الأمير يعد والقمع يتواصل: احتجاز نشطاء سعوديين بمعزل عن العالم

قالت مديرة منظمة العفو الدولية بالشرق الأوسط، سماح حديد، "إن وعود بن سلمان لا تتحقق إلا قليلا، إذا كان أولئك الذين قاتلوا من أجل الحق في القيادة هم الآن وراء القضبان".

الأمير يعد والقمع يتواصل: احتجاز نشطاء سعوديين بمعزل عن العالم

توضيحية (أ ب)

احتجزت السلطات السعودية، ما لا يقل عن 10 ناشطين في مجال حقوق المرأة، سبع نساء وثلاثة رجال، دون السماح لهم بمقابلة محامين، وفقا لما نقلت "أسوشيتد برس" عن مصادر مطلعة. في حملة اعتقالات يعتبرها مراقبون تتويجا لحملة قمع مطردة ضد منتقدي الحكومة.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن مصادر اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم، أن النشطاء سمح لهم بمكالمة هاتفية واحدة لأقاربهم القلقين عليهم قبل نحو أسبوع، وأن إحدى المعتقلات تم احتجازها بمعزل عن العالم الخارجي بالكامل.

وبدأت الحملة قبل أسبوع في 15 أيار/ مايو، عندما اعتقلت الشرطة العشرة في العاصمة الرياض ونقلتهم إلى مكان غير معروف في مدينة جدة.

ولي العهد ووعود لا تتحقق

وقالت وسائل الإعلام السعودية إن الاعتقالات نفذتها قوات من رئاسة أمن الدولة، وهي هيئة ترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك وولي العهد.

وصرح نشطاء أن سبعة من المعتقلين شاركوا في جهود لإنشاء منظمة غير حكومية تدعى "آمنة" ستقدم الدعم والمأوى لضحايا العنف المنزلي، وقد قدموا مؤخرا طلبهم إلى الحكومة لإنشاء المنظمة غير الحكومية.

وقد ألقت الاعتقالات بظلالها على قرارات الانفتاح الاجتماعي الأخيرة التي دفع بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بما في ذلك قرار تاريخي لرفع الحظر الوحيد في العالم على قيادة المرأة للسيارة في 24 حزيران/ يونيو.

وقالت منظمة العفو الدولية إن وعود الحاكم الفعلي للسعودية، بن سلمان، بالإصلاح، "تنهار وسط تصاعد حدة القمع ضد الأصوات المعارضة في السعودية".

وقالت مديرة منظمة العفو الدولية بالشرق الأوسط، سماح حديد، "إن وعوده لا تتحقق إلا قليلا، إذا كان أولئك الذين قاتلوا من أجل الحق في القيادة هم الآن وراء القضبان، وذلك من أجل القيام بحملات سلمية تدعم حرية الحركة والمساواة".

تأتي هذه الحملة في حين تعهدت السعودية والإمارات بمبلغ 100 مليون دولار لصندوق تابع للبنك الدولي لرواد الأعمال، والذي تدعمه إيفانكا ابنة الرئيس دونالد ترامب، علانية. وقد لجأ ولي العهد السعودي إلى ترامب صراحة في محاولة لمواجهة المنافسين الإقليميين مثل قطر وإيران.

عليكن القيادة بهدوء

وأكدت "أسوشيتد برس" أنه عندما أصدرت السعودية مرسومها الملكي العام الماضي، الذي يعلن أن النساء سيسمح لهن بالقيادة في 2018، تواصل البلاط الملكي مع نشطاء حقوق المرأة وحذرهم من إجراء مقابلات مع الإعلام أو التحدث على وسائل التواصل الاجتماعي.

بعد التحذيرات، غادرت بعض السيدات البلاد لفترة من الوقت وتوقفت أخريات عن الإعلان عن آرائهن عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". وفي الأسابيع الأخيرة، قال نشطاء إن عشرات من المدافعين عن حقوق المرأة منعوا من السفر إلى الخارج.

وأشارت الوكالة إلى أن العديد من النساء اللاتي اعتقلن مؤخرا ينظر إليهن باعتبارهن أيقونات في حركة حقوق النساء السعودية، كما دعون إلى إلغاء قوانين الوصاية التي تمنح الرجال القول الفصل فيما إذا كانت المرأة ستتزوج أو تحصل على جواز سفر أو تسافر إلى الخارج.

واعتبر حراكهن جزءا من ضغط ديمقراطي أكبر نحو الحصول على حقوق مدنية في السعودية.

وتعد قضيتهن، بالرغم من تراجعها في السنوات الأخيرة خشية الاعتقال نتيجة للقمع، أحد أبرز وآخر أوجه النشاط السياسي في السعودية، حيث تحظر كافة الاحتجاجات، ويمسك الملك سلمان وولي العهد بكامل زمام الأمور والقرارات المصيرية.

مواصلة قمع الحقوقيين

وعلى مدار الأعوام الماضية، شنت السلطات باستمرار حملة قمع استهدفت المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنهم عشرات الأعضاء في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية التي تم حلها حاليا.

ويقضي الأعضاء المؤسسون للجمعية، عقوبات مطولة بالسجن بموجب قانون مكافحة الإرهاب الفضفاض الذي يعود إلى عام 2014، والذي يعرف تحركات بشكل غامض، مثل "الإساءة لسمعة الدولة"، باعتبارها إرهابا.

هذا ولم تعلن وزارة الداخلية عن أسماء الأشخاص العشرة الذين اعتقلوا، لكنها زعمت أنهم يخضعون للتحقيق لتواصلهم مع "كيانات أجنبية" تعمل على تجنيد أشخاص في مناصب حكومية حساسة وتوفير أموال لدوائر أجنبية بهدف زعزعة استقرار السعودية وإلحاق الضرر بها.

ونشرت بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة صور نساء على الإنترنت وفي الصحف متهمة إياهن بالخيانة والانتماء إلى "خلية تجسس".

وقال نشطاء حقوقيون، تحدثوا إلى "أسوشيتد برس" شريطة عدم الإفصاح عن هوياتهم مخافة البطش، إن بين الأشخاص العشرة لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وإيمان آل نفجان، وهن ثلاث ناشطات معروفات من المدافعات عن حقوق المرأة. وأضافوا أن بينهم أيضا مديحة العجروش وعائشة المانع وحصة آل شيخ، وكلهن في الستينيات أو السبعينيات من العمر.

وشاركت الناشطات الثلاث في أول حراك احتجاجي نسوي للمطالبة بالحق في قيادة السيارات عام 1990، حيث تم توقيف قرابة 50 امرأة بسبب قيادتهن السيارات، وفقدن جوازات سفرهن ووظائفهن.

ويشار إلى أن بعضا من الموقوفين أساتذة في جامعات حكومية.

لن يسمح بأي صوت مستقل

وفي السياق، قال الكاتب السعودي جمال خاشقجي، في مقال رأي نشر في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن توقيف النشطاء كان بمثابة مفاجأة حتى بالنسبة "لأكبر المدافعين عن الحكومة".

وأضاف خاشقجي أن الرسالة من وراء التوقيفات واضحة ومفادها أنه "لن يسمح بأي صوت مستقل أو رأي مضاد. يجب على الجميع الالتزام بالاتجاه السياسي الرسمي".

كما كتب خاشقجي، والذي فر من السعودية في مستهل موجة التوقيفات الجماعية التي شهدتها المملكة العام الماضي، قائلا "يتوقع منا أن نشجع بقوة الإصلاحات الاجتماعية ونثني على ولي العهد مع تجنب أي إشارة إلى السعوديين الرائدين الذين تجرأوا على مواجهة هذه القضايا منذ عقود".

هذا وكان ولي العهد السعودي قد أشرف، العام الماضي، على توقيف عشرات الكتاب والمثقفين والدعاة الوسطيين الذين يعتبرون منتقدين لسياساته الخارجية.

كما قاد حملة غير مسبوقة استهدفت بعضا من كبار الأمراء ورجال الأعمال، وأجبرهم على التخلي عن جزء كبير من ثرواتهم مقابل حريتهم، وذلك ضمن حملة من المفترض أنها لمكافحة الفساد.

وقال نشطاء إن المحامي إبراهيم المديميغ، والذي يمثل عددا من المدافعين عن حقوق الإنسان رغم خطورة الأمر، بين الموقوفين.

ومثل المديميغ الناشطة الهذلول لدى توقيفها أواخر العام 2014 لمدة أكثر من 70 يوما بسبب انتقادها الحكومة عبر الإنترنت، ومحاولتها قيادة السيارة من الإمارات إلى السعودية.

 

التعليقات