رمضان في الأردن؛ أضواء وألوان تنير "ظلمة الوباء" 

للعام الثاني على التوالي، يحل رمضان وسط أزمة وبائية أذابت كل المظاهر التي اعتادت الشعوب عليها، ولم تبقِ سوى بعضها، وسط ألم وحسرة على ما فقدوه جراء الفيروس.

رمضان في الأردن؛ أضواء وألوان تنير

الاشتغال بالزينة في أحد المحال (الأناضول)

لكل دولة من دول العالم العربيّ طقوس تختلف في التعبير عن فرحها بشهر رمضان، وتحاول من خلالها إعطاء الشهر الكريم خصوصية وقدسية تميزه عن سائر شهور السنة. ولم يبقَ للأردنيين طريقة للتعبير عن فرحهم سوى أضواء ملونة على مداخل بيوتهم، مع الإجراءات المشدّدة التي تفرضها الحكومة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19).

للعام الثاني على التوالي، يحل رمضان وسط أزمة وبائية أذابت كل المظاهر التي اعتادت الشعوب عليها، ولم تبقِ سوى بعضها، وسط ألم وحسرة على ما فقدوه جراء الفيروس.

الأردن إحدى الدول العربية التي منعت صلاة التراويح في المساجد، ما أدى إلى حالة من الإحباط في نفوس المواطنين. وتبرّر السلطات في البلاد تلك الإجراءات بالأرقام المرتفعة التي تسجلها عن الإصابات بالوباء، وكذلك حالات الوفاة بسببه.

وفي محاولة للتخفيف من حدة الآثار النفسية للجائحة التي أصابت مختلف جوانب الحياة لديهم، يسعى الأردنيون إلى البحث عما هو جديد ومستحدث، غير أن الإجراءات والقرارات الحكومية المتّبعة، لم تترك لهم خيارا سوى الالتزام بعادة ظهرت خلال السنوات الماضية، وهي زينة رمضان.

فوانيس وحبال إنارة وأهلّة مختلفة الأشكال والتصاميم، وشلالات متنوعة، ذات ألوان ساطعة، تزين معظم واجهات بيوت الأردنيين خلال شهر رمضان، ضمن تقاليد مستحدثة لم تكن موجودة قبل 15 عاما. لكنها، هذا العام، باتت طريقا وحيدا للتعبير عن الفرح بقدوم الشهر، يسعى المواطنون من خلالها لإنارة ظلمة الوباء بسطوع الأضواء.

تعويض نقص الجوانب الأخرى عبر تكثيف الزينة

وقال علي بني هاني، وهو تاجر من محافظة إربد، لوكالة "الأناضول" للأنباء، إن "أسعار زينة رمضان في متناول الجميع، وتبدأ من دينار واحد (1.4 دولارا) وتصل إلى 6 دنانير (8.4 دولارات)".

وأشار إلى أن "الإقبال كبير جدا، وأشعر بأن الناس تريد أن تعوض نقص الجوانب الأخرى في رمضان عبر تكثيف الزينة".

الزينة أمام أحد المحال (الأناضول)

وقالت خلود (أم محمد)، وهي إحدى المشتريات في محل آخر لبيع الزينة، لـ"الأناضول": "لم يتبق لدينا ما نعبر به عن وجود رمضان سوى الزينة، فلا صلاة (جماعة) ولا عزائم (ولائم) ولا خيم رمضانية، ولا شيء آخر".

وتابعت: "ندعو الله ألا ينتهي هذا الشهر إلا وقد تخلّصنا من هذا الوباء، وتعود الحياة إلى طبيعتها، لأن الوضع بات لا يطاق، إغلاقات تشمل كل شيء، ولا سبيل آخر للتعبير عن الفرح بهذا الشهر الفضيل".

أما صهيب، وهو أحد العاملين في محلات الزينة، فاختصر الحديث بقوله: "الناس تريد الخروج من جو الاكتئاب الذي تعيشه بسبب كورونا".

سبيل للبهجة؛ ممارسة ظاهرة للعيان

وأوضح أستاذ علم النفس في جامعة اليرموك، محمد صوالحة، أن "الناس يعبّرون عادةً عما لديهم من أفكار من خلال ممارسة ظاهرة للعيان، مثل الابتهاج بقدوم شهر رمضان المبارك أو مناسبات أخرى، كالأعياد، من مظاهر منها إضاءة الأنوار التي تسمى زينة رمضان".

وتابع: "في رمضان العام الحالي والماضي، كان هناك حظر كلي وجزئي، ولم يتبق طريق للتعبير عن الابتهاج سوى بالزينة التي تشعر بالفرحة وأي شيء جميل".

وأضاف صوالحة: "لا أعتقد أن الناس تقصد بذلك تقليد تزيين شجرة الميلاد، وإنما هي أمور عفوية ومنظر جمالي يريح النفس وليس تقليداً أعمى، ويقصد بها تزيين البيوت".

من جانبه، رأى أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة، حسين محادين، خلال حديثه للوكالة، أنه "عندما لا يستطيع العقل الجمعي أن يحقق أهدافه برضى، مثل توفير الحد المعقول لأسباب العيش، أو التغلب على جائحة كورونا وتبعاتها وعدم القدرة على التواصل الوجاهي، يبدأ هذا العقل يتفكك في مجتمعنا نحو القيم الفردية، نتيجة القرارات الرسمية المرتبطة بالحظر وساعاته ومحدودية الحركة".

وأضاف: "لذلك يلجأ هذا العقل ضمنا من منظور علم نفس اجتماعي إلى إيجاد رموز ودلالات توازي إيحاءً ما عجز هذا العقل عن تحقيقه، كما كان سابقا".

واعتبر أن "هذه الأنوار والإضاءات هي أقل ما يمكن لدى غالبية الشرائح (لحدودها الدنيا من الاستخدام)، لضبط النفقات والتخفيف من الالتزامات الشهرية على العائلة والأسر من تكاليف الكهرباء".

تقليد جديد نسبيًّا كأنه موروث

زينة رمضان بالنسبة إلى الأردنيين، لم يمض على ظهورها سوى أعوام لا تتجاوز في حدها الأقصى الخمسة عشر، إلا أنها باتت اليوم تقليدًا لدى غالبيتهم، وكأنه موروث تاريخي.

لكنها أصبحت منذ ظهور الوباء ضرورة، لمحاولة سد النقص وتعويض ما خسروه جراء القرارات التي فرضت عليهم حدودا دنيا في التعبير عن فرحهم بالشهر، والالتزام بطقوس عهدوها خلال الأعوام الماضية.

(الأناضول)

ومنذ 10 آذار/ مارس الماضي، تفرض الحكومة الأردنية حظر تجوال شامل وكلي أيام الجمعة مع تعليق صلاة الجمعة.

كما تفرض حظر تجوال جزئي بقية أيام الأسبوع، بحيث يبدأ للمنشآت من السادسة مساء، وللأفراد من السابعة مساء، ويستمر حتى السادسة من صباح اليوم التالي بالتوقيت المحلي.

ويشمل الحظر الجزئي إقامة فروض المغرب والعشاء والفجر في المساجد، قبل أن يتقرر لاحقاً استثناء صلاتي المغرب والفجر، مع الإبقاء على منع صلاة العشاء والتي يعقبها أداء التراويح.

وسجل الأردن حتى مساء الأربعاء 676 ألفا و175 إصابة بكورونا، منها 7 آلاف و987 وفاة، و617 ألفاً و96 حالة تعاف.

التعليقات