الأذرع الإماراتيّة متهمة بالتفجير الأخير في الصومال

يهيمن على الصوماليين غضب شديد، منذ أن أعلنت الاستخبارات الصومالية أن التفجير الدموي، جنوبي العاصمة مقديشو، السبت الماضي، تقف خلفه "دولة أجنبية"، نقلت وسائل إعلام محلية أنها "الإمارات"، التي حرصت على إدانة التفجير.

الأذرع الإماراتيّة متهمة بالتفجير الأخير في الصومال

حطام التفجير الأخير في الصومال (أ. ب.)

يهيمن على الصوماليين غضب شديد، منذ أن أعلنت الاستخبارات الصومالية أن التفجير الدموي، جنوبي العاصمة مقديشو، السبت الماضي، تقف خلفه "دولة أجنبية"، نقلت وسائل إعلام محلية أنها "الإمارات"، التي حرصت على إدانة التفجير.

وضرب التفجير، وهو بسيارة مفخخة، تقاطع "إكس كونترول" المزدحم مروريًا، وأسقط أكثر من 90 قتيلًا، بينهم مواطنان تركيان، ونحو 140 جريحًا، وتبنته حركة "الشباب" المتمردة، الإثنين الماضي.

وليس معتادًا أن تسارع الحركة إلى تبني هجمات تُسقط ضحايا كثيرين بين المدنيين، كما أن الحركة عادة ما تستهدف بمثل هذه الهجمات الكبيرة مؤسسات حكومية حساسة، وهو ما دفع الخبراء إلى ترجيح وجود "أيادٍ أجنبية" تستهدف تركيا، الداعمة بقوة للحكومة الصومالية.

الإمارات.. اتهام وإدانة

بعد يومين من الهجوم، قالت وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية، في بيان، إن "مجزرة تقاطع "إكس كونترول"، دبرتها دولة أجنبية"، وسيتم التعاون مع عدد من أجهزة الاستخبارات الدولية لكشف ملابسات التفجير.

وبينما لم تفصح الاستخبارات عن اسم هذه الدولة، نقلت وسائل إعلام محلية في تناولها للخبر أنها "الإمارات"، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة القرن الإفريقي (شرقي القارة).

ونقل موقع "عاصمة" الصومالي، عن صحيفة "يني شفق" التركية، أن "الإمارات التي تعارض الجهود التركية الداعمة للصومال وبعض البلدان الأخرى، كانت العقل المدبر للتفجير الدامي في تقاطع إكس كونترول"، جنوبي العاصمة السبت.

وأضاف الموقع أن هدف التفجير كان مواطنين أتراك كانوا يعملون في مشروع إصلاح الطريق الرابط بين العاصمة مقديشو، وإقليم شبيلى السفلى جنوبي الصومال، وتنفذه شركة تركية، بتمويل قطري.

بدوره، أشار موقع "هون أفريك" الصومالي، نقلا عن المعلومات التي نشرتها الصحيفة التركية، أن التفجير الدامي تزامن في وقت تستعد فيه أنقرة لتقديم دعم عسكري لحكومة ليبيا، المعترف بها دوليا، من أجل خلط أوراق تركيا.

من جانبه، نشر موقع راديو "كلمة"، أن "الإمارات تسعى من خلال هذا التفجير الدامي عرقلة الدعم التركي للصومال".

وأشار الموقع، وفق ما نقل عن "يني شفق"، إلى أن بعض دول الخليج تسعى لتشويه العلاقات الأخوية بين تركيا والصومال من خلال العبث بأمن الأخيرة.

ومنذ إعلان الصومال تبنيها موقفًا محايدًا تجاه الأزمة الخليجية، تحاول دول خليجية، وفق مراقبين، الضغط على مقديشو لاتخاذ موقف يبعد تركيا وقطر عن الصومال.

ومنذ 5 حزيران/ يونيو 2017، تواصل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قطع علاقتها مع قطر وفرض "إجراءات عقابية" عليها، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

ويتبنى الصومال سياسة الصلح مع الجميع، باعتباره غير قادر على ركوب موجات سياسية قد تُغرق البلد العربي، الذي بدأ ينهض من كبوة أمنية وسياسية عاشها لسنوات منذ الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري، عام 1991.

وعادة ما تقول أبوظبي إنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وسارعت، في بيان الأحد الماضي، إلى إدانة تفجير مقديشو بالإعراب عن "استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب".

جهات أخرى

قال الخبير العسكري المتقاعد، أبو بكر عمر، للأناضول، إن "حجم التفجير، وضعف الهدف، يؤشر على أن العملية ليست فردية، أي أن جهات أخرى تشارك حركة الشباب لنيل أهداف لا نعلمها حتى الآن".

وأضاف عمر: "لموقع هذا التفجير خصوصية، فهو شارع ترممه شركة تركية، بتمويل قطري، ولم يشهد مثل هذا التفجير منذ أكثر من شهرين، وهو ما يُبعد فرضية أن التفجير عمل خالص لحركة الشباب".

وتدعم كل من تركيا وقطر جهود الحكومة الصومالية لإحلال السلام وبناء الاقتصاد، وهو ما لا ترضى عنه، بحسب مراقبين، دول أخرى وحركة الشباب، التي تأمل بإسقاط الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.

وفق نائب رئيس الاستخبارات الصومالية الأسبق، إسماعيل طاهر عثمان، فإن "إعلان حركة الشباب مسؤوليتها عن تفجير دموي كهذا يخالف تقاليدها المعتادة".

وأضاف عثمان، في حديث لإذاعة "صوت أمريكا"/ قسم الصومال، أن الحركة "كانت تتهرب من تبني مثل هذه التفجيرات الدموية، وهو ما يعطي مؤشرًا على أن جهة ما ضغطت عليها لتتبنى التفجير (للتغطية على تلك الجهة)، حتى في ظل تداول معلومات عن أنه يحمل بصمات أجنبية".

وثمة تفجيرات دموية لم تتبناها الحركة، منها تفجير زوبي، في تشرين أول/ أكتوبر 2017، وأسقط ما يزيد عن 500 قتيل، وتفجير استهدف مقر وزارات حكومية، في تشرين أول/ أكتوبر 2011، وأسفر عن أكثر من 80 قتيلًا، معظمهم طلاب.

وكذلك تفجير فندق شامو، في كانون أول/ ديسمبر 2009، واستهدف حفل تخرج لطلاب جامعة، وأودى بحياة ما يزيد عن 100 شخص، بينهم طلاب ومسؤولين حكوميين.

تخبط وفشل

رغم أن "التفجير تسبب بخسائر مادية وبشرية كبيرة، إلا أنه يعكس مدى فشل حركة الشباب، في مهاجمة أهداف حساسة في عمق المؤسسات الحكومية، بفضل إجراءات الحكومة لضبط أمن العاصمة"، بحسب عبد القادر محمد عثمان، رئيس "حزب هلدور".

وأضاف عثمان، للأناضول، أن "الإجراءات الأمنية الأخيرة على مداخل مقديشو ساهمت بشكل كبير في تراجع العمليات الدامية التي تشهدها العاصمة بين حين وآخر".

ورأى أن "التفجير الدامي الأخير والهجوم المسلح الذي نفذه عناصر من الحركة، كانوا يتخفون بزي شرطة على فندق (إس واي إل) قرب القصر الرئاسي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يعكسان مدى تخبط شبكات التفجير لحركة الشباب".

محاولة لإثارة المعارضة

اعتبر محمد عبده، محلل سياسي، أن تفجير السبت، "محاولة يائسة من حركة الشباب، للضغط على الحكومة والتأثير على المعارضة، التي ترى أن الإجراءات الأمنية غير فعالة.. وقد تراجعت هجمات الحركة في 2019 مقارنة بـ2018".

وأضاف عبده، للأناضول، أن "تفجير انتحاري من هذا النوع دائمًا ما يأتي بعد شعور الحركة بإخفاق شبكاتها الاستخباراتية في النيل من أماكن حساسة، وتهدف إلى رفع معنويات مقاتليها وخلط أوراق الاستخبارات الصومالية، التي تبقى عرضة لإدانات من المعارضة".

 

التعليقات