تجدد الاحتجاجات في العراق وقمع الأمن أسفر عن مقتل 74 في ثلاثة أيام

تجددت المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة، اليوم الأحد، لليوم الثالث على التوالي، في مختلف المحافظات، للمطالبة بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، ما دفع السلطات العراقية فرض حظر التجوال في محافظة البصرة جنوبي العراق بعد ساعة من رفعه.

تجدد الاحتجاجات في العراق وقمع الأمن أسفر عن مقتل 74 في ثلاثة أيام

(الأناضول)

تجددت المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة، اليوم الأحد، لليوم الثالث على التوالي، في مختلف المحافظات، للمطالبة بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، ما دفع السلطات العراقية فرض حظر التجوال في محافظة البصرة جنوبي العراق بعد ساعة من رفعه.

فيما أفادت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، بمقتل 74 شخصا وإصابة نحو 2500 آخرين بينهم أفراد أمن، في ثلاثة أيام‎ خلال تحدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة. 

وتواصلت الاحتجاجات المندلعة ببغداد ومحافظات الوسط والجنوب، بمشاركة الآلاف، وسط انتشار أمني مكثف واشتباكات متقطعة، إلى جانب ملاحقة قوات الأمن للمحتجين، وسط أنباء تؤكد اعتقال عدد منهم.

وأكد محافظ البصرة ورئيس اللجنة الأمنية، أسعد العيداني، تمديد حظر التجوال في بيان مقتضب دون ذكر المزيد من التفاصيل، في حين قالت مصادر محلية إن متظاهري البصرة "استغلوا رفع حظر التجوال فتدفقوا إلى الشوارع بكثافة، ما دفع القوات العراقية إلى إطلاق النار في الهواء والغاز المسيل للدموع من أجل تفريقهم".

وأضافت المصادر أن المحتجين "اضطروا إلى تقسيم أنفسهم إلى مجموعات صغيرة تتجول في الشوارع الضيقة والمناطق السكنية على أمل التجمع مرة أخرى في وقت لاحق من الليلة".

وقال ضابط برتبة نقيب في الشرطة العراقية، أحمد خلف، إن المتظاهرين حاولوا "عبور جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء والذي تم إغلاقه على قسمين بواسطة الكتل الإسمنتية".

وأوضح خلف أن "قوات الأمن استخدمت الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم على جسر الجهورية وفي ساحة التحرير"، مشيرًا إلى أنه "لم يسجل اليوم سقوط قتلى أو جرحى".

وتابع خلف أن "احتجاجات اليوم شهدت مشاركة طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس بعد إضرابهم عن الدوام في عدد من المناطق تضامنًا مع المتظاهرين".

كما تواصلت الاحتجاجات في محافظات ميسان وذي قار والبصرة وبابل والديوانية وواسط والمثنى والنجف وكربلاء، وسط انتشار امني واسع وملاحقات للمتظاهرين.

وقال مصدر أمني في شرطة ميسان، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن "تعزيزات عسكرية كبيرة من قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية وصلت إلى محافظة ميسان وأعادت انتشارها في المناطق التي تشهد احتجاجات". وأوضح "لم تقع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن اليوم".

من جهته، قال منسق في احتجاجات البصرة، كريم الشاملي، إن "قوات الأمن بدأت اليوم بعمليات ملاحقة واعتقالات للمتظاهرين وسط المدينة"؛ وأشار إلى أن "عمليات الاعتقال متواصلة بالقرب من مبنى المحافظة والأزقة القريبة منه".

وتابع الشاملي أن "العديد من مناطق البصرة شهدت اليوم استمرار الاحتجاجات رغم فرض حظر للتجوال"، مشيرا إلى أنه "لم يسجل قتلى وجرحى اليوم في الاحتجاجات".

استقالة أربعة نواب عراقيين تضامناً مع المتظاهرين

هذا، وأعلن أربعة نواب عراقيين اليوم، استقالتهم من البرلمان رفضاً لأداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بـ"الفشل" في الاستجابة لمطالب الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي يشهدها العراق منذ مطلع الشهر الحالي، وخلفت أكثر من 200 قتيل.

واستقال النائبان الشيوعيان الوحيدان اللذان حصلا على مقعديهما ضمن ائتلاف "سائرون" الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر، "بسبب التظاهرات وأساليب قمعها"، بحسب ما قال أحدهما، وهو رائد فهمي، لوكالة "فرانس برس". كما أعلنت زميلته هيفاء الأمين أيضاً استقالتها.

وأضاف فهمي أنه "خلال 27 يوماً، لم يقدم البرلمان شيئاً، لم يستطع طلب رئيس الحكومة أو وزير الداخلية للمساءلة"، بعد دخول البلاد منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر في دوامة أزمة اجتماعية وسياسية دامية.

وأعلن نائبان آخران، هما طه الدفاعي ومزاحم التميمي، من قائمة "النصر" التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي المعارض حاليًا، الاستقالة أيضا.

وقال الأول في بيان استقالته إن الأحزاب التي حكمت البلاد منذ العام 2003 "فشلت فشلاً ذريعاً"، في بلد يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، وخسر بسبب الفساد أكثر من 450 مليار دولار من الأموال العامة.

وبدأ نواب الصدر، الذين يشكلون كتلة "سائرون" الأكبر في مجلس النواب العراقي، اعتصاماً مفتوحاً مساء السبت داخل مجلس النواب "إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يطالب بها الشعب العراقي".

وفاز تحالف "سائرون" بالانتخابات التشريعية التي جرت في أيار/مايو 2018، بنيله 54 مقعداً في البرلمان، ما جعل الصدر في موقع مؤثر في الائتلاف الحكومي الذي يطالب الشارع بإسقاطه اليوم.

بدوره، حذر رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، من استغلال المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

وقال المتحدث العسكري باسم عبد المهدي، اللواء الركن عبد الكريم خلف، إن رئيس الحكومة أمر بأن يكون الدوام كاملا في وزارات الدولة ومؤسساتها والدوائر التابعة لها والمدارس والجامعات.

وأضاف: "إذا تم رصد أي حالة تعطيل متعمد سيتم إحالة المتسببين بتعطيل الدوام إلى إجراءات عقابية شديدة".

وفي وقت سابق اليوم، نظم طلبة جامعات ومدارس في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراقية، تظاهرات تطالب بالإصلاح، فيما اعتصم آخرون.

وتناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور تظهر مسيرات وهتافات للطلبة أمام وداخل مدارسهم، كان من بينهم طلبة مدارس ابتدائية.

وقتل 74 متظاهراً وأصيب نحو 2500 آخرين بينهم أفراد أمن خلال 72 ساعة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بحسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية.

وموجة الاحتجاجات الجديدة التي بدأت الجمعة، هي الثانية من نوعها خلال تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بعد أخرى قبل نحو أسبوعين شهدت مقتل 149 محتجًا و8 من أفراد الأمن.

وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.

ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.

ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبدالمهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.  

التعليقات