اتساع رقعة التظاهرات في العراق وتسعة قتلى خلال 24 ساعة

قتل تسعة أشخاص بينهم شرطي خلال 24 ساعة في العراق مع اتساع رقعة التظاهرات المطلبية، اليوم الأربعاء، لتشمل العديد من المحافظات العراقية إلى جانب العاصمة بغداد، ولجأت القوات الأمنية مجددًا لإطلاق الرصاص الحي لتفريق المحتجين، وسط دعوات إلى ضبط النفس.

اتساع رقعة التظاهرات في العراق وتسعة قتلى خلال 24 ساعة

(أ ب)

قتل تسعة أشخاص بينهم شرطي خلال 24 ساعة في العراق مع اتساع رقعة التظاهرات المطلبية، اليوم الأربعاء، لتشمل العديد من المحافظات العراقية إلى جانب العاصمة بغداد، ولجأت القوات الأمنية مجددًا لإطلاق الرصاص الحي لتفريق المحتجين، وسط دعوات إلى ضبط النفس.

ويبدو أن الحكومة التي تم تشكيلها قبل عام تقريبًا، قد اتخذت خيار الحزم في مواجهة أول امتحان شعبي لها، رغم أن ذلك لم يثن المحتجين الذين واصلوا تدفقهم مساءً إلى نقاط التجمع المركزية في بغداد ومدن جنوبية عدة.

وقتل خمسة متظاهرين بالرصاص، مساء اليوم، الأربعاء، في الناصرية بمحافظة ذي قار، إضافة إلى شرطي، غداة مقتل متظاهر في المدينة التي تبعد 300 كيلومتر جنوب بغداد، بحسب ما أعلن مسؤول محلي، من دون تحديد مصادر النيران. في المقابل، قتل متظاهران منذ الثلاثاء في بغداد، حيث امتدت التظاهرات لتطال أكثر من ستة أحياء في العاصمة.

و‏‫تشهد العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى، منذ مساء اليوم، انقطاعًا شبه تام لخدمة الإنترنت، في وقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات المطالبة بتحسين الوضع المعيشي ومكافحة الفساد، بحسب محتجين من بغداد وميسان.

وتحفظت وزارة الاتصالات العراقية على التعقيب على الحديث بشأن قطع خدمة الإنترنت، الذي يعتبره محتجون خطوة تستهدف منع انتشار الاحتجاجات.

وقال حسن رحم، وهو ناشط مدني ومتظاهر من بغداد، "بدأت خدمة الإنترنت بالانقطاع بشكل متقطع، عصر اليوم، ما اضطرنا نحن المتظاهرين إلى استخدام برامج إلكترونية تساهم في تقليل نسبة الحجب".

وأقدم المتظاهرون في أحياء عدة من بغداد، على إشعال إطارات وقطع طرق رئيسية، بحسب ما أفادت مصادر صحافية.

ويسعى المحتجون، الذي يواجهون القوات الأمنية وجهًا لوجه، للتوجه إلى ساحة التحرير في وسط العاصمة، التي تعتبر نقطة انطلاق تقليدية للتظاهرات في المدينة، ويفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية، حيث ضربت القوات الأمنية طوقًا أمنيًا مشددًا منذ أمس، الثلاثاء.

وقررت السلطات العراقية، التي أعادت في حزيران/يونيو افتتاح المنطقة الخضراء، التي كانت شديدة التحصين وتضم المقار الحكومية والسفارة الأميركية، إعادة إغلاقها مساء الأربعاء، منعًا لوصول المتظاهرين.

وعادة ما يتخذ المتظاهرون من المنطقة الخضراء وجهة لهم لرمزيتها السياسية، وخصوصًا أنها شهدت في العام 2016 اقتحامًا من قبل أتباع رجل الدين مقتدى الصدر. يذكر أن الصدر دعا مناصريه مساء الأربعاء إلى "إضراب عام" لإسناد المتظاهرين.

واتهمت الحكومة العراقية من وصفتهم بـ"معتدين" و"مندسين" بالتسبب "عمدًا بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".

والأربعاء، استخدمت قوات مكافحة الشغب مجددًا الرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وصولاً إلى رفض تنحية قائد عسكري يتمتع بشعبية، في بغداد والناصرية والنجف جنوبًا.

وأفادت المصادر بأن القوات الأمنية اعتدت على فريق صحافي، واعتقلت صحافياً آخر.

وفي حي الزعفرانية بجنوب العاصمة، حيث أقدم المتظاهرون على حرق إطارات، سُمع أزيز الرصاص على غرار يوم الثلاثاء في وسط بغداد، في محيط ساحة التحرير التي انطلقت منها التظاهرة.

ووفقاً لمصادر طبية، أصيب أكثر من 400 شخص بجروح في مختلف أنحاء العراق، مشيرة إلى أن تسعة منهم على الأقل أصيبوا بالرصاص الحي في بغداد، وآخرون كانوا يعانون الاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع أو أصيبوا خلال عمليات التدافع.

لكن يبدو أن المتظاهرين عازمون على الاستمرار في تحركهم. ففي الزعفرانية، قال عبد الله وليد (27 عامًا)، إنه خرج للتظاهر "لدعم إخواننا في ساحة التحرير"، التي ضربت القوات الأمنية طوقًا أمنيًا حولها.

وأضاف في شارع تتمركز فيه مدرعات قوات مكافحة الشغب، "نطالب بفرص عمل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات، مضت علينا سنوات نطالب، ولا جواب من الحكومة".

أما في حي الشعب، ووسط سحب الدخان الناتج من حرق الإطارات، فقال محمد الجبوري الذي يحمل شهادة في الهندسة، لكنه اليوم يقوم بأعمال هامشية لا تتناسب مع تحصيله الأكاديمي، "نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تعتدي على شعبها كما فعلت هذه الحكومة. نحن نتعامل بسلمية ولكنهم أطلقوا النار".

وهذه التظاهرات غير مسبوقة، إذا إنها لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني كما تجري العادة في بغداد، بل جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.

ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، انقطاعا مزمنا للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

وبحسب تقارير رسمية، فمنذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.

وعنونت صحيفة "البيّنة الجديدة" العراقية إن هذا الحراك لم يشهد "لأول مرة.. لا رايات ولا صورا ولا شعارات حزبية".

وفرقت قوات الأمن التظاهرات في بغداد ومدن عدة من جنوب البلاد بالقوة، أولاً بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. بعيد ذلك، في العاصمة خصوصًا، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي الذي أطلقته في الهواء لساعات في ساحة التحرير.

وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قتل في بغداد تواريه الثرى في منطقة مدينة الصدر، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ"المندسين" الذين يسعون إلى "نشر العنف".

وبعد ذلك، علق الرئيس العراقي برهم صالح، على "تويتر" بالقول إن "التظاهر السلمي حقٌ دستوري (...) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين".

من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، عن "قلق بالغ"، داعية السلطات إلى "ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".

بدورها، أبدت لجنة حقوق الإنسان النيابية اعتراضها على "ردة الفعل الخاطئة وأسلوب قمع التظاهرات السلمية"، مؤكدة ضرورة أن "يتحمل الجميع مسؤوليته".

من جهته دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إلى التحقيق في الموضوع، على غرار الصدر الذي يرفع راية مكافحة الفساد.

أما عبد المهدي، فقد أصدر بيانًا قال فيه "نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدرًا عاليًا من المسؤولية وضبط النفس" في وجه "المعتدين غير السلميين (...) وتسببوا عمدًا بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".

وأثار هذا البيان تعليقات نارية على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، بينما كان السياسيون داعمين للمتظاهرين. والأربعاء، ترأس عبد المهدي اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني لبحث الأزمة.

 

التعليقات