بيروت نجت من انفجار ضخم آخر "بالصدفة"

كانت بيروت على موعد مع انفجار هائل آخر، خلال الأشهر الأخيرة، قبل أن يتدارك ذلك "بمحضّ الصدفة"، بحسب شهادات لخبير ألماني ساهم في نقل مواعد شديدة التفاعل والانفجار في المرفأ.

بيروت نجت من انفجار ضخم آخر

مرفأ بيروت (أ ب)

كانت بيروت على موعد مع انفجار هائل آخر، خلال الأشهر الأخيرة، قبل أن يتدارك ذلك "بمحضّ الصدفة"، بحسب شهادات لخبير ألماني ساهم في نقل مواد شديدة التفاعل والانفجار في المرفأ.

وتسبّب تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، من دون أي إجراءات وقاية، بانفجار ضخم في 4 آب/أغسطس، أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. كما ألحق أضرارًا جسيمة بالمرفأ وبعددٍ من أحياء العاصمة.

وبعد العثور على عشرات الحاويات التي تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة في المرفأ عقب الانفجار، وقّع لبنان في تشرين الثاني/نوفمبر عقدًا مع شركة "كومبي ليفت" الألمانيّة، بقيمة 3,6 مليون دولار للتخلّص منها، في غياب إمكانات أو خبرات محلية تقوم بذلك.

وأعلنت سفارة ألمانيا لدى لبنان، قبل أيّام، انتهاء الشركة من معالجة 52 حاوية من المواد الكيميائية الشديدة الخطورة التي شكّلت "تهديدًا للناس في بيروت". وقال مدير المشروع لدى الشركة، مايكل وينتلر، أمس الأربعاء، "وجدنا مواد إذا اختلطت مع بعضها قد تؤدي إلى انفجار"، وأضاف "المرفأ محظوظ لأنه كانت هناك مسافة بين الحاويات" التي كانت تحتوي على هذه المواد.

وأنهى طاقم الشركة هذا الشهر معالجة آلاف الليترات المخزنة في حاويات مهترئة موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن في المرفأ في عملية معقدة وخطرة. وأوضح وينتلر "لم أشاهد وضعًا مماثلًا في حياتي"، مشيرًا إلى أنّ تفاعل بعض المواد أحدث ثقوبًا في الحاويات نتيجة تآكلها.

وتحدث عن "بحر أو نهر من المواد الصفراء والخضراء"، تسرّبت من بعض الحاويات وكانت تتفاعل على شكل "فقاعات".

وكانت الحاويات موزعة على سبعة مواقع مختلفة، معظمها في مساحة مفتوحة لحاويات الشحن في الطرف المقابل لموقع الانفجار الذي وقع قبل ستة أشهر.

وقال رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمرفأ بالتكليف، باسم القيسي، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر "لو اشتعلت المواد الموزّعة في المرفأ لدمرت بيروت".

وفيما لا تزال السلطات اللبنانية تحقّق في ظروف وصول نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، والجهات المسؤولة عن تخزينها ومن ثمّ انفجارها، يبدو أن سبب تخزين المواد الكيميائية التي عالجتها الشركة الألمانية مجهول أيضًا.

وقال وينتلر "يبدو أنّ ما من أحد من السلطات يعلم شيئًا عن هذه الشحنات"، باستثناء تاريخ وصولها، مضيفًا "لا أعتقد أن سلطات المرفأ تدرك ماذا كان يوجد في الموقع".

وألحق الانفجار الضخم ضررًا شديدًا بحاويات كانت بدأت بالتآكل وفيها ثقوب، جرّاء تفاعل الأسيد بعد سنوات من الإهمال.

وقال وينتلر "لم يكن من الممكن رفع أو نقل العديد من الحاويات لأن حالتها كانت سيئة للغاية"، ما اضطر الخبراء إلى نقل المواد الكيميائية يدويًا، وهو ما عرّضهم لمخاطر.

وروى أنّ ارتداءه ملابس الوقاية من المواد الكيميائية أنقذه عند تسرّب حمض الهيدروكلوريك من أسفل برميل كان يرفعه وتناثره على الأرض. ويشكّل حمض الهيدروكلوريك، وهو مادة سامة ومسبّبة للتآكل، ستّين في المئة من المواد الكيميائية التي تعاملت معها شركة "كومبي ليفت".

واضطرّت الشركة، وفق وينتلر، للتعامل مع آلاف الليترات من الأسيتون الشديد الاشتعال، وحاويات من بيروكسيد الهيدروجين، وهو مركب كيميائي سائل. وكان يمكن للمادتين، في حال اختلاطهما، أن تحدثا انفجارًا. إلا أن وجود الحاويات في مواقع منفصلة عن طريق الصدفة حال دون وقع كارثة، وفق وينتلر.

وشملت المواد الكيميائية "الأكثر خطورة" التي تمّت معالجتها، حمض الهيدروفلوريك الذي يمكن أن يكون مميتًا إذا دخل مجرى الدم أو لامس الجلد.

وعملت "كومبي ليفت" على تخزين المواد في حاويات خاصة تمهيدًا لشحنها إلى ألمانيا في إجراء مرتقب نهاية الشهر الحالي، بعد أن تسدّد الحكومة اللبنانية المبلغ المترتب عليها بحسب العقد، والبالغ مليوني دولار، وسط أزمة خانقة تعيشها البلاد.

التعليقات