقد أنه إذا كان البعض يريد أن يتعاطى مع الرئيس بري بكيدية، فإن البلاد لا تُحكم بالكيدية".

وختم عبد الساتر بالقول إن "هناك تجاذبات عديدة، وأي قانون انتخابي لا يمكن أن يتم الاتفاق عليه بطريقة تزعج بعض الأطراف السياسيين، والتصويت على هكذا قانون يؤدي إلى اصطدام بين الأطراف".

وما بين اقتراحات عدة بقوانين انتخابية، بينها "النسبي" و"الأرثوذكسي" و"الأكثري" و"المختلط" و"التأهيلي" إلى جانب "الستين" القائم حاليًا... يدور السجال في لبنان بشأن أي من تلك التشريعات سيتم إقراره لخوض الانتخابات النيابية القادمة.

وقانون النسبية يتم فيه توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في الانتخابات.

وفي قانون الأكثرية، يحصل الفائز بأغلبية الأصوات في دائرة معينة على كامل مقاعدها، فيما يجمع قانون المختلط بين النسبية والأكثرية.

ويعتبر القانون الأرثوذكسي البلاد دائرة انتخابية واحدة، بحيث ينتخب كل مذهب لائحة تضم نوابًا من مذهبه على مستوى لبنان بالكامل.

وينص القانون التأهيلي على إجراء العملية الانتخابية على جولتين، الأولى تطبق فيها قانون الأكثرية على أساس أن تنتخب كل طائفة ممثليها، للتأهل إلى جولة ثانية التي تجري على أساس النسبية.

وفي السابق كانت تُجرى الانتخابات اللبنانية وفق قانون الستين الذي أقر العام 1960، ويعتمد التصويت وفقًا لتقسيمات إدارية ومحاصصة تراعي الخصوصية الطائفية للقوى السياسية. ويعتبر القانون القضاء دائرة انتخابية والفوز بها بحسب نيل المرشح أكثرية الأصوات.

وتختلف مواقف القوى السياسية الرئيسية في البلاد بشأن تلك القوانين، فبينما يؤيد "حزب الله" (12 مقعدًا بالبرلمان) وحليفته "حركة أمل" (13 مقعداً)، القانون النسبي معتبرين أنه يؤمن عدالة التمثيل الصحيح ويتيح المشاركة الواسعة في الانتخابات للمستقلين والأقليات، يؤيد قانون الأكثرية الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط (7 مقاعد).

وطرح القانون التأهيلي رئيس التيار الوطني الحر (19 مقعدًا) جبران باسيل، فيما يقول تيار المستقبل (26 مقعدًا) الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري إنه يوافق على أي قانون يلاقي توافقا عاما، ويحقق الشراكة والميثاقية بين اللبنانيين.

وحسب مراسل الأناضول، فإن جميع القوانين المقترحة تحترم التوزيع المعتمد منذ عام 1989، والذي يقوم على أن مقاعد البرلمان اللبناني الـ128 موزعة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق الحسابات التالية: 28 للسنة، 28 للشيعة، 34 للموارنة، 14 للأرثوذكس، 8 للدروز، 8 للكاثوليك، 5 للأرمن، 2 للعلويين، ومقعد واحد للأقليات المسيحية.

التعليقات