مبادرة شباب شعبية في تخفيف أزمة المواصلات

بادر شباب سودانيون، اليوم الخميس، إلى تخفيف أزمة المواصلات في الخرطوم، من خلال دعوتهم لسائقي شاحنات أن يقلوا معهم ركابًا ينتظرون لساعات طويلة لوسيلة نقل، في ظلّ أزمة مواصلات خانقة تعاني منها العاصمة السودانية منذ سنوات.

مبادرة شباب شعبية في تخفيف أزمة المواصلات

(أ ب)

بادر شباب سودانيون، اليوم الخميس، إلى تخفيف أزمة المواصلات في الخرطوم، من خلال دعوتهم لسائقي شاحنات أن يقلوا معهم ركابًا ينتظرون لساعات طويلة لوسيلة نقل، في ظلّ أزمة مواصلات خانقة تعاني منها العاصمة السودانية منذ سنوات، هاتفين لسائقي الشاحنات  بشعار  "يا ماشي لبيتك، شيل معك نفرين (شخصين)".

وأفادت وكالة "فرانس برس"، في بيان نشرته أن أزمة المواصلات في السودان، تفاقمت في الآونة الأخيرة، بسبب عوامل عدّة أبرزها تهالك حافلات النقل العام وغالبيتها مملوك لأفراد، وخروج قسم منها من الخدمة جرّاء ارتفاع أسعار قطع الغيار،  وشحّ الوقود ورداءة الطرق وتدهور سعر العملة.

وأفاد مواطن  سوداني سبعينيّ ، لوكالة "فرانس برس"، أنه "أنتظر منذ ساعتين، مرّت حافلات كثيرة لكنّني لم أستطع ركوب أيّ منها لأنّني مسنّ لا أقوى على الركض أو التدافع ولا أملك المال لأستقلّ سيارة أجرة أو حتى توك توك".

ووفقا لبيان الوكالة، وقف شبّان يردّدون هتافات بينها "أُقسِم، أُقسم، أُقسم... هنجيب عربات عربات... عربات وكمان روزات (باصات)" . ويوضح البيان  أن هؤلاء الشباب يمثلون حراك كان جزءا من ثورة جمعت الملايين السودانيين احتجاجًا على حكم الرئيس السابق عمر البشير . أذ أن أزمة المواصلات  كانت واحدة من الأزمات التي أطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية.

وقال أحد المبادرين الشباب، حسن سيف الدين (27 عامًا)،  إنّنا "أطلقنا هذه المبادرة لكي نساعد الناس على العودة إلى بيوتهم". وأضاف أنّه قد توقفت أمامه شاحنة صغيرة بيضاء أقلّت في صندوقها الخلفي أكثر من عشرة ركاب عقب هتافاتنا فأننا "نطلق هتافات مثل: 'يا ماشي لبيتك... شيل معك غيرك'، 'ارفع معك أمك وصّل معك أختك'،  هناك سائقون يتجاوبون معنا. نحن نعطي الأولوية للنساء والأطفال والعجزة".

في حين أن بعض السائقين يستبق إلى محاولة استيقافه بإشارة من بعيد بسبابته نحو الأسفل، وذلك ما يعني أن المكان الذي يقصده قريب، فيكمل سيره بدون توقف، بينما يتوقف آخرون بكل طيبة خاطر، مرحبين بالمبادرة وبركابهم.

وذكر البيان أنّ ذروة الأزمة تكون في بعد الظهيرة، تبدأ عادةّ في شوارع الخرطوم في الساعة الرابعة بعد الظهر، تزامنًا مع انتهاء دوام الموظفين والطلاب. ويوضح أن ما يزيد من حدّة الأزمة، هو الفرق الشاسع بين السعر البخس لتذكرة الحافلة المحدّد قانونياً (5 جنيهات أي أقلّ من 10 سنتات) إضافةً إلى التسعيرة التي يحدّدها سائقو التاكسي "على مزاجهم" في تعرفة محدّدة. ويذكر أيضًا، أن معدّل الدخل الفردي اليومي في السودان لا يزيد عن دولارين، بالتالي يصبح ركوب سيارة الأجرة ترفاً بالنسبة للطبقة الكادحة.

ووصف البيان حالة الأزمة، أذ أنه يتكدّس الركّاب في أقل من دقيقة، في الحافلة جلوساً ووقوفاً. ولكن هذا لا يمنع بعض الشبّان من الركض خلفها وإكمال محاولتهم لركوبها، بينما الحافلة تواصل سيرها وقد تميل بشدة نحو اليمين من وطأة الحمولة الزائدة.

ووعدت الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله حمدوك، بمعالجة أزمة المواصلات سريعاً عبر خطة تشمل استيراد حافلات وإصلاح تلك الشاحنات المعطوبة، وتأهيل طرق رئيسية، وتعزيز الرقابة وتفعيل سكك الحديد. وبانتظار حصول ذلك أمرت الحكومة، الأحد الماضي، جميع الوزارات والمؤسسات والقوات الأمنية والعسكرية "بتسخير آلياتها لنقل المواطنين مجاناً".

لكن رقيّة، التي يستغرقها مشوار العودة لمنزلها يومياً ثلاث أو أربع ساعات، تعوّل أكثر على المبادرات الفردية، وأكد ذلك بقولها "لو أقلّ كل سائق نفرين أو ثلاثة معه لحلّت الأزمة... شباب المبادرة يحاولون إقناع السائقين بذلك لكنّ بعض هؤلاء مفترون، يروننا ويكملون سيرهم".

بحيث أن  "شبان المبادرة" يحاولون عبر الهتاف إقناع سائقي المركبات الخصوصية بنقل الركاب، فإنّهم يستخدمون لغة أخرى لإقناع سائقي الحافلات، فلا يتوانون عن إجبارهم على تغيير وجهاتهم لكي يقلّوا معهم أعداداً أكبر من الركاب ولمسافات أطول.

ويقول سائق إحدى الحافلات، نزار دفع الله (32 عامًا) بانزعاج واضح "كنت متّجهاً إلى ناحية المصرف فأجبرني شبّان المبادرة بالقوّة على الذهاب إلى الكوبري". ويضيف "حالة الطرق سيّئة والمحروقات شحيحة والزحمة خانقة، وكلّ هذا يقلّل من عدد رحلاتنا اليومية فيقلّ ربحنا، بينما ترتفع أسعار قطع الغيار". لكنّ "شبان المبادرة" يقولون إنّ سائقي الحافلات يلتفّون على سعر التذكرة الثابت بتقصير مسافة الرحلة، بحيث بات الراكب يستقلّ أحياناً أربع حافلات للوصول إلى منطقة كان يصل إليها بحافلة واحدة.

 

التعليقات