الانقلاب في السودان: عقبات تعطل جهود الوساطة

دخلت الأزمة السياسية في البلاد أسبوعها الثاني، في ظل غياب مؤشرات على إيجاد حل يوفق بين القيادة العسكرية والقوى المدنية التي تتمسك بمعارضتها للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش.

الانقلاب في السودان: عقبات تعطل جهود الوساطة

(أ ب)

دخلت الأزمة السياسية في السودان أسبوعها الثاني، في ظل غياب مؤشرات على إيجاد حل يوفق بين القيادة العسكرية والقوى المدنية التي تتمسك بمعارضتها للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش، قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح الرهان.

ويحاول دبلوماسيون ورجال أعمال وجامعيون وسياسيون القيام بدور الوساطة في السودان، سعيا لإخراج البلد من أزمته المستمرة منذ الانقلاب الذي قاده البرهان، ولكن من دون نجاح يذكر حتى الآن.

وقال أحد المفاوضين الذي تحدث إلى وكالة "فرانس برس"، طالبا عدم الكشف عن هويته، "لقد التقينا كل الفاعلين العسكريين والمدنيين ووافقوا جميعا مبدئيا على المناقشات" واستدرك قائلا: "لا تزال هناك عقبات".

ويضع العديدون في معسكر المدنيين شروطا لا غني عنها لبدء الحوار. وترفض قوى الحرية والتغيير، وهي الكتلة الأكبر في معسكر المدنيين المنبثقة عن انتفاضة 2019 على عمر البشير، "أي مناقشة طالما لم يتم إطلاق المحتجزين ولم تتم العودة إلى خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها لتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين" عقب إسقاط عمر البشير، بحسب هذا المفاوض.

وفي العام 2019، تم وضع نهاية لثلاثين عاما من حكم البشير بفضل التوافق بين الجيش والشعب وشكل العسكريون والمدنيون معا مؤسسات للحكم خلال مرحلة انتقالية يفترض أن تفضي إلى تحول ديمقراطي من خلال تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة بحلول العام 2023.

وتولى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئاسة المجلس السيادي، فيما اسندت رئاسة الحكومة إلى التكنوقراطي عبد الله حمدوك. ولكن فجر الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر، قام البرهان باعتقال حمدوك قبل أن يعلن حالة الطوارئ ويحل كل المؤسسات السياسية للمرحلة الانتقالية.

ووعد الفريق أول البرهان بتشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع، في حين يؤكد الوزراء القليلون الذين لم يتم توقيفهم، وحمدوك الذي وضع رهن الإقامة الجبرية، أن حكومتهم هي الوحيدة الشرعية.

محاولات الوساطة

ووصل إلى الخرطوم، منذ الأحد، وفد من دولة جنوب السودان المجاورة التي لديها مصالح إستراتيجية في السودان، حيث يوجد المنفذ البحري الوحيد لصادراتها النفطية في بورتسودان.

وأكد مستشار رئيس وزراء جنوب السودان، توت غالواك، "إننا نحاول أن نضم جميع الأطراف إلى حوار شامل للتوصل إلى اتفاق".

والإثنين، خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو في الأمم المتحدة، تحدث موفد الأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيريس عن "وساطات" بشأن السودان.

وأشار إلى اتصالات "مع الكثير من الشخصيات في السودان ولكن كذلك على الصعيدين الدولي والإقليمي"، مؤكدا أنه على اتصال "مع سودانيين يمثلون كل الطيف السياسي".

وعلى المستوى الإقليمي، التقى مسؤولون من قوى الحرية والتغيير، الإثنين، سفير الاتحاد الأفريقي - الذي علق عضوية السودان بعد الانقلاب - تمهيدا لزيارة سيقوم بها الأربعاء وفد من مجلس السلم والأمن الأفريقي.

وأبلغ ممثلو قوى الحرية والتغيير شروطهم لهذا الدبلوماسي، وقال كمال إسماعيل، أحد قادة هذا التكتل، "قلنا له إنه لابد أولا من إطلاق سراح المحتجزين والعودة إلى تقاسم السلطة. إنه ليس شرطا، إنه حقنا".

والتقى وسطاء سودانيون آخرون رفيعون، البرهان، مرتين على الأقل خلال الأسبوع الجاري، لنقل مطالب الحرية والتغيير.

وقال وسيط طلب كذلك عدم الإفصاح عن هويته: "لقد استمع إلينا وقال إنه سيأخذ هذه المطالب في الاعتبار".

وأضاف "لا نتوقع أن يستجيب العسكريون لهذه المطالب من أول مرة، إذ أن هناك صعوبات ينبغي التغلب عليها بسبب التوتر وأزمة الثقة الراهنة".

ويعتبر موفد الولايات المتحدة إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، الذي سيبقى في واشنطن بسبب التأزم في السودان والتصعيد في أثيوبيا، أن استعادة الثقة ستتطلب وقتا طويلا.

وقال فيلتمان، الثلاثاء، للصحافيين، "المدنيون لدغوا من شركائهم العسكريين في 25 تشرين الأول/أكتوبر، ولذلك فهم يطالبون الآن بضمانات قوية للغاية للعودة إلى الشراكة".

كما أن المدنيين تحت ضغط الشارع الذي خرج بعشرات الآلاف مرتين الشهر الماضي للمطالبة بحكم مدني "مئة في المئة".

وجددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمهما لحمدوك، وحثوا القائد العام للجيش السوداني، البرهان، على إطلاق سراح حمدوك وإعادة الحكومة.

وقالت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت ويبر "ما زلنا ندعم حمدوك رئيسا للوزراء في السودان، وعلى العسكر في السودان الاستماع لصوت الشارع".

وأضافت ويبر -في تصريحات للجزيرة- "نريد العودة إلى العمل بالوثيقة الدستورية في السودان، ولا يمكن للعسكر تحديد مستقبل السودان".

التعليقات