الجزائر: انتخابات في ظل القمع

انطلقت الانتخابات التشريعية المبكرة في الجزائر، اليوم، السبت، وفتحت مراكز الاقتراع على وقع تصاعد قمع السلطات للحراك المتواصل الذي يرفض تنظيم الانتخابات ويطالب بتغيير جذري في نظام الحكم القائم.

الجزائر: انتخابات في ظل القمع

(أ ب)

انطلقت الانتخابات التشريعية المبكرة في الجزائر، اليوم، السبت، وفتحت مراكز الاقتراع على وقع تصاعد قمع السلطات للحراك المتواصل الذي يرفض تنظيم الانتخابات ويطالب بتغيير جذري في نظام الحكم القائم.

وتشكل نسبة المشاركة الرهان الرئيسي بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها من الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي وتستمر حتى الساعة السابعة مساء، في أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة في 22 شباط/ فبراير 2019، رفضا لترشح الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، ما اضطر الأخير إلى الاستقالة بعد شهرين بعدما أمضى 20 عاما في الحكم.

ويتوقع ألا تصدر النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية قبل مساء يوم غد، الأحد.

(أ ب)

وفي ختام حملة انتخابية غاب عنها الجمهور بسبب الوباء، دعت الأحزاب الموالية للحكومة ووسائل الإعلام الرسمية إلى "المشاركة بقوة في هذه الانتخابات المصيرية من أجل استقرار البلاد".

ويستعد النظام لاستيعاب نسبة مقاطعة قوية محتملة، آملا في الوقت نفسه بنسبة مشاركة تراوح بين 40% و 50%، فيما ندد الحراك مسبقا بهذه الانتخابات.

والسلطة عازمة على تطبيق "خارطة الطريق" الانتخابية التي وضعتها، متجاهلة مطالب الشارع التي تتمحور حول تعزيز سيادة القانون والانتقال الديمقراطي للسلطة واستقلال القضاء.

ودعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدة خمس سنوات. وعلى أصحاب حق الاقتراع الاختيار من بين ما يقرب من 1500 قائمة - أكثر من نصفها "مستقلة" - أي أكثر من 13 ألف مرشح.

وهذه المرة الأولى التي يتقدم فيها هذا العدد الكبير من المستقلين ضد مرشحين تؤيدهم أحزاب سياسية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير وحُملت المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الجزائر مند حوالى 30 شهرا.

ويمكن لهؤلاء المرشحين الجدد، ذوي الانتماء المبهم، ترسيخ أنفسهم كقوة جديدة داخل المجلس المقبل، بموافقة السلطة، التي شجعت الشباب للترشح وقدمت لهم يد المساعدة. ويأتي ذلك فيما دعت المعارضة العلمانية واليسارية، التي تراجعت شعبيتها، إلى المقاطعة أو ترك الحرية لأفرادها بالاقتراع من عدمه.

أما الفائزون في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2017، أي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، الشريكان في التحالف الرئاسي الذي دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، فقد فقدوا مصداقيتهم اليوم.

من جهة أخرى، قررت الأحزاب الإسلامية المرخص لها المشاركة في الاقتراع من أجل "المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود".

وقال رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي والمقرب من الإخوان المسلمين، عبد الرزاق مقري، إنه "جاهز للحكم" في حال تحقيق النصر.

ويرى مركز البحوث إانترناشونال كرايسيس غروب"، "في سيناريو محتمل، قد تجتمع القوى السياسية المنبثقة عن هذه الانتخابات لتشكيل ائتلاف هدفه استمرار النظام".

ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، حذر رئيس أركان الجيش، الفريق سعيد شنقريحة، من "أي مخطط أو فعل يهدف الى التشويش على سير" العملية الانتخابية.

وسعت الحكومة، الواجهة المدنية للمؤسسة العسكرية، إلى كسر الحراك، فقد منعت كل المسيرات وضاعفت الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.

(أ ب)

وتقول الحكومة إنها استجابت للمطالب الرئيسية لـ"الحراك الأصيل" في "وقت قياسي" ولم تعد هناك أي شرعية لناشطي الحراك السلمي، متهمة إياهم بأنهم في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.

ويقبع ما لا يقل عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

وعلى الجانب الآخر من المتوسط في فرنسا حيث تقيم جالية جزائرية كبيرة، يرى جزائريون أن النظام "قادر على كل شيء" لضمان استمراريته.

ونددت منظمة هيومن رايتس ووتش بـ"تصعيد قمعي مخيف" معتبرة أن "وعود الانفتاح والحوار المبهمة للرئيس (عبد المجيد) تبون تتحطم أمام واقع القمع".

التعليقات