العراق: توقف موقع المفوضية العليا للانتخابات قبل ساعة من إعلان النتائج

سجلت الانتخابات التشريعية العراقية المبكرة نسبة مقاطعة غير مسبوقة، وفق أرقام نشرت الاثنين، وبالكاد حفّزت الناخبين الغاضبين من الفساد المزمن والخدمات العامة المتردية ونظام سياسي يعتبرون أنه غير قادر على تحسين ظروف حياتهم.

العراق: توقف موقع المفوضية العليا للانتخابات قبل ساعة من إعلان النتائج

الفرز اليدوي للأصوات (أ ب)

سجلت الانتخابات التشريعية العراقية المبكرة نسبة مقاطعة غير مسبوقة، وفق أرقام نشرت اليوم، الإثنين، وبالكاد حفّزت الناخبين الغاضبين من الفساد المزمن والخدمات العامة المتردية ونظام سياسي يعتبرون أنه غير قادر على تحسين ظروف حياتهم.

في الأثناء، لا تزال البلاد تنتظر نتائج الانتخابات التي جرت الأحد بدون حوادث تذكر. فيما أكدت مفوضية الانتخابات العراقية، أن نتائج الانتخابات ستعلن عند الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي.

وأعلن رئيس المفوضية العليا للانتخابات، جليل عدنان، في مؤتمر صحافي بعد ظهر اليوم، الإثنين، البدء بإصدار النتائج الأولية في عشر محافظات من أصل 18 محافظة عراقية، لا سيما النجف وكربلاء في الوسط، والأنبار غربًا وصلاح الدين شمالًا.

وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مطابقة نتائج العد والفرز اليدوي للانتخابات البرلمانية المبكرة مع النتائج الالكترونية بنسبة 100%. وتوقف موقع المفوضية عبر شبكة الإنترنت، تزامنا مع الإعلان عن عرض نتائج أولية لعملية الاقتراع في 10 محافظات.

ويجري نشر أسماء الفائزين في كل دائرة من الدوائر الـ83 على حدة تباعًا من غير نشر الكتل السياسية التي ينتمون إليها، ولذا لم تتضح بعد أحجام الكتل السياسية المتنافسة بشكل عام على المقاعد الـ329، فيما تلزم الأحزاب الكبرى حتى الآن الصمت بشأن عدد المقاعد التي حصلت عليها.

ودعي نحو 25 مليون شخص يحق لهم التصويت للاختيار بين أكثر من 3200 مرشح. لكن نسبة المشاركة الأولية بلغت نحو 41%، من بين أكثر من 22 مليون ناخب مسجل، وفق ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات صباح الاثنين. وتمثّل هذه النسبة مقاطعة قياسية في خامس انتخابات يشهدها العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003.

التيار الصدري" يعلن تصدره

ويعد التيار الصدري الذي يملك الكتلة الأكبر في البرلمان الحالي، الأوفر حظا في الفوز مجددا بأكبر عدد من المتقاعد. ويطمح زعيمه مقتدى الصدر الذي اعتبر في تغريدة "الانتخابات ناجحة"، إلى تحقيق نتائج تتيح له التفرّد باختيار رئيس للحكومة.

وقال بعيد انتهاء التصويت "وعدناكم بانتخابات مبكرة وأوفينا... وها هي تمر علينا بنجاح".

وفي حال فوزه، سيظلّ على التيار الصدري التعامل مع خصومه الأبرز، الفصائل الموالية لإيران الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان الذي دخلته للمرة الأولى العام 2018، مدفوعةً بانتصاراتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

من جانبه، قال مدير مكتب زعيم "التيار الصدري" في العراق، إبراهيم الجابري، إن الكتلة التابعة للتيار تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية وحصلت على 80 مقعدا من أصل 329.

وفي تصريحات لشبكة "رووداو" المحلية، أفاد الجابري، بأن "الكتلة الصدرية فازت بـ80 مقعدا في الانتخابات، ونحن الكتلة الأكبر". وأضاف: "الحمد لله على هذا النصر الكبير بقيادة الزعيم العراقي مقتدى الصدر".

شرعية؟

وتمت الدعوة لانتخابات هذا العام قبل موعدها الأساسي في العام 2022، بهدف تهدئة غضب الشارع بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في خريف العام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي في بلد غني بالثروات النفطية.

لكن الانتفاضة قوبلت بقمع دموي، أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفًا بجروح، وتلته حملة اغتيالات ومحاولات اغتيال وخطف لناشطين، نسبت إلى فصائل مسلحة موالية لإيران والتي باتت تتمتع بنفوذ قوي في العراق.

ويتوقع خبراء أن تحافظ الكتل السياسية الكبرى على هيمنتها على المشهد السياسي، بعد هذه الانتخابات التي اختار ناشطون وأحزاب منبثقة عن التظاهرات مقاطعتها، معتبرين أنها تجري في مناخ غير ديموقراطي. وبذلك، سيبقى البرلمان العراقي مقسمًا وبدون غالبية واضحة، ما يرغم التكتلات على التحالف فيما بينها.

متحدثًا عن تراجع بعض التيارات، توقع الباحث ورئيس مركز التفكير السياسي، العراقي إحسان الشمري، حصول "توترات بين القوى السياسية، وصراعًا على منصب رئيس الوزراء وتقاسم الوزارات". لكنه رأى في الوقت نفسه أن "كل المؤشرات تدلل على عودة التوافق السياسي".

"الوجوه نفسها ستعود"

وقال حيدر كرار البالغ من العمر 26 عامًا صباح الاثنين في بغداد، فيما كان يعمل على إزالة اللافتات الانتخابية "نفس الوجوه سوف تعود ولا تغيير. راتبنا كعاملين لا يتجاوز 260 ألف دينار (حوالى 178 دولاراً). قليل جدًا. لم أنتخب لأن لا فائدة من ذلك. لا يوجد سياسي يسأل عن أوضاعنا، رواتبنا قليلة ونحن لدينا عائلات".

ويعاني العراقيون، فضلًا عن البطالة، من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، حيث يعتمد العراق بالتزود في الكهرباء على جارته إيران.

ويوضح المحلل السياسي في مركز "ذي سنتشوري فاونديشن"، سجاد جياد، أن "نسبة المشاركة الضئيلة كانت متوقعة... ثمة لا مبالاة واضحة عند الناس، لا يعتقدون أن الانتخابات ستنتج تغييرًا ولا يتوقعون تحسنًا في أداء الحكومة أو في مستوى الخدمات العامة".

ويشير إلى أن النسبة الضئيلة "ستضع شرعية رئيس الوزراء المقبل محط تساؤلات، لكن أيضًا شرعية الحكومة والدولة والنظام بأكمله".

مشهد سياسي منقسم

في الأثناء، ندد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في بيان بـ"حصول تلاعب" بنتائج مرشحيه في أربيل، التي يهمين عليها خصمه الحزب الديموقراطي الكردستاني.

ويبقى المشهد السياسي في العراق منقسمًا بشأن العديد من الملفات، انطلاقا من وجود القوات الأميركية في البلاد وصولا إلى النفوذ المتزايد للجارة إيران. ولذا، لا بد لكافة التكتلات السياسية من الاتفاق على اسم رئيس للحكومة يحظى أيضًا بمباركة ضمنية من طهران وواشنطن، صاحبتي النفوذ في العراق، لكن ذلك قد يتطلب وقتاً طويلاً، ما قد يؤخر الاتفاق على اسم لرئيس وزراء جديد، علما بأن العرف يقتضي بأن تتولى المنصب شخصية شيعية.

في الأثناء، أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الذي لم يرشح نفسه رسميًا لتولي رئاسة الوزراء من جديد، إلقاء القبض "خارج الحدود" على "مشرف المال" في تنظيم الدولة الاسلامية يدعى سامي جاسم الجبوري، المطلوب من الولايات المتحدة والذي كان نائب زعيمه السابق أبو بكر البغدادي.

التعليقات