تهديد وضغط أميركي على العراق لوقفِ التقارب مع إيران

بدأت الولايات المُتحدة بوقفِ إرسال دفعاتٍ نقديّة حيويّة مُقابل النفط العراقيّ، هادفة إلى حدّ التقارب بين العراق والدولة المُجاورة لها إيران، على إثرِ التصعيد الأخير بين الولايات المُتحدة وإيران وكان آخره اغتيال سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

تهديد وضغط أميركي على العراق لوقفِ التقارب مع إيران

مظاهرة عراقيّة حاشدة في وسط بغداد تُطالب الوجود الأميركي بالرحيل (أ ب)

بدأت الولايات المُتحدة بوقفِ إرسال دفعاتٍ نقديّة حيويّة مُقابل النفط العراقيّ، هادفة إلى حدّ التقارب بين العراق والدولة المُجاورة لها إيران، على إثرِ التصعيد الأخير بين الولايات المُتحدة وإيران وكان آخره اغتيال سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

وبدأ صبر الولايات المتحدة بالنفاذ، إزاء العلاقات التجاريّة واستيراد الغاز والطاقة للعراق من إيران، إذ أنّ مدة الإعفاء التي فرضتها أميركا على العراق لمواصلة العلاقة التجارية مع إيران، تقلّصت من تسعين يومًا إلى 45 فقط، وبعد انتهاء المُدة، ستفرض الإدارة الأميركيّة عقوبات على العراق.

ويقوم المصرف المركزي العراقي شهريًا بنقل ما بين مليار وملياري دولار نقدًا من حسابه في الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، حيث تتدفّق إيراداته من النفط، لتسديد ثمن معاملات رسمية وتجارية.

وقال الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية شمالي العراق أحمد طبقجلي، إن تقليص المُدة هي "بداية الموت بألف طعنة". وأضاف بأنه "كلّما تقلّصت مدة الإعفاء، كلما أصبحنا أقل قدرة على تحمّل نتيجة أي خطأ نرتكبه".

ويواجهُ العراق صعوبات عدّة؛ في تشكيلِ الحكومة، الوجود الأميركيّ العسكريّ في العراق وسيطرتها على الاقتصاد. ونتيجة لذلك أصبحت إيران تتمتّع بنفوذ سياسي وعسكري كبيرين في العراق، لكن الولايات المتحدة تمسك بورقة الاقتصاد، مما يطيل الصراع بينهما.

تأخر الدفعات النقديّة الأخيرة تعود لأسبابٍ سياسيّة وفق مسؤول عراقي ومصدر آخر في قطاع النفط. وقال المسؤول إننا "نسير على حافة السكين" كانت هذه أول إشارة إلى أن واشنطن قد تنفّذ تهديدًا أصدرته في كانون الثاني/ يناير بشأن منع وصول العراقيين لأموالهم، في حال طردت بغداد القوات الأميركية المتمركزة في العراق والتي يبلغ قوامها نحو 5200 جندي.

(أ ب)

وجاء ذلك بعدما صوّت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأجنبية بسبب السخط على غارة أميركية أودت بحياة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ورئيس هيئة الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية عراقية أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد.

وبحثت واشنطن على مدى أشهر مسألة حظر الأموال للضغط على العراق، وفقا لدبلوماسي أميركي كان وصف هذه الخطوة العام الماضي بـ"الخيار النووي".

وبينما وصلت دفعة شهر شباط/ فبراير في موعدها، يتوقع مسؤولون عراقيون أن تبدأ الولايات المتحدة تحديد حجم الأموال التي يمكن للعراق سحبها.

وحرمان العراق من الأموال قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصا وأنّ اقتصاده يعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط المدفوعة بالدولار.

وفي حال انتهت مدة الإعفاء من العقوبات المتعلّقة بالتعامل مع إيران من دون تجديدها، فذلك يعني أنّه سيتوجب على العراق وقف استيراد الغاز والكهرباء من طهران، أو الاستمرار بالتعامل مع طهران ومواجهة احتمال التعرّض لعقوبات أميركية.

ويعاني العراق من عجز في الكهرباء، ما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض مناطقه.

وربطت واشنطن الضغوط بمسائل أخرى من بينها نحو 20 هجومًا صاروخيًا تعرّضت لها السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق منذ تشرين الأول/ اكتوبر الماضي.

وذكر مسؤول عراقي أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "صرخ" في رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي خلال مكالمة هاتفية الشهر الماضي. وأوضح المسؤول "قال له أن ينسى مسألة تجديد الإعفاء في حال تواصلت الهجمات".

وأفاد مسؤول أميركيّ بأن العراقيين "يختارون أن يعتمدوا على الإيرانيين، مانحين طهران موقعًا مؤثرًا في اقتصادهم وبنيتهم التحتية". مما يبيّن بأن الضغوطات الأميركيّة هي مُحاولة أخيرة لمنعِ التقارب، وخوفًا من تعاضد قوى إقليميّة في الشرق الأوسط، ومن الممكن بأن تفقد الولايات هيمنتها على ثالث أكبر مصدّر ومنتج للنفطِ عالميّا.

الجنود الأميركان في العراق (أ ب)

وعملت إيران على الحدّ من نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، وفي العراق. إلا أن الولايات المتحدة تتفوق عليها من ناحية الاستثمارات المباشرة، وخاصّة في قطاع النفط الحيوي وبنيته التحتية.

وقال وزير الكهرباء العراقي في الحكومة المستقيلة لؤي الخطيب، إنه على واشنطن ألا "تحشر العراق في الزاوية". لكنّه أعرب في الوقت ذاته عن ثقته من أنّ الولايات المتحدة لن تقوم "بتفخيخ" الإعفاء من العقوبات "بهدف تقويض الخدمات العامة".

ويُذكر بأن الحكومة العراقية منحت الضوء الأخضر لتوقيع ستة عقود لتطوير حقول غاز عراقية قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة مع الولايات المُتحدة.

وبحسب طبقجلي، فإنّ "الاعلان جاء ردًا على الضغوط الأميركية. من الواضح أن الحكومة العراقية أصيبت بالذعر".

غير أن الولايات المتّحدة قد تجد نفسها غير قادرة على التلويح بأكثر من "تهديدات اقتصادية"، حسبما يرى الباحث في معهد السلام بالولايات المتحدة رمزي مارديني. وأضاف بأن "هذه المقاربة قد تُساعد على حماية المصالح الأميركية على المدى القصير، لكن العلاقة الثنائية بمجملها ستبقى رهن انعدام الثقة والعداء".

التعليقات