الدم العراقي: استقالات وتحقيقات للتهرب من المسؤولية

في أعقاب الأحداث الدامية التي خلّفت 45 قتيلًا في محافظات العراق، يوم أمس الخميس، أعلن مجلس القضاء الأعلى، صباح اليوم، تشكيل لجنة للتحقيق العاجل في قتل المحتجين، كما وأعلن نائب محافظ النجف، طلال بلال، استقالته من منصبه، احتجاجا على الإجراءات

الدم العراقي: استقالات وتحقيقات للتهرب من المسؤولية

الناصرية أمس (أ ب)

في أعقاب الأحداث الدامية التي خلّفت 45 قتيلًا في محافظات العراق، يوم أمس الخميس، أعلن مجلس القضاء الأعلى، صباح اليوم، تشكيل لجنة للتحقيق العاجل في قتل المحتجين، كما وأعلن نائب محافظ النجف، طلال بلال، استقالته من منصبه، احتجاجا على الإجراءات الحكومية بعد سقوط قتلى وجرحى بالمحافظة.

وقال المتحدث باسم المجلس، عبد الستار بيرقدار، في بيان مقتضب، إن "مجلس القضاء الأعلى يشكل هيئة تحقيقية (مكوناً) من ثلاثة من نواب رئيس محكمة استئناف ذي قار للتحقيق العاجل في عمليات قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضيين".

وقتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 29 شخصا، عندما فتحت النار على متظاهرين أغلقوا جسرا في مدينة الناصرية الجنوبية قبل فجر أمس، كما تجمع المحتجون في وقت لاحق عند مركز للشرطة. وقالت مصادر طبية إن عشرات أصيبوا أيضا بجروح.

وسقط أربعة آخرون قتلى في العاصمة بغداد، حيث أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية والطلقات المطاطية قرب جسر على نهر دجلة. كما قتل 12 متظاهرا في اشتباكات وقعت في مدينة النجف.

(أ.ب.)

 وعقب ذلك، قدم محافظ ذي قار، عادل الدخيلي، استقالته من منصبه على خلفية أعمال العنف بعد أن ألقى باللوم على القائد العسكري لخلية الأزمة الفريق الركن جميل الشمري.

وكفّ رئيس الحكومة عادل عبد المهدي يد الشمري من رئاسة خلية الأزمة في ذي قار واستدعاه لبغداد؛ للتحقيق بشأن أعمال العنف الدامية.

وكان الشمري قد تسلم مهام خلية الأزمة قبل الأحداث الدامية بيوم واحد فقط.

استقالات وتهرب

أعلن نائب محافظ النجف، طلال بلال، اليوم، استقالته من منصبه، احتجاجا على الإجراءات الحكومية بعد سقوط قتلى وجرحى بالمحافظة.

وقتل 18 متظاهرا في النجف، وأصيب المئات، الخميس، جراء إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي وقنابل الغاز على محتجين، وفق ما أبلغ الأناضول مصادر طبية.

(أ.ب.)

وقال بلال عبر مقطع فيديو، اطلعت عليه الأناضول، إن "ما يحصل في العراق من مظاهرات لشباب ونساء وأطفال لم يطلبوا إلا وطنا، وسط تجاهل الحكومة لكل طلباتهم وتسويفها، وسقوط العديد من الشهداء في كل المحافظات.. وما حصل في النجف تسيل له العيون دما". وأضاف أن "دماء عام 1991 التي كنا ننتظرها أن تجف حين كنا نطالب بوطن أيضا، قد أثاروها اليوم".

 وأردف بلال "جئنا إلى هذه الحكومة ونحن نأمل أن نكون جزءا من الحل"، مضيفا أن "الحقيقة أظهرت أنه لا حل مع هذه الحكومة". وأوضح أنه "تضامنا مع أبناء الشعب العراقي أعلن استقالتي من منصبي".

ويعد بلال، ثاني مسؤول محلي يقدم استقالته بعد الأحداث الدامية التي شهدتها عدد من مناطق البلاد، بينها محافظتا النجف وذي قار، إذ أعلن محافظ الأخيرة عادل الدخيلي، يوم أمس، استقالته من منصبه.

القائد العسكري لمحافظة ذي قار: "قوات الأمن لم تراع التعليمات"

قال الفريق الركن جميل الشمري القائد العسكري لمحافظة ذي قار جنوبي العراق، الجمعة، إن القوات الأمنية التي استقدمت لضبط الأمن داخل المحافظة لم تراع التعليمات المشددة بوجوب عدم إطلاق النار الحي ضد المحتجين.

وبعد ساعات من تعيينه في خلية الأزمة قرر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي التحقيق مع الشمري بشأن أحداث الناصرية الخميس.

(أ.ب.)

وقال الشمري في رسالة صوتية وزعها مكتبه الإعلامي على الصحفيين‎، إنه "حال وصولي إلى محافظة ذي قار بدأت بالاتصالات بالعشائر والناشطين لغرض اعادة الاستقرار إلى المحافظة"، مشيرا الى "وصول لواءين من الشرطة الاتحادية والرد السريع لتعزيز قوات شرطة محافظة ذي قار".

وتابع الشمري "هذه القوات أوكلت لها مهمة ضبط الأمن والاستقرار في المحافظة، وهناك أوامر مشددة أكدت عليها حال وصولي إلى المحافظة بالإضافة إلى تعليمات من رئاسة أركان الجيش ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بوجوب عدم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين".

وتابع "حصل احتكاك بين قوات الأمن والمتظاهرين عند جسر الزيتون، حيث حضر عدد كبير من المحتجين لأغلاق الجسر، وللأسف هذه القوات لم تراع التعليمات في التعامل مع المتظاهرين حيث يحتاج الأمر إلى المزيد من الصبر".

ووقعت أعمال العنف بعد يوم واحد من وصول الشمري، وهو قائد عسكري، إلى ذي قار، حيث عيّنه عبد المهدي، في عضوية "خلية الأزمة" الخاصة بالمحافظة، بهدف "ضبط الأمن وفرض القانون". وتعتبر هذه الاضطرابات تصعيداً كبيراً في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي بدأت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

(أ.ب.)

ومن جهته، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة، مجلس النواب (البرلمان) إلى سحب الثقة من الحكومة إثر موجة احتجاجات مطلبية تضرب البلاد منذ شهرين دون مبالاة من الطبقة السياسية.

وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله أحمد الصافي في كربلاء، إن "مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعو إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب".

وأضاف الصافي الذي تلا توجيهات المرجع السيستاني، بأن البرلمان "مدعو إلى الإسراع في إقرار حزمة التشريعات الانتخابية، بما يكون مرضيا للشعب ، تمهيدا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة".

ومنذ بدء الاحتجاجات، سقط نحو 400 قتيل وأكثر من 15 ألف جريح، وفق إحصاء أعدته الأناضول، استنادا إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.

وطالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.

ويرفض رئيس الحكومة عادل عبد المهدي الاستقالة، ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولا على بديل له، محذرا من أن عدم وجود بديل "سلس وسريع"، سيترك مصير العراق للمجهول.

 

التعليقات