احتمال تكليف الصفدي يثير غضب اللبنانيين: هل تستهزئون بنا؟

وافق وزير المالية اللبناني السابق، محمد الصفدي، على تولي رئاسة الحكومة المقبلة في حالة فوزه بتأييد القوى السياسية الأساسية، بحسب ما أعلن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، اليوم الجمعة.

احتمال تكليف الصفدي يثير غضب اللبنانيين: هل تستهزئون بنا؟

(أ ب)

وافق وزير المالية اللبناني السابق، محمد الصفدي، على تولي رئاسة الحكومة المقبلة في حالة فوزه بتأييد القوى السياسية الأساسية، بحسب ما أعلن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، اليوم الجمعة، فيما عبّر اللبنانيون عن رفضهم للتكليف معتبرين أن الصفدي "جزء من تركيبة هذه السلطة، وله مشاركة مباشرة في الفساد".

يأتي ذلك فيما شدد مصدر مُقرّب من الصفدي، على أن الأخير لن يترأس أي حكومة لا ترضي الشارع، مشيرا إلى أن المشاورات لا تزال مستمرة بهذا الخصوص، حسبا ورد في وكالة "الأناضول" التركية.

(أرشيفية - رويترز)

وقال المصدر، مفضلا عدم ذكر اسمه، إنّ اسم الصفدي، طُرِحَ لرئاسة الحكومة المُقبلة لأنّه رجل توافق، بالإضافة إلى أنّ لا أحد يستطيع أن يمسك عليه أي ملف يتعلّق بالفساد، خصوصًا وأنّه جنى ثروته في الخارج.

وأضاف المصدر أنّ الاستشارات النيابيّة هي من يحدد إن كان الصفدي سيُكلّف بتشكيل الحكومة أم لا.  ولفت إلى أنّ المشاورات لا تزال مُستمرّة حتى الساعة السادسة. وشدد على أنّ الصفدي لن يترأس أي حكومة لا ترضي الناس في الشارع. 

وأضاف أن "لا أحد يتخطى الدستور اللّبنانيّ، والوزير الصفدي مؤمن أنّ من بعد خطوة التكليف نذهب إلى خطوة التأليف".

ويشير الإجماع على السياسي الثري البالغ من العمر 75 عاما، والذي يرتبط بعلاقات أعمال واسعة مع السعودية، إلى إحراز تقدم صوب تشكيل حكومة جديدة في ظل أزمة اقتصادية حادة واحتجاجات شوارع أسقطت سلفه.

وقال باسيل لتلفزيون "إم تي في" إن عملية تعيين الصفدي رئيسًا للوزراء يجب أن تبدأ يوم الإثنين، ورجّح تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل بعد أن اتفقت جميع الأطراف الرئيسية على ضرورة التحرك بسرعة.

وقال باسيل "أؤكد أننا تواصلنا مع الوزير الصفدي، وهو وافق على تولي رئاسة الحكومة في حال حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الأساسية المشاركة في الحكومة".

(أ ب)

احتمال تكليف الصفدي يثير غضب المتظاهرين

وأثارت التسريبات حول احتمال تكليف الصفدي، غضب وسخرية المتظاهرين الذين يطالبون في حراكهم المستمر منذ نحو شهر بإسقاط الطبقة السياسية بالكامل، متهمين إياها بالفساد وبالعجز عن حل الأزمات المعيشية.

وفي وقت مبكر مساء الجمعة، تجمع محتجون أمام منزل الصفدي في بيروت اعتراضا على احتمال تعيينه، ووصفوه بانه "فاسد"؛ وفق ما جاء في مقابلات أجرتها وكالة "فرانس برس" مع متظاهرين.

وقال علي نور الدين، أمام المنزل "جئنا اليوم لنؤكد رفضنا التام لتعيين الصفدي (...) هذا الموضوع مرفوض رفضا تاما من قبل الثوار (...) الصفدي أحدهم وفاسد مثلهم".

وتناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا للصفدي كتب عليها "هل تستهزئون بنا؟". وتظاهر العشرات ليل الخميس في بيروت وطرابلس احتجاجًا على تسميته.

وفي طرابلس، قال جمال بدوي (60 عامًا) "يثبت طرح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة أن السياسيين في السلطة يعيشون في غيبوبة عميقة وكأنهم في كوكب آخر خارج نبض الشارع".

واعتبر الأستاذ الجامعي سامر أنوس (47 عامًا) أن الصفدي "جزء أساسي من تركيبة هذه السلطة، وله مشاركة مباشرة في الفساد والاعتداء على الأملاك البحرية"، مضيفًا "الصفدي لا يلبي طموحات الانتفاضة الشعبية في لبنان".

وأعاد متظاهرون، اليوم، قطع الطرق في بعض المناطق، واعتصم العشرات أمام أحد مخافر بيروت احتجاجًا على توقيف ناشطين اثنين قبل أن يتم إطلاق سراحهما.

وكانت القوى الأمنية أوقفت خلال الأيام الماضية متظاهرين عدة قبل أن تعود وتطلق سراحهم، وقد بدا على اثنين منهم على الأقل أثار ضرب.

ومساء، صدر بيان للجيش أكد أن "بعض المحتجين عمد إلى التعرض للعسكريين بتوجيه عبارات استفزازية ومحاولة الاعتداء عليهم لدى قيام قوى الجيش بتنفيذ مهامها في فتح الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية".

وتابع أن ذلك "أدى إلى إصابة عدد من العسكريين برضوض وجروح مختلفة الأمر الذي دفع إلى توقيف المعتدين الذين بلغ عددهم 20 شخصًا وأحيلوا على التحقيق".

وذكر الجيش في بيانه أنه تم "إخلاء سبيل 9 منهم، والإبقاء على 7 أشخاص رهن التحقيق وأحيل 4 منهم بينهم سوري على الشرطة العسكرية، بعدما ثبت تورطهم بمخالفات أخرى".

ونفذت مستشفيات عدة، اليوم،إضرابا جزئيا ليوم واحد فقط، لم تستقبل خلاله سوى الحالات الطارئة، تنفيذًا لإجراء تحذيري اتخذته للضغط من أجل تسهيل حصولها على مبالغ بالدولار لشراء مستلزمات طبية، في وقت تمرّ البلاد بأزمة سيولة خانقة.

يذكر أن سعد الحريري استقال من رئاسة الوزراء في 29 تشرين الأول/ أكتوبر تحت ضغط الاحتجاجات ضد النخبة السياسية الحاكمة التي المتهمة بالفساد الحكومي المتفشي، وإيقاع لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وأغلقت البنوك أبوابها هذا الأسبوع نتيجة إضراب الموظفين بسبب مخاوف أمنية، وفرضت البنوك قيودا على التحويلات للخارج وعمليات سحب الدولار الأميركي، فيما تئن الليرة اللبنانية رغم تثبيت سعرها تحت وطأة ضغوط في السوق غير الرسمية. وزادت بعض المتاجر أسعار السلع المستوردة في حال الدفع بالليرة.

(أ ب)

توافق بين "حزب الله" والحريري على تكليف الصفدي

وقالت مصادر سياسية إن التوافق على الصفدي ظهر في اجتماع في ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس بين الحريري، وممثلين عن جماعة "حزب الله"، وحليفتها حركة "أمل".

وقال مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع إن الحريري لم يبد أي اعتراض على ترشيح الصفدي. وقال مصدر ثان، وهو شخصية بارزة قريبة من حركة أمل وحزب الله، إن الاتفاق من حيث المبدأ على ترشيح الصفدي ظهر في هذا الاجتماع.

والصفدي هو رجل أعمال بارز وعضو سابق في البرلمان عن مدينة طرابلس الشمالية. وشغل منصب وزير المالية في الفترة من 2011 إلى 2014 في عهد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وشغل أيضا في وقت سابق منصب وزير الاقتصاد والتجارة.

وبحسب المحاصصة الطائفية التي يستند عليها النظام السياسي في لبنان، يجب أن يكون رئيس وزراء لبنان مسلمًا سنيًا، وفقًا لنظام تقاسم السلطة الطائفي.

وتواجه الحكومة القادمة تحديات ضخمة. حيث يتعين عليها أن تفوز بالدعم المالي الدولي الذي يعتبر عنصرا مهما للغاية في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، ومواجهة التحدي المتمثل في حركة الاحتجاج على مستوى البلاد التي تريد إزاحة النخبة القديمة عن السلطة.

ومنذ بدء الاحتجاجات، تعمقت الأزمة الاقتصادية القائمة في لبنان منذ فترة طويلة، والتي تمتد جذورها لسنوات من الهدر الحكومي والفساد وسوء الإدارة.

وقال وسيط معاملات إن الدولار عُرض بسعر 1820 ليرة اليوم، وهو سعر أعلى من السعر الرسمي الذي يقدر بـ1507.5 ليرة.

وكان الحريري قد صرّح بأنه لن يعود لرئاسة الوزراء سوى في إطار حكومة وزراء متخصصين يعتقد أنها ستكون في الوضع الأمثل للفوز بالمساعدات وإنقاذ لبنان من الأزمة. ولتحقيق هذه الغاية، عقد الكثير من الاجتماعات المغلقة مع الأطراف الأخرى.

وكان "حزب الله" وحركة "أمل" يريدان عودة الحريري رئيسا للوزراء، لكن الجانبين والرئيس ميشال عون، وهو حليف لحزب الله، يطالبون بأن تتضمن الحكومة تكنوقراط وسياسيين.

وتتطلب العملية من عون، التشاور مع أعضاء البرلمان بشكل رسمي حول من يختارونه لرئاسة الوزراء. ويتعين عليه تعيين من يحصل على أكبر عدد من الأصوات. علما بأن الحريري لا يزال قائما بأعمال رئيس الوزراء في الوقت الحالي.

 

التعليقات