الأردن: الحكومة تواجه اختبار كورونا.. والتداعيات تنسحب على كل الميادين

ما تزال الحكومة الأردنية أمام اختبار حقيقي، في صراع جائحة كورونا واستيعاب تداعياتها، لا سيما بعد حادثة السلط، التي أودت بحياة 7 مرضى إثر انقطاع الأكسجين عنهم، وما تبعها من احتجاجات شعبية طالبت برحيلها.

الأردن: الحكومة تواجه اختبار كورونا.. والتداعيات تنسحب على كل الميادين

مواطنون غاضبون أمام مستشفى السلط (أ ب)

ما تزال الحكومة الأردنية أمام اختبار حقيقي، في صراع جائحة كورونا واستيعاب تداعياتها، لا سيما بعد حادثة السلط، التي أودت بحياة 7 مرضى إثر انقطاع الأكسجين عنهم، وما تبعها من احتجاجات شعبية طالبت برحيلها.

أرقام قياسية بالإصابات والوفيات سجلتها المملكة خلال الأيام الماضية، ما دفع الحكومة لاتخاذ قرارات لمواجهة انتشار الفيروس، أبرزها استمرار حظر الجمعة الأسبوعي وتمديد الحظر الجزئي اليومي، حتى منتصف أيار/ مايو المقبل.

(أ ب)

حادثة السلط في الـ 13 من آذار/ مارس الماضي والتي أطاحت بوزير الصحة السابق، نذير عبيدات، وتوقيف 13 شخصا، وضعت حكومة بشر الخصاونة، التي تحملت كامل المسؤولية عما جرى، في موقف لا تحسد عليه.

فبالإضافة إلى مطالبات الشارع برحيلها، لم تسلم من "غضبة ملكية"؛ إذ شدد الملك عبد الله الثاني، الذي زار المستشفى وطلب من مديرها الاستقالة، إلى محاسبة المقصرين، خلال اجتماع بكبار مسؤولي الدولة.

وانطلاقا من ذلك، تسعى الحكومة إلى تجاوز الأزمة عبر إجراءات تحفيزية للعديد من القطاعات المتضررة، فضلا عن إطلاق رسائل تطمينات مختلفة تتعلق بالحالة الوبائية، في محاولة لاستعادة ثقة الشارع والقصر على حد سواء.

الخروج إلى صيف آمن

وفي هذا السياق، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام، والمتحدث الرسمي للحكومة الأردنية، صخر دودين، إن الوضع الوبائي في الأردن "مقلق، ونريد الخروج منه إلى صيف آمن بإذن الله".

وتابع دودين أنه "لتحقيق ذلك، لا بد من العمل على مسارين، يتمثل الأول في اتخاذ سبل الوقاية التقليدية المعروفة من كمامات وتباعد، إضافة إلى الالتزام بأوامر الدفاع التي توخت صحة المواطن وسلامة رزقه".

أما المسار الثاني فأكد بأنه "لا بديل من التسجيل على منصة المطاعيم وتلقي اللقاح". وأردف الوزير أن "هذين المسارين سيسمحان لنا بكبح منحنى الوباء، والوصول إلى مرحلة بداية التعافي للأوطان والأبدان والاقتصاد".

إعادة ترتيب الأوراق

من جانبه، أكد رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان، أحمد السراحنة، أن "إجراءات الحظر التي قامت بها الحكومة حدت من انتشار الوباء، بدليل انخفاض نسبة الفحوصات الإيجابية من 20% إلى 13%".

وتابع أنه "نحن في مرحلة تسطيح المنحنى الوبائي، المنحنى وصل الذروة وبدأ بالتراجع، وهو يسير بصورة منتظمة دون تزايد بالحالات، بل بالعكس هناك تناقص وصلنا من 10 آلاف حالة باليوم إلى 6 آلاف".

واعتبر البرلماني أن تلك الإجراءات تضر بالوقت نفسه القطاع الاقتصادي المتضرر أصلا، وتكبده خسائر فادحة، وانهيار للعديد من القطاعات التي لن تتعافى إلا بعد سنوات طويلة.

وأردف بالقول إن "هذا يشكل خطرا على الأمن الاقتصادي، لذا لا بد من التعجيل في تسهيل الحركة التجارية والصناعية، ولكن بحذر بحيث لا تتنافى مع الوضع الوبائي".

(أ ب)

وأوضح أنه "عندما تقبل المواطن الإجراءات في بداياتها كانت على أمل أن ننتصر بشكل كلي على الوباء، لكن لم ننتصر ولم يتحسن الوضع الاقتصادي".

ودعا السراحنة إلى إعادة ترتيب الأوراق وتوحيد الجهود والتكاتف من الجميع؛ لتحقيق النصر على الوباء، وأن على الحكومة أن تقوم بأولوياتها وبمساعدة المواطن على تأمين متطلبات حياته اليومية.

إجراءات تفتقر إلى الحلول

من جانبه، اعتبر عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة مؤتة (حكومية)، حسين محادين، أن حكومة الخصاونة "لم تكن محظوظة من حيث التشكيل ولا التعديل".

وأردف أنها "جاءت على خلفية حكومة (حكومة عمر الرزاز) جعلت حجم توقعات المواطنين مرتفعة جدا، مستثمرةً بداية الأزمة وبداية تفعيل قانون الدفاع واستمرار الغموض المعرفي لدى المواطنين عن الجائحة". وتابع "ما أن جاءت حكومة الخصاونة حتى انتهى تخدير المواطن الأردني من قبل الحكومة السابقة".

واستدرك بالقول إن "أرقام الإصابات بدأت بالمضاعفة، وبدأ استنفاد المال من الضمان والميزانية واضحا، وتجلى ذلك كله ببقاء الشرائح الدنيا من الكسبة وعمال المياومة لتزداد الأزمة تفاقما".

وأضاف أنه "لا ننسى أن الخطاب الإعلامي الحكومي تشظى بدوره من جراء وجود خطاب إعلامي يبث من خارج الحدود الجغرافية، مما أضعف الخطاب الحكومي وجعل الجمهور يبحث ويستمع إلى كل ما يوازيه أو يخالفه".

أما عن حادثة السلط فوصفها محادين بأنها "ضربة أجهزت على ما تبقى من مريدين أو متابعين للخطاب الرسمي في الشأن الصحي تحديدًا".

وفيما يتعلق بإجراءات الحكومة الأخيرة التي تهدف لضخ ملايين الدنانير في المجتمع عبر العديد من القرارات الاقتصادية، لفت بأنها "تفتقر إلى الحلول المباشرة لصعوبات المواطنين اليومية رغم ضخامة قيمتها".

(أ ب)

أما عن الحلول لاستقرار الوضع في البلاد، دعا محادين إلى زيادة عناوين الحوار الوطني مع مجلس النواب؛ ليشمل أولا أساسيات الحياة. كما شدد على "الاستثمار في وسائل الإعلام التكنولوجية من خلال شخوص ثقات قادرين على التأثير في الرأي العام وهم موجودين، غير الأسماء التقليدية المكرسة التي استنفذت مبررات خطابها".

واعتبر أن "موضوع الحظر وارتباطه بالصلوات وأماكن العبادة وأسباب الرزق، لن تتحقق دون رفع هذا الحظر مع التشديد على المباعدة، ويجب أن يتحمل المواطن مسؤولياته تجاه نفسه ومجتمعه".

وأكد على "ضرورة فتح المرافق المختلفة، وأن نتعامل مع الجائحة بأنها شمولية الانتشار بالمحصلة، وضرورة بناء خطاب إعلامي بسيط وعميق يراعي الفروق بين الشرائح المتلقية، وأن تكون لغته مضبوطة ودقيقة".

ويشهد الأردن انتكاسة وبائية، بلغت ذروتها في آذار/ مارس الماضي، حيث زادت الإصابات اليومية على 10 آلاف، فيما سجل 111 وفاة كأعلى حصيلة. وحتى مساء أمس، الجمعة، تجاوز إجمالي إصابات كورونا بالمملكة 623 ألفا؛ من بينها 7040 حالة وفاة و526 ألف حالة تعاف.

التعليقات