العراق: انتخابات برلمانية مبكرة وسط سلسلة من التحديات

يستعد العراق لانتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر تعهدت الحكومة بإجرائها إثر موجة من الاحتجاجات الشعبية العارمة، فيما أعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات من جانبها إدخال جميع القوات الأمنية في حالة استنفار لتأمين الانتخابات البرلمانية.

العراق: انتخابات برلمانية مبكرة وسط سلسلة من التحديات

وسط مقاطعة أحزاب وتيارات سياسية (أ.ب)

يستعد العراق لانتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر تعهدت الحكومة بإجرائها إثر موجة من الاحتجاجات الشعبية العارمة، فيما أعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات من جانبها إدخال جميع القوات الأمنية في حالة استنفار لتأمين الانتخابات البرلمانية.

وأصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، توجيهات للقوات الأمنية بشأن الانتخابات لضمان سيرها بسلاسة وضمان نزاهتها.

وقال الكاظمي خلال اجتماعه بأعضاء مفوضية الانتخابات واللجنة الأمنية العليا، إن مهمتكم تاريخية في تأمين العملية الانتخابية ونتائجها وضمان سيرها بسلاسة ونزاهة لتحظى بثقة الشعب، معتبرا أن الانتخابات المقبلة بإمكانها "تغيير مصير البلد ورفع الحيف والظلم".

ووجه رسالة للعراقيين قائلا إن "مستقبل أولادكم تحدده الانتخابات، فلا يمنعكم شيء من اختيار من ترونه الأصلح".

وتأتي الانتخابات المبكرة وسط سلسلة من التحديات أبرزها الأزمة الاقتصادية الصعبة، والنفوذ المتزايد لفصائل مسلحة، وفساد مزمن متحكم بمفاصل الدولة.

وتتعدد الأزمات في بلد عانى لعقود من الحروب والعنف، وتبلغ نسبة العاطلين عن العمل فيه بين الشباب 40%، وتفاقم فيه الفقر بفعل تفشي وباء كوفيد-19 رغم ثرواته النفطية، لا تثير الانتخابات المبكرة كثيرا من الاهتمام والحماسة بين الناخبين البالغ عددهم 25 مليوناً، فيما يتوقع المراقبون نسبة مشاركة منخفضة.

كان يفترض أن تجري الانتخابات في موعدها الطبيعي في العام 2022، غير أن إجراءها كان واحدا من أبرز وعود حكومة مصطفى الكاظمي التي وصلت الى السلطة على وقع تظاهرات خريف العام 2019 حين نزل عشرات الآلاف من العراقيين إلى الشارع مطالبين بإسقاط النظام.

على الرغم من الوعود العديدة التي قدّمت للمحتجين، لم يتغير شيء.

ويرى الباحث في مركز "تشاتام هاوس" ريناد منصور أن "النظام السياسي شبه مفلس اقتصاديا وإيديولوجياً".

ويقول "هذا النظام غير قادر على توفير الوظائف والخدمات العامة، وغير قادر على إقناع العراقيين (...) بأنه مؤيد للإصلاح ومحاربة الفساد".

ويعتمد العراق، ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 90% على النفط في إيراداته. على الرغم من ثروته النفطية، إلا أن ثلث سكانه البالغ عددهم 40 مليونا، فقراء، بحسب الأمم المتحدة، لا سيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل هبوط أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد-19.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أنه "في الوقت الذي يتوجه فيه العراقيون الى انتخابات، لا يزال البلد غارقاً بالفساد في جميع مؤسساته ما يساهم بشكل كبير بإضعاف الثقة بالدولة".

ويبقى التحدي الأكبر بعد الانتخابات هو تسمية رئيس للوزراء في عملية ستكون خاضعة لمفاوضات معقدة، ويصعب تحديد من هم المرشحون المحتملون لهذا المنصب. وفي ظلّ غياب أغلبية واضحة في البرلمان، على الكتل السياسية المختلفة التوافق فيما بينها.

وسط هذا السياق من الإحباط العام، أعلنت أحزاب عدة وناشطون شاركوا في احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، مقاطعة الانتخابات، لا سيما بسبب الاغتيالات التي طالت ناشطين والسلاح المتفلت.

واتهمت هذه التيارات الفصائل المسلحة الموالية لإيران بقمع الانتفاضة، ما خلف ما يقرب من 600 قتيل و30 ألف جريح، فيما تعرضت شخصيات بارزة في التيار الاحتجاجي للاغتيال ومحاولة الاغتيال أو الخطف. ونددت الأمم المتحدة ونشطاء بدور "مجموعات مسلحة" في هذه العمليات.

ويوضح الشمري بأن "السلاح يمثل تحدياً كبيراً"، فيما بات الممسكون به يعدون أنفسهم "فوق القانون"، مضيفا أن هؤلاء "يشاركون في الانتخابات" عبر تيارات "هي واجهات سياسية" لأطراف أخرى.

وتملك غالبية الكتل السياسية المشارِكة بالانتخابات ارتباطاً وثيقاً بفصائل مسلحة، سواء كان التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي كان زعيم فصيل مسلح، أو الفصائل العسكرية التابعة للحشد الشعبي التي شارك مرشحوها في الانتخابات البرلمانية في العام 2018 للمرة الاولى.

ويحذر المحلل السياسي فاضل أبو رغيف من "مخاطر انزلاق أمني داخلي بعد إعلان النتائج"، لا سيما أن بعض "الكيانات السياسية بالغت بإظهار حجمها في الآونة الأخيرة"، في إشارة إلى خطابات بعض الأحزاب التي ترى نفسها أنها ستكون في الطليعة.

وأضاف "النتائج قد تكون صادمة، وهذا لا يتلاءم مع تطلعات" تلك التيارات "وقد يدفعها إلى معارضة النتائج إلى حدّ" التنازع.

التعليقات