"عذرا.. العراق مغلق لصيانة الوطن": ارتفاع حصيلة قتلى الاحتجاجات

صعّد المتظاهرون العراقيون من وتيرة احتجاجهم، انطلاقا من شعار "عذرًا الطريق مغلق لصيانة الوطن"، في ظل أداء متردد لحكومة عادل عبد الهادي، الذي يقترب من طرح تعديله الوزاري الواسع على البرلمان.

(أ ب)

صعّد المتظاهرون العراقيون من وتيرة احتجاجهم، انطلاقا من شعار "عذرًا الطريق مغلق لصيانة الوطن"، في ظل أداء متردد لحكومة عادل عبد الهادي، الذي يقترب من طرح تعديله الوزاري الواسع على البرلمان.

وقتل متظاهران بالرصاص الحي، اليوم الأربعاء، في العاصمة العراقية، بغداد، فيما ارتفعت أعمدة كبيرة من الدخان الأسود على امتداد طرق غير بعيدة عن أماكن مقدسة ودوائر حكومية في جنوب العراق، حيث تتواصل الاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام" منذ شهرين رغم إجراءات القمع الدامية.

وجدد المئات من المتظاهرين في عدة مدن عراقية، منذ فجر الأربعاء، غلق معظم الطرق الرئيسة؛ للاستمرار بالإضراب العام الذي دعت له تنسيقيات المتظاهرين، فيما تمكنت السلطات من فتح العديد منها.

كر وفر بين قوات الأمن والمتظاهرين

وعبر متظاهرون بإحراق إطارات سيارات عن رفض قادتهم السياسيين الذين يتهمونهم بـ"الفشل"، وعدم القدرة على القيام بإصلاحات مهمة على الرغم من مرور شهرين على أعنف احتجاجات في تاريخ البلاد الحديث.

وفي بغداد، التي تعد المركز الرئيسي للاحتجاجات، قتل متظاهران بالرصاص الحي وأصيب ما لا يقل عن 25 آخرين بالأعيرة النارية وقنابل الغاز المسيلة للدموع، حسبما ذكرت مصادر أمنية وطبية.

واندلعت المواجهات عند جسر الأحرار، وسط بغداد، حيث أطلقت القوات الأمنية التي تقف خلف حواجز إسمنية، الرصاص وقنابل الغاز ضد المتظاهرين.

إغلاق الطرق في المحافظات الجنوبية

وفي محافظات النجف بابل والديوانية وكربلاء والمثنى وميسان (جنوب)، أكد المصادر، أن العديد من الطرق والشوارع الرئيسية التي أغلقها المحتجون صباح الأربعاء، أعادت القوات الأمنية فتحها، لتصبح تلك الطرق سالكة أمام المواطنين.

وفي كربلاء، على بعد 100 كيلومتر، جنوب بغداد، وبعد ساعات من وقوع أعمال عنف هي الأولى التي تشهدها المحافظة، أمس، استُخدم خلالها الرصاص الحي ما أدى إلى سقوط قتيل بحسب مصادر طبية، أعلنت العتبات الدينية عن إغلاق جميع مدارس الأطفال الدينية في كربلاء والنجف، بالإضافة إلى مدينة الحلة، عاصمة محافظة بابل الواقعة إلى الشرق من كربلاء.

وتصاعدت، في وقت سابق اليوم، سحب الدخان الأسود من مدينة كربلاء، كما عاش عدد كبير من مدن الجنوب شللاً لقيام متظاهرين بقطع الطرق وإغلاق الدوائر الحكومية والمدارس.

تواصل الاحتجاجات في البصرة 

فيما شهدت مدينة الحلة، جنوب بغداد، احتجاجات خلال اليومين الماضيين، تخللتها أعمال عنف وخلفت حوالي مئة جريح، أغلبهم بقنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الأمن، وفقا لمصادر طبية.

وتواصلت الاحتجاجات في البصرة والناصرية حيث تقع حقول للنفط الذي يمثل 90% من موارد الحكومة المثقلة بالديون، واعتصم متظاهرون عند شركة نفط ذي قار الحكومية شرق الناصرية، دون وقوع أعمال عنف؛ رغم ذلك تواصل العمل في حقول النفط الواقعة في كلا المحافظتين.

ويعتبر المتظاهرون في البصرة أن "الحكومة فقدت كل شرعيتها، لا نريدهم، كل يوم يجتمعون ويفترض أن يناقشوا مطالبنا، لكننا لا نتوقع أي شيء منهم"؛ فيما بلغ استياء المحتجين في البصرة أعلى مستوى، لأن محافظتهم تضم غالبية احتياطي النفط في العراق، الذي يعد ثاني أكبر دول منتجة في منظمة أوبك.

تعديل وزاري وشيك

في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إعلان عبد المهدي عن تعديله الوزاري الأول، بات وشيكًا، ولفت الحديثي إلى أن التعديل الوزاري سيشمل عددًا غير قليل من الحقائب، "على أن يكون الوزراء الجدد بعيدين عن الكتل والأحزاب السياسية".

يأتي ذلك فيما يرى الحراك في المحاولات الحكومية الحالية، انطلاقا من التعديل الوزاري المرتقب، وصولا إلى ما يعرف بحزم الإصلاح المتتالية التي أعلن عنها، محاولة لكسب الوقت، في ظل القمع المتواصل والمستمر للمتظاهرين في جميع أرجاء العراق.

ذكر الحديثي أن عدد الحقائب الوزارية التي قد يشملها التعديل، "يصل إلى ما يقارب نصف التشكيلة الحكومية، على أن تقدم الترشيحات ضمن حزمة واحدة، ودون استباقها بتسريبات، لضمان تمريرها بسلاسة".

ليلة دامية - صاخبة

ورغم وقوع قتلى وجرحى من بين المتظاهرين نهار الأربعاء، استمرت التظاهرات في بغداد التي تعد المركز الرئيسي لاحتجاجات في البلاد، وانتشر متظاهرون يرتدون خوذا ويغطون وجوههم بشالات رقيقة لتجنب الغاز المسيل للدموع.

وتأتي احتجاجات بغداد، غداة ليلة صاخبة شهدتها ساحة التحرير الرمزية في وسط العاصمة، لاحتفالات شارك فيها آلاف العراقيين، بفوز منتخبهم الكروي على منتخب قطر في إطار تصفيات دورة الخليج.

وقتل ستة أشخاص جراء ثلاثة انفجارات شبه متزامنة وقعت الثلاثاء في مناطق متفرقة في بغداد، تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في بيان نشرته عبر "وكالة أعماق" الدعائية التابعة للتنظيم.

ويطالب المتظاهرون منذ انطلاق الاحتجاجات في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل الطبقة السياسية التي حكمت البلاد على مدى 16 عاما الماضية، ويعتبرونها مسؤولة عن تبخّر أكثر من 450 مليارات دولارًا، بحسب أرقام رسمية.

ومنذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل أكثر من 350 شخصًا، معظمهم من المحتجين، في أول حركة احتجاج عفوية منذ عقود، وفقًا لحصيلة أعدتها وكالة "فرانس برس"، نقلاً عن مصادر أمنية وطبية، فيما توقفت السلطات العراقية، عن أعلان عدد القتلى والجرحى ، بعدما أشارت أخر حصيلة لها إلى إصابة 15 ألف جريح.

 

التعليقات