القوات العراقية قاب قوسين من تحرير الموصل

​ثلاث سنوات مرت منذ الهزيمة الكبرى التي ألحقها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالقوات العراقية والسورية والسيطرة على مساحات واسعة في الدولتين، وإعلان قائده، أبو بكر البغدادي "دولة الخلافة" من مسجد النوري في الموصل.

القوات العراقية قاب قوسين من تحرير الموصل

القوات العراقية على أبواب الموصل (أ.ف.ب)

ثلاث سنوات مرت منذ الهزيمة الكبرى التي ألحقها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالقوات العراقية والسورية والسيطرة على مساحات واسعة في الدولتين، وإعلان قائده، أبو بكر البغدادي "دولة الخلافة" من مسجد النوري في الموصل.

طيلة السنوات الثلاثة، شهدت القوات العراقية وميليشيات "الحشد الشعبي" الطائفية انتكاسات عديدة، لتنظم القوات العراقية صفوفها في السنة الأخيرة وتشن هجومًا شاملًا وواسعًا لطرد التنظيم من الأراضي العراقية.

واليوم، باتت القوات العراقية قاب قوسين من تحرير مدينة الموصل "عاصمة الخلافة" وكبرى المدن التي سيطر عليها التنظيم في العراق، ليصبح القضاء عليه بعدها أقرب من أي وقت مضى.

وشكل سقوط الموصل الهزيمة الأقسى التي لحقت بالقوات العراقية في حربها ضد الجهاديين. ومن شأن استعادة المدينة ان يشكل تحولًا كبيرًا في مسيرة هذه القوات التي استسلمت سريعًا في 10 حزيران/ يونيو 2014 رغم تفوقها عدديًا على الجهاديين.

ويقول قائد جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الغني الأسدي، لوكالة فرانس برس "نحن بالتأكيد نحتفل بإنجازات الجيش بعد ثلاث سنوات" من سقوط الموصل.

إلا أنه عند سقوط المدينة بأيدي الجهاديين الذين توجهوا جنوبًا نحو بغداد، كان الخوف سيد الموقف.

ويقول المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، بريت ماكغورك، إنه "قبل ثلاث سنوات، وفي مثل هذا الوقت، كان داعش يتقدم بسرعة نحو بغداد".

ويشرح "سقطت الموصل وتفككت ببساطة سبع وحدات من قوات الأمن العراقية".

وبحسب المتحدث باسم التحالف، الكولونيل راين ديلون، فإن القوات العراقية "لم تكن مهيأة لتهديد مماثل" إذ أن الجهاديين "كانوا يقرعون أبواب بغداد".

ويعتبر ماكغورك أنه في ذلك الوقت، بدا التعافي "شبه مستحيل، وردد كثيرون حسنًا، هذه هي نهاية العراق".

وساهمت عوامل مجتمعة بشكل رئيسي في وقف زحف الجهاديين إلى بغداد، ولم يتمكنوا بعدها من شن هجوم تقليدي واسع النطاق على العاصمة.

وبعد شهرين من سقوط الموصل، بدأت الولايات المتحدة بتوجيه ضربات ضد الجهاديين في العراق في إطار تحالف دولي قدم إلى جانب الإسناد الجوي، دعما وتدريبا للقوات العراقية.

ومنذ ذلك الحين، استعادت القوات العراقية مناطق عدة كانت بيد الجهاديين، بينها ثلاث مدن، وتمكنت من السيطرة معظم مدينة الموصل بعد هجوم أطلقته قبل سبعة أشهر.

ويوضح الأسدي أنه "لم يبق لداعش (في الموصل) إلا ثلاثة أو أربعة أحياء محاصر فيها".

قوات "متصدعة"

عند سيطرة الجهاديين على الموصل، يرى الأسدي أن "القطعات (العسكرية) التي كانت موجودة، كان يعوزها حقيقة بعض الاستعدادات وبعض المعدات والأمور الأخرى، ولذلك كانت عملية السقوط سريعة".

ولكن بعد مرور ثلاث سنوات، فإن تلك "القطعات استعدت استعدادًا جيدًا وباتت علاقتها بالمواطن، وهذه نقطة مهمة جدًا، علاقة طيبة"، مضيفا أن "المواطن بات يتعاون مع القطعات الأمنية".

ومن شأن نجاح عملية استعادة الموصل وفق المحلل المتخصص في شؤون العراق في معهد "دراسات الحرب"، باتريك مارتن، أن "يظهر مدى تقدم قوات الأمن العراقية منذ انهيارها في حزيران/ يونيو 2014".

لكن مارتن يوضح أن استعادة الموصل "يجب ألا تحجب حقيقة أن تلك القوات لا تزال غير مكتملة ومتصدعة" خصوصًا وأنها "ما زالت لا تمتلك عديدا كافيا يخولها تطهير ومسك البلاد".

ودفع العراق ثمنًا باهظًا خلال قتاله للجهاديين، إذ أسفرت سنوات الحرب عن مقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف، عوضا عن الدمار الذي لحق بأطراف البلاد، والمعاناة التي شهدها كثيرون تحت الحكم الوحشي للجهاديين.

وفي هذا الإطار، يشير قائد الفرقة الثانية في قوات مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، لفرانس برس، إلى "مأساة كبيرة جدًا مرت بها محافظة نينوى بشكل عام ومدينة الموصل بشكل خاص".

ويتوقف الساعدي عند معاناة المدنيين من المجازر والقتل "بالإضافة إلى الثمن الكبير الذي دفعته كل القطعات".

ولا تنهي استعادة مدينة الموصل بالكامل الحرب ضد الجهاديين في العراق، إذ ما زالوا يسيطرون على مناطق في محافظة كركوك وفي غرب البلاد.

ويحذر ديلون في هذا السياق من أن هناك "تهديدا مستقبليا" يكمن في أن تنظيم "داعش" سيعود مجددا إلى سياسة التمرد المتمثلة بالتفجيرات والاعتداءات الانتحارية.

 

التعليقات