قلق من التطورات في الكركرات ودعوات لتجنب التصعيد في الصحراء الغربية

أعلن المغرب أن المعبر الحدودي في منطقة الكركرات العازلة بالصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، "أصبح مؤمنا بشكل كامل"، في ما بدا أن العملية العسكرية المغربية التي انطلقت أمس، انتهت

قلق من التطورات في الكركرات ودعوات لتجنب التصعيد في الصحراء الغربية

قوات تابعة لجبهة البوليساريو (أرشيفية - أ ب)

أعلن المغرب، ليل الجمعة، أن المعبر الحدودي في منطقة الكركرات العازلة بالصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، "أصبح مؤمنا بشكل كامل"، وسط قلق أممي من التطورات التي اعتبرتها الجبهة إنهاء لوقف إطلاق النار المعمول به بين الجانبين منذ 30 عاما.

وأثار التصعيد الذي شهدته المنطقة أمس، ردود فعل مختلفة، إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن "الأسف" لفشل جهوده في الأيام الأخيرة "لتجنب تصعيد"، وفق ما ذكر المتحدث باسمه.

كما دعت كل من الجزائر، التي تدعم البوليساريو، وموريتانيا المعنية هي الأخرى بهذا النزاع إلى "ضبط النفس" و"الحفاظ على وقف إطلاق النار"، فيما دعت فرنسا إلى "فعل كل ما يمكن تجنّبًا للتصعيد".

وأفادت القيادة العامة للقوات المسلحة المغربية، مساء الجمعة، أن "معبر الكركرات أصبح الآن مؤمنا بشكل كامل من خلال إقامة حزام أمني يؤمن تدفق السلع والأفراد".

وأضافت "خلال هذه العملية فتحت الميليشيات المسلحة للبوليساريو النار على القوات المسلحة الملكية التي ردت عليها، وأجبرت عناصر هذه المليشيات على الفرار دون تسجيل أي خسائر بشرية". وجددت التأكيد أن العملية تمت "وفقا لقواعد تدخل واضحة تقتضي تجنب أي احتكاك بالأشخاص المدنيين".

وكانت وزارة الخارجية المغربية، قد أعلنت صباح الجمعة، أن هذه العملية تأتي بعد إقفال أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 تشرين الأول/ أكتوبر، الطريق الذي تمرّ منه خصوصا شاحنات نقل بضائع من المغرب نحو موريتانيا والبلدان الأفريقية جنوب الصحراء.

(أ ب)

وشدد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، على أنّ "الأمر لا يتعلق بعملية هجومية، إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة"، مؤكدا أن عناصر بعثة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار "مينورسو" والموجودين على الأرض "سجلوا عدم حدوث أي احتكاك مع المدنيين".

في المقابل، قال وزير الخارجية الصحرواي، محمد سالم ولد السالك، إن "الحرب بدأت. المغرب ألغى وقف إطلاق النار". وأضاف "إنه عدوان"، مؤكدا أن "القوات الصحراوية تجد نفسها في حالة دفاع عن النفس وترد على القوات المغربية".

وكان السفير الصحراوي في الجزائر، عبد القادر الطالب عمر، أفاد بأن رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بعث رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طلب فيها عرض المسألة على مجلس الأمن الدولي.

وقال غالي في رسالته "نحمّل دولة الاحتلال المغربية المسؤولية كاملة على تداعيات تحركها العسكري". وشدد السفير على أنه "مع هذا الاعتداء وفتح ثلاث ثغرات في الجدار العازل، ليس هناك عودة إلى الوراء. لم يعد يوجد وقف لإطلاق النار".

ويفصل هذا الجدار الذي أقامه المغرب بين المقاتلين الصحراويين والمنطقة التي تسيطر عليها المملكة، وتحيط به المنطقة العازلة وعرضها خمسة كيلومترات من الجهتين.

وكانت جبهة بوليساريو قد هددت، الإثنين الماضي، بإنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع الرباط، إذا "أدخلت" المملكة عسكريين أو مدنيين إلى منطقة الكركرات العازلة.

والصحراء الغربية منطقة صحراوية شاسعة على الساحل الأطلسي لأفريقيا ومستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على 8٪ منها، ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، باستقلالها.

والكركرات منطقة عازلة تُسيّر قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، دوريات منتظمة فيها. وشهدت في الماضي توترات بين بوليساريو والمغرب خصوصا مطلع العام 2017.

وتحتجّ جبهة بوليساريو على حركة العبور عبر هذه النقطة إلى المغرب، بينما يعتبر الجانب المغربي المعبر حيويا للتبادل التجاري مع أفريقيا.

وقال بيان قيادة القوات المسلحة الملكية المغربية، مساء الجمعة، إن "عناصر ميليشيات البوليساريو أقدمت عمدا على إحراق معسكر الخيام الذي أقامته، وعمدت إلى الفرار على متن عربات من نوع ‘جيب‘ وشاحنات نحو الشرق والجنوب تحت أنظار مراقبي بعثة الأمم المتحدة (مينورسو)".

وشددت الخارجية المغربية، ليل الجمعة، على أن "المغرب يظل متشبثا بقوة بالحفاظ على وقف إطلاق النار".

قلق أممي من التطورات في الكركرات

من جانبه، أعلن غوتيريش، التزامه ببذل أقصى ما يستطيع لتجنب انهيار وقف إطلاق النار، معربًا عن قلقه البالغ بشأن العواقب المحتملة للتطورات الأخيرة. وذلك في أول تعليق له على العملية العسكرية التي نفذها الجيش المغربي في الساعات الأولى من صباح الجمعة، بالمنطقة العازلة في الكركرات.

وكشف بيان صحافي صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن غوتيريش ملتزم ببذل أقصى ما يستطيع لتجنب انهيار وقف إطلاق النار المُطبق منذ السادس من أيلول/ سبتمبر عام 1991، كما أنه عازم على فعل كل ما يمكن لإزالة العقبات أمام استئناف العملية السياسية، مؤكدًا أن بعثة الأمم المتحدة بالصحراء "مينورسو" ملتزمة بمواصلة تنفيذ ولايتها، وداعيًا الأطراف كافة إلى كفالة حرية الحركة الكاملة للبعثة وفقًا لولايتها.

وقالت الأمم المتحدة، إن الأيام الماضية، شهدت انخراطها في عدة مبادرات لتجنب تصعيد الوضع في المنطقة العازلة، في منطقة الكركرات، وللتحذير من انتهاكات وقف إطلاق النار، والعواقب الوخيمة لأي تغيير للوضع الراهن، مبدية أسفها لعدم نجاح تلك الجهود بحل الأزمة.

مئتي سائق شاحنة مغربي عالقون في معبر الكركرات

وكان العاهل المغربي، محمد السادس، قد أكد في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، "الرفض القاطع (...) لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني".

وتبادل الملك محمد السادس في الأيام الأخيرة رسائل مع كل من الأمم المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة وموريتانيا ودول أخرى "معنية بالملف"، لإطلاعهم على العملية الرامية إلى "وضع حد لعرقلة" التنقل في المعبر الحدودي، بحسب ما أكد وزير الخارجية المغربي.

وكان حوالى مئتي سائق شاحنة مغربي، وجهوا الأسبوع الماضي نداء استغاثة إلى كلّ من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنّهم عالقون على معبر الكركرات، بعدما منعتهم البوليساريو من العبور.

وأوضح مسؤول في الخارجية المغربية أن 108 أشخاص يعملون في نقل البضائع عالقون في الجانب الموريتاني من الحدود و78 آخرين في الجانب الآخر، في شاحنات من بلدان مختلفة من المغرب وموريتانيا وفرنسا.

وترعى الأمم المتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي ينهي النزاع حول الصحراء الغربية. ومدّد مجلس الأمن في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لعام آخر. ودعا القرار أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أشهر طويلة والتي تشارك فيها أيضا موريتانيا والجزائر.

التعليقات