مليونية سودانية ضد الانقلاب العسكري: 3 قتلى برصاص الجيش

قُتِل ثلاثة متظاهرين سودانيين ضد الانقلاب العسكري، اليوم السبت، اثنان منهم قُتلا في منطقة أم درمان بشمال غرب الخرطوم "برصاص ميليشيات المجلس العسكري الانقلابي"، بحسب ما أعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان.

مليونية سودانية ضد الانقلاب العسكري: 3 قتلى برصاص الجيش

من مظاهرات اليوم السبت في السودان ضد الانقلاب العسكري

قُتِل ثلاثة متظاهرين سودانيين ضد الانقلاب العسكري، اليوم السبت، اثنان منهم قُتلا في منطقة أم درمان بشمال غرب الخرطوم "برصاص ميليشيات المجلس العسكري الانقلابي"، بحسب ما أعلنت لجنة الأطباء المركزية في السودان.

وأضافت اللجنة أن المتظاهرين كانا يشاركان مع عشرات آلالاف السودانيين في تظاهرات مناهضة لانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في المؤسسات السياسية الانتقالية. وأصيب أحدهما "بطلق ناري في الرأس والآخر بالبطن"، وفق اللجنة.

وأضافت اللجنة: "ارتقى إثر ذلك شهيدان كما أسلفنا قبل، ويوجد عدد من الجرحى".

وتابعت: "الثورة مدها كاسح ورصدها مستمر ولن يفلت مجرم من عقابها القادم لا محالة".

ولم تورد لجنة الأطباء أية تفاصيل عن هوية القتيل الثالث حتى الآن، إلا إنها أكدت وفاته.

ويحتشد مئات الآلاف من السودانيين في شوارع البلاد، منذ ظهر اليوم السبت، للمطالبة بحكومة مدنية وبإسقاط حكم العسكر بعد ستة أيام من انقلاب البرهان على شركائه المدنيين ليسد الطريق أمام المرحلة الانتقالية التي كانت من المفترض أن تتيح للسودان التحول إلى الديمقراطية عام 2023 بعد 30 عاما من حكم الرئيس المخلوع، عمر البشير.

ورغم القمع الدامي للاحتجاجات خلال الأيّام الأخيرة، هتف المتظاهرون في جميع أحياء العاصمة السودانية "المدنية خيارنا".

ورددوا مجددا العديد من شعارات انتفاضتهم التي أسقطت البشير في نيسان/ أبريل 2019 مثل "حرية، سلام، عدالة" و"ثوار، أحرار حنكمل المشوار" فيما كان بعضهم يرفع صور رئيس وزراء السودان المقال عبد الله حمدوك الذي وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم.

ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون "مليونيّة". وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.

وذكر شهود ومراسلو وكالة "فرانس برس" أن التظاهرات بدأت بعيد الظهر في ضاحية أم درمان بشمال غرب الخرطوم وامتدت سريعا إلى جميع أحياء الخرطوم، كما انطلقت تظاهرات في مدينة بورتسودان (شرق السودان على البحر الأحمر).

وقال هيثم الطيب أحد المتظاهرين في جنوب الخرطوم "نريد حكما مدنيا وهذه المرة لن نقبل تقاسم السلطة مع العسكريين. ينبغي أن تكون مدنية مئة بالمئة".

وأكدت الناشطة من أجل الديمقراطيّة، تهاني عباس، إن "العسكريّين لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا"، مشددة على أن هذه التظاهرة "المليونيّة" ليست "إلا خطوة أولى".

وفي شرق الخرطوم، أشعل المتظاهرون إطارات سيارات ورفعوا لافتات كتب عليها "الردة مستحيلة" وهو الشعار الأساسي لهذه التعبئة التي يريد أنصار الحكم المدني التأكيد من خلالها أنهم لن يقبلوا بعودة حكم عسكري مماثل لنظام البشير.

ففي بلد يحكمه عسكريّون بشكل شبه مستمرّ منذ استقلاله قبل 65 عاما، قرّر الشارع أن يقول "لا" للبرهان الذي حلّ، يوم الإثنين، كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيّين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة.

صباح السبت، كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك، كانت شبكة الإنترنت مقطوعة.

وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم، صباح السبت، وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات.

وناشد الموفد البريطاني للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرواذر، قوات الأمن السودانية "احترام حق وحرية المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم". وكتب في تغريدة أن "التظاهر السلمي حق ديمقراطي أساسي وستتحمل أجهزة الأمن وقادتها المسؤولية عن أي عنف تجاه المتظاهرين".

وفور إطاحة البرهان المدنيّين، الإثنين، دخل السودانيّون في عصيان مدني وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد.

وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، حسب لجنة الأطباء المركزية السودانية.

لكنّ الناشطين مصرّون رغم كل شيء على أن تكون "المواكب" سلميّة، لأنّ "سلميّتنا هي سلاحنا الوحيد وقد نجح من قبل"، بحسب تهاني عباس.

والمتظاهرون الذين يعِدون أيضًا بمسيرات في الشتات، يرون في ما يحدث تكرارا لـ"ثورة" 2019 التي استمرّت خمسة أشهر وسقط خلالها 250 قتيلًا.

وحذّرت منظمة العفو الدولية "القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة"، مؤكّدةً أنّ "العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء".

وحضّت الولايات المتحدة، الجمعة، الجيش السوداني على عدم قمع التظاهرات.

وقال مسؤول أميركي كبير لصحافيّين "نحن قلقون فعلًا حيال ما سيحصل غدا (السبت)"، مضيفا "سيكون الأمر اختبارا فعليا لنوايا العسكريين".

من مظاهرات السبت في السودان (أ ب)

كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجيش السوداني على "ضبط النفس" خلال تظاهرات، السبت.

وقال "أدعو العسكريين إلى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا".

والخميس طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، العسكريين في السودان بـ"عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون"، مبديا "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة".

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس "رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون".

وأكّد أن "الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي للمضيّ قدما نحو أهداف الثورة السودانية".

ولا يزال العدد الأكبر من القادة المدنيّين معتقلين منذ خمسة أيّام أو قيد الإقامة الجبريّة.

وكانت قوات عسكرية أوقفتهم، فجر الإثنين، واقتحمت كذلك مقرّ التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله الفريق أول البرهان بعد ساعات حلّ كلّ المؤسّسات السياسيّة للمرحلة الانتقاليّة في البلد الذي يعدّ واحدًا من الأفقر في العالم.

وأعلنت مؤسّسات حكوميّة ونقابيّة عدّة الانضمام إلى "العصيان المدني" الذي حوّل الخرطوم مدينة أشباح خلال الأيام الخمسة الأخيرة.

ويقول خبراء إن الناشطين أكثر تنظيما الآن بفضل تجربة 2019. وهم يحظون بدعم المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على العسكريين.

فالولايات المتحدة والبنك الدولي جمّدا مساعداتهما للسودان الذي يعاني الفقر والغلاء المتزايد.

كذلك، قرّر الاتّحاد الأفريقي تعليق عضويّة الخرطوم، وطالب مجلس الأمن بالدفع باتّجاه العودة إلى مؤسّسات الحكم الانتقالي التي كان يُشارك فيها المدنيّون.

التعليقات