الأزمة الخليجية تفصل آلاف الأولاد عن أمهاتهم

امرأة قطرية مقيمة بالسعودية عليها المغادرة، وترك ابنها ذي الاحتياجات الخاصة كونه يجمل الجنسية السعودية ولن يستطيع المغادرة معها لقطر* العفو الدولية: الرياض وأبو ظبي والمنامة "تعبث بحياة" الآلاف، متسببة "بتفكك أسر"

الأزمة الخليجية تفصل آلاف الأولاد عن أمهاتهم

مطار حمد الدولي بالدوحة، الأربعاء الماضي (أ.ف.ب.)

تتسبب الأزمة الخليجية، التي اختلقتها السعودية بقطع العلاقات مع قطر، بأزمة شخصية شديدة لآلاف الخليجيين من عائلات يكون أحد الزوجين فيها قطريا، ما يؤدي إلى تفكك عائلات وانفصال أولاد أو أمهات خصوصا عن عائلاتهم عنوة وبسبب القوانين المعمول بها في تلك الدول.

وأورد تقرير نشرته وكالة فرانس برس، اليوم الأحد، أمثلة على الأزمة التي يعاني من مواطنون جراء الأزمة الخليجية. وأحد هذه الأمثلة هو راشد، الطالب البحريني البالغ من العمر 22 عاما، والذي أمضى معظم حياته في قطر، لكن الأزمة الدبلوماسية في الخليج باتت تفرض عليه أن يختار بين أن يبقى فيها رغم تفاقم الخلاف، أو العودة إلى بلده البحرين.

وقال الطالب الذي يعيش في الدوحة مع أمه القطرية وشقيقتيه إنه "لا علاقة للناس بكل هذا. الوطن هو المكان الذي يهتف له قلبك، وأنا أعلم أن قلبي في قطر". وأضاف "هذا بيتي".

وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين، فجر يوم الاثنين الماضي، عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، واتخذت إجراءات عقابية بحقها بينها الطلب من القطريين مغادرة أراضيها خلال أسبوعين.

وتقول السلطات القطرية إنه يعيش نحو 11 ألف مواطن سعودي وإماراتي وبحريني في قطر. وتحذر منظمة العفو الدولية من أن إجراءات طرد الرعايا القطريين من الدول الخليجية الثلاث بدأت تتسبب بتفكك أسر خليجية.

وأضافت المنظمة الحقوقية في بيان أصدرته منتصف ليل الجمعة - السبت أن الرياض وأبو ظبي والمنامة "تعبث بحياة" الآلاف من سكان الخليج متسببة "بتفكك أسر والقضاء على مصادر رزق أشخاص" وعرقلة دراسة طلاب.

ورأت أن آثار الإجراءات ضد قطر، وبينها طرد القطريين، تنشر "المعاناة والخوف" في الخليج.

*خسارة الجنسية

تؤثر تبعات هذه الإجراءات بشكل مباشر على عشرات آلاف الخليجيين الذين يعيشون في دول مجاورة غير دولهم أو تزوجوا من شريك من دول أخرى. وبعد أقل من أسبوع على قطع العلاقات مع قطر، بدأت تتكشف التبعات الإنسانية للأزمة.

ويخشى راشد إذا قرر البقاء في قطر، مخالفا تعليمات السلطات البحرينية بالمغادرة، أن يخسر في وقت لاحق جنسية بلده ويصبح "بلا دولة". ولا يسمح القانون القطري للأم بمنح الجنسية لأبنائها.

وتقول السلطات القطرية إن 11382 مواطنا سعوديا وإماراتيا وبحرينيا يعيشون على أراضيها. كما أن هناك نحو 6500 قطري متزوجون من أفراد من إحدى الدول الخليجية الثلاث، التي تشكل مع قطر وعُمان والكويت مجلس التعاون الخليجي.

ورأت لجنة حقوق الإنسان القطرية أن إجراءات طرد القطريين "خرق للقانون الدولي"، وتحدثت في تقرير عن حالات من التفكك الأسري نتيجة الخلاف المتفاقم.

وذكرت أن امرأة قطرية مقيمة في السعودية سيتوجب عليها أن تغادر البلاد قريبا، وان تترك خلفها ابنها ذي الاحتياجات الخاصة كونه يجمل الجنسية السعودية ولن يستطيع المغادرة معها إلى قطر.

وطُلب من سعودي في قطر مغادرتها رغم أنه ينتظر إجراء عملية جراحية فيها. وانتشر على الانترنت تسجيل مصور لعائلة سعودية أوقفت على الحدود المغلقة ومنعت من حضور مناسبة عزاء عائلي في قطر.

*قلق وعمليات جراحية

وسط محاولات التوسط الإقليمية والدولية، ناشدت واشنطن، أول من أمس الجمعة، السعودية وحلفاءها تخفيف الحصار الذي فرضته على قطر.

وأعلنت قطر أنها تركت لرعايا الدول الخليجية المقاطعة لها حرية البقاء على أراضيها، في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة. وقالت وزارة الداخلية القطرية إن "لرعايا هذه الدول الحرية الكاملة في البقاء على أرض دولة قطر وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة".

وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين عن "مراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية" في قرار طرد القطريين. واعتبرت الدول الثلاث في بيانات منفصلة أن الخطوة تأتي تقديرا للشعب القطري الذي يشكل "امتدادا طبيعيًا وأصيلًا لإخوانه" الخليجيين.

وخصصت وزارات الداخلية في الدول الثلاث أرقاما هاتفية "لتلقي تفاصيل هذه الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها". لكن رغم ذلك، تبقى الخشية من خسارة الجنسية الهاجس الأكبر لدى راشد.

ويقول الشاب البحريني "لم أر والدتي قلقة هكذا من قبل، رغم أنها امرأة قوية، فهي طبيبة تجري عمليات جراحية لمدة تتراوح بين ست وثماني ساعات يوميا".

التعليقات