45 قتيلا بالعراق: يقتلون القتيل ومن يمشي في جنازته..

قُتل 28 متظاهرا على الأقل بنيران أطلقتها قوات الأمن العراقية، اليوم الخميس، وفرضت السلطات حظرا على التجول في مدينة النجف، بعدما أحرق متظاهرون القنصلية الإيرانية فيها، فيما قد يمثل نقطة تحول في انتفاضة على السلطات المدعومة من طهران.

45 قتيلا بالعراق: يقتلون القتيل ومن يمشي في جنازته..

(أ ب)

ارتفع إلى 45 على الأقل عدد المتظاهرين القتلى برصاص قوات الأمن العراقية، أمس الخميس. وكان متظاهرون اقتحموا القنصلية الإيرانية في النجف، قبيل فجر أمس، وأضرموا النيران فيها، فيما قد يمثل نقطة تحول في انتفاضة على السلطات المدعومة من طهران.

وقتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 29 شخصا، عندما فتحت النار على متظاهرين أغلقوا جسرا في مدينة الناصرية الجنوبية قبل فجر أمس، كما تجمع المحتجون في وقت لاحق عند مركز للشرطة. وقالت مصادر طبية إن عشرات أصيبوا أيضا بجروح.

وسقط أربعة آخرون قتلى في العاصمة بغداد، حيث أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية والطلقات المطاطية قرب جسر على نهر دجلة. كما قتل 12 متظاهرا في اشتباكات وقعت في مدينة النجف.

وفي الناصرية تحدى آلاف المشيعين حظرا للتجول ونزلوا للشوارع للمشاركة في جنازات قتلى الاحتجاجات. وشكلت لقطات مصورة للمحتجين وهم يهللون خلال الليل، بينما كانت ألسنة اللهب تستعر في القنصلية، تغيرا مذهلا بعد سنوات شكل فيها النفوذ الإيراني لدى الشيعة في الدول العربية عاملا مهما في المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

وأجّج إضرام النار في القنصلية الإيرانية في مدينة النجف بجنوب البلاد العنف في العراق، بعد أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة التي تهدف لإسقاط حكومة يعتبرها المحتجون غارقة في الفساد ومدعومة من طهران.

وكان ذلك أقوى تعبير حتى الآن عن المشاعر المناهضة لإيران بين المتظاهرين العراقيين، مع اتساع الهوة بين النخبة الحاكمة المتحالفة إلى حد كبير مع إيران وأغلبية عراقية يزداد شعورها باليأس، إذ لا تُتاح لها فرص تُذكر ولا تحصل على دعم يُذكر من الدولة.

وعلى إثر الأحداث الدامية قرر رئيس الوزراء إقالة القائد العسكري الفريق، جميل الشمري، بعد ساعات من تعيينه مسؤولا عسكريا على هذه المدينة، التي تشهد منذ أيام احتجاجات متواصلة.

وشيع المتظاهرون الغاضبون جثامين الضحايا بعد أن تمكنوا من إضرام النيران بمقر قيادة الشرطة والسيطرة على جسرين رئيسيين.

(أ ب)

وبعد ذلك، حاصر المتظاهرون المقر العسكري الرئيسي في الوقت الذي انتشر فيه أفراد مسلحون من أبناء القبائل المؤثرة في المنطقة على طول الطرق السريعة الرئيسية لمنع وصول تعزيزات عسكرية إلى المدينة.

تأتي عملية القمع الواسعة التي شهدتها هذه المدينة، مسقط رأس رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعد ساعات من إعلان تشكيل خلية أزمة عسكرية في المحافظات الجنوبية المنتفضة لإدارة الملف الأمني فيها، واستعادة النظام.

وتسلم الفريق جميل الشمري الذي كان قائدا لعمليات البصرة خلال تظاهرات صيف 2018 الدامية، مسؤولية الملف الأمني في الناصرية.

وكان محافظ ذي قار، عادل الدخيلي، طالب رئيس الوزراء بإبعاد الفريق جميل الشمري لإخلاله بأمن المحافظة، كما دعا إلى "تشكيل لجنة تحقيق ومعاقبة كل من تسبب بسقوط دماء أبناء المحافظة".

(أ ب)

وارتفعت حصيلة الضحايا في هذه التظاهرات منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر إلى نحو 370 قتيلاً وأكثر من 15 ألف جريح، حسب حصيلة أعدتها وكالة "فرانس برس" بينما لا تصدر السلطات أرقاما محدثة أو دقيقة.

وأفادت وكالة "فرانس برس" أن عناصر أمن انتشروا في محيط الناصرية حيث قاموا بعمليات تفتيش لجميع السيارات والأشخاص الذين يحاولون الدخول.

ويقوم المحتجون بإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على القوات العراقية التي ترد عليهم بقنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي وحي.

واندلعت الصدامات الأخيرة اليوم قرب ساحة الاحتجاج في الناصرية حيث قامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين وطردهم من جسرين رئيسيين كانوا يحتلونهما منذ أيام.

وبحسب شهود فان المتظاهرين الغاضبين أضرموا النار كذلك في فوج المهمات الخاصة بعد سقوط قتلى بين صفوفهم.

(أ ب)

وبعد ساعات، أعلنت السلطات المحلية حظر تجول. وشوهدت تعزيزات عسكرية منتشرة حول أطراف المدينة فيما كان يجري تفتيش جميع السيارات والأشخاص الذين يسعون للدخول، حسبما ذكر مراسل وكالة "فرانس برس".

وقامت السلطات باتخاذ خطوة مشابهة في مدينة النجف المقدّسة لدى الشيعة حيث أحرق المتظاهرون القنصلية الإيرانية خلال الليل.

وأضافت وكالة "فرانس برس" أن شوارع النجف شبه مقفرة صباح الخميس إثر الحظر المفروض فيما أعلنت الإدارة المحلية عطلة رسمية للموظفين.

من جهة أخرى، طالبت إيران العراق الخميس باتخاذ "إجراءات حازمة ومؤثرة" ضد "العناصر المعتدية" على قنصليتها في مدينة النجف الشيعية المقدسة.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، عباس موسوي، "استنكاره الاعتداء" على القنصلية الإيرانية، موضحة أنه "تم إبلاغ السفير العراقي في طهران رسميا بشأن احتجاج إيران الشديد في هذا الخصوص".

في وقت متأخر من ليل الأربعاء، أحرق متظاهرون إطارات وأشياء أخرى ما تسبب بسحب دخان، حسبما أفاد مراسل "فرانس برس".

وقبل ذلك، اقتحم المتظاهرون المبنى الذي أخلي من موظفيه الدبلوماسيين مسبقا، وسط هتافات "إيران بره بره، بغداد تبقى حرة".

وتعرضت القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء المقدسة في العراق في وقت سابق من هذا الشهر لهجوم مماثل من قبل المحتجين. لكن قوات الأمن المسؤولة عن حمايتها أطلقت النار عليهم، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم.

(أ ب)

وتربط إيران والعراق علاقات وثيقة لكن معقدة. فقد تواجه البلدان في حرب مدمرة بين عامي 1980 و1988 لكن إيران لديها الآن نفوذ كبير بين القادة السياسيين والعسكريين العراقيين.

وعقد قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، المسؤول عن الملف العراقي، عدة اجتماعات في بغداد والنجف لإقناع الفصائل السياسية برص الصفوف ودعم حكومة عبد المهدي.

وقد مهدت تلك الاجتماعات في السابق الطريق لقمع محدود للتظاهرات في بغداد والجنوب.

يبدو أن الرد الأمني الخميس كان منسقًا في جميع المحافظات التي تشهد تظاهرات. فقد أعلنت القيادة العسكرية أنه "تم إنشاء خلية أزمة تحت إشراف المحافظين" من أجل "فرض الأمن واستعادة النظام".

وفي مدينة كربلاء الواقعة على بعد 100 كليو متر جنوب بغداد، اندلعت اشتباكات بين مجموعة تضم نحو 200 متظاهر مع قوات الشرطة قرب مقر الحكومة المحلية.

إلى ذلك، واصل المتظاهرون اعتصاماتهم في الكوت والعمارة والحلة، جنوب العاصمة، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة.

وفي مدينة البصرة الغنية بالنفط، أعيد فتح معظم الدوائر الحكومية لكن ظلت أبواب المدارس مع انتشار قوات الأمن في الشوارع.

التعليقات