السودان: "تعثّر مفاوضات حل الأزمة" وتصعيد الاحتجاجات ضد الانقلاب

قالت مصادر مقربة من حكومة رئيس الوزراء السوداني المُقال بموجب الانقلاب العسكري، عبدالله حمدوك، اليوم السبت، إن المفاوضات لحل الأزمة في ‎السودان تعثرت بعد رفض الجيش العودة لمسار الانتقال الديمقراطي، وفق ما أوردت وكالة رويترز.

السودان:

(أ ب)

قالت مصادر مقربة من حكومة رئيس الوزراء السوداني المُقال بموجب الانقلاب العسكري، عبد الله حمدوك، اليوم السبت، إن المفاوضات لحل الأزمة في ‎السودان تعثرت بعد رفض الجيش العودة لمسار الانتقال الديمقراطي، وفق ما أوردت وكالة رويترز.

ويصل، مساء السبت، إلى الخرطوم وفد رفيع المستوى من جامعة الدول العربية لمحاولة حل "الوضع المتأزم" في السودان كجزء من جهود الوساطة بين العسكريين والمدنيين، بعد قرابة أسبوعين على حل الجيش مؤسسات الحكم الانتقالي.

وقال بيان صادر عن الجامعة، السبت، إن الأمين العام، أحمد أبو الغيط، إنه "كلف وفدا رفيع المستوى برئاسة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد سيصل إلى الخرطوم مساء اليوم السبت، للإسهام في معالجة الوضع المتأزم في السودان".

وأضاف البيان أن "من المقرر أن يلتقي الوفد مع القيادات السودانية من المكونات المختلفة بهدف دعم الجهود المبذولة لعبور الأزمة السياسية الحالية، في ضوء الاتفاقات الموقعة والحاكمة للفترة الانتقالية".

ويواصل السودانيون تصعيد احتجاجاتهم على انقلاب الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، فيما يسود الغموض مصير جهود الوساطة الرامية لحل الأزمة الناجمة عن الانقلاب، وسط مؤشرات على إخفاقها في إحراز أي تقدم يذكر.

ورفضت حركة الاحتجاج في السودان المبادرات المدعومة دوليا للعودة إلى ترتيب تقاسم السلطة مع الجيش بعد انقلاب، داعية إلى يومين من الإضرابات على مستوى البلاد تبدأ الأحد.

ودعت الحركة إلى تشكيل حكومة مدنية لقيادة الانتقال إلى الديمقراطية، وذلك بعد أن اتهم زعيم الحزب السياسي الرئيسي في البلاد القيادة العسكرية، بالتفاوض بسوء نية.

وفي تطورات أخرى، أعلنت جامعة الخرطوم، أعرق الجامعات السودانية، اليوم السبت، تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى، وذلك في بيان صادر عن مجلس أمناء الجامعة.

وقال البيان: "قررنا تعليق الدراسة بكل كليات الجامعة إلى أجل غير مسمى". ولم يوضح البيان سببا للتعليق، إلا أنه شجب "اعتداءات الأمن السوداني على طلاب وطالبات الجامعة داخل السكن الجامعي".

كما شدد مجلس أمناء الجامعة في بيانهم على رفضه "الانقلاب العسكري".

وتحت شعار: "لا مفاوضات ولا حل وسط ولا تقاسم للسلطة"، دعا تجمع المهنيين السودانيين، المنتشر في جميع أنحاء البلاد، إلى إضرابات وعصيان مدني يومي الأحد والاثنين.

وحدد "تجمّع المهنيين السودانيين"، المحرك الرئيسي للشارع السوداني، مساء اليوم، موعدًا لإغلاق الخرطوم وغيرها من المدن، بواسطة الحواجز وحرق الإطارات، تحت شعار "ليلة المتاريس"، رفضًا للانقلاب العسكري، ورفضًا كذلك للتفاوض مع الانقلابيين.

وحثّ التجمّع الثوار على وضع المتاريس في الطرق وتجنب الاحتكاك مع قوات الانقلابيين، لتجنب أي خسائر جديدة في الأرواح، وحدد يومي الأحد والاثنين، موعدًا لتصعيد العصيان المدني والإضراب الشامل، فيما يتوقع أن تصدر بيانات لتحديد مسارات مواكب جديدة في الأيام المقبلة.

وكان "تجمّع المهنيين" قد أصدر بيانًا في الساعات الماضية، أشار فيه إلى أن "سلطة الانقلابيين واصلت مساعيها لكسب الوقت من خلال إطلاق فقاعات المبادرات السياسية التي لا طائل من ورائها، والمحكومة مسبقًا، بالفشل في تلبية مطالب الشارع الواضحة".

ونبّه التجمع إلى أن "السلطات الانقلابية تهدف إلى تخدير الفعل المقاوم ونقله إلى حالة انتظار سلبي لحلول لن تأتي"، مؤكدًا أن "الانقلابيين مستمرون في حملات الاعتقالات الواسعة وفرض إجراءاتهم التعسفية، وإصدار قرارات الإعفاءات والتعيينات بهدف وضع مفاصل جهاز الدولة في أيدي محسوبيهم من فلول النظام المخلوع، من خلال حملات فصل واعتقال قيادات الخدمة المدنية والقيادات النقابية وتحيّن الفرص للانقضاض على عناصر المقاومة".

وذكر البيان أن "لجان المقاومة تلقت دعوات تناقلتها الوسائط للقاءات مع ممثلين عنها بالسلطات، بهدف توفير الغطاء السياسي لتسويات قاصرة لا تلبي مطالب الشارع، ويتم تصميمها بغرض تفتيت وحدة الكتلة الثورية، بعدما تبين بجلاء تورّط البرهان ومجلسه في مغامرة حمقاء وضعتهم على حافة الهاوية".

وأضاف أن "على الحركة الجماهيرية التصدي لتلك المخططات الماكرة، برفع درجة التنسيق والتعاضد، والتوافق العاجل على إعلان سياسي يحدد أهدافها وينسق جهودها للانتقال بفاعليتها وتكتيكاتها إلى موقع المبادرة".

ومنذ الانقلاب، سرع المجتمع الدولي جهود الوساطة لإيجاد مخرج من الأزمة، الأمر الذي يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي المضطربة بالفعل.

جهود الوساطة "لم تثمر بعد"

وأشارت التقارير إلى فتور في جهود الوساطة مع عجزها عن إحراز تقدم يذكر، إذ غادر الخرطوم وفد وساطة دولة جنوب السودان، الذي فشل في جمع أطراف الأزمة.

ورفضت قوى إعلان الحرية والتغيير، التعاطي مع المبادرة الجنوب سودانية "التي تلبي رغبات العسكر أكثر من حرصها على تحقيق مطالب الشعب السوداني في عودة الحكم المدني"، بحسب نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر مطلعة.

ولا يزال رئيس الوزراء المقال بموجب إجراءات الانقلاب، عبد الله حمدوك، تمسكه بشروطه السابقة الخاصة بالعمل بالوثيقة الدستورية كما كانت قبل الانقلاب، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة حكومته، على أن يتخذ شخصيًا قرار حلها وتكوين حكومة كفاءات غير حزبية، "لا تشمل حتى حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية"، بحسب ما أوردت "العربي الجديد"، نقلا عن مصادر مقربة من حمدوك.

وأشارت المصادر إلى أن "أي حديث عن قرب التوافق على اتفاق ما هو إلا لتخفيف غضب الشارع ووقف التصعيد الثوري".

"الفصيل العسكري يتفاوض بسوء نية"

وحث الأمين العام لحزب الأمة، الواثق البرير، المجتمع الدولي، على الضغط على الجيش لوقف التصعيد، حيث يواصل الجنرالات بدلا من ذلك تفكيك الحكومة الانتقالية واعتقال القادة المؤيدين للديمقراطية.

وفي تصريحات لـ"أسوشييتد برس"، قال البرير: "نحن بحاجة حقا إلى تهيئة الأجواء وتهدئة الأمور حتى نتمكن من الجلوس على الطاولة، لكن من الواضح أن الفصيل العسكري يواصل خطته ولا توجد جهود لإظهار حسن النية".

وكان البرير يشير إلى اعتقال ثلاثة قادة من قوى الحرية والتغيير، يوم الخميس الماضي، بعد أن التقوا بمسؤولي الأمم المتحدة في الخرطوم، في اجتماع عقد فس سياق جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة.

وأضاف البرير أن جهود الوساطة لم تثمر بعد، وألقى باللوم على الجيش في هذا الفشل.

وحذر من احتمال إراقة الدماء، حيث تصر الحركات الاحتجاجية، بما في ذلك تجمع المهنيين السودانيين، ولجان المقاومة، على إبعاد الجيش عن أي حكومة مستقبلية.

وقال: "بالنسبة للجيش سيكون من الصعب الخروج من هذا الوضع دون دم في الشوارع، والقوى السياسية لم تقم بدورها لمحاولة إقناع الشوارع ولجان المعارضة والشباب".

وحث المجتمع الدولي على زيادة الضغط على القادة العسكريين لعكس مسار الانقلاب.

وأردف قائلا: "في هذه المراحل الأولية، نأمل أن يواصلوا الضغط القوي. يجب أن يكون هذا الضغط أكثر من مجرد تغريدات. هذا الضغط يحتاج إلى آليات يمكن أن تخلق ضغطا حقيقيا على المكون العسكري".

الجيش يتهم مسؤولين سابقين بـ"تأليب" المؤسسات الدولية ضد السودان

واتهم الجيش السوداني، دبلوماسيين ومسؤولين سابقين، بـ"الإضرار وتأليب المؤسسات الدولية ضد وطنهم"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، الطاهر أبو هاجة,

وقال المسؤول العسكري: "بعض الدبلوماسيين والمسؤولين السابقين (لم يسمهم) يؤلبون المؤسسات الدولية ضد شعبهم ووطنهم ويضرون بالجهات التي ينتمون إليها وبالوطن".

وأضاف: "ضلت تقديرات الذين يؤلبون المؤسسات الدولية ضد شعبهم ووطنهم ليلا ونهارا، لقد غلبوا النظرة الضيقة على المصلحة الوطنية العليا".

وأردف: "طريق التصحيح بعد 25 تشرين الأول/ أكتوبر (الماضي) هو الانتقال الديمقراطي، الذي يرتكز على قرار الشعب السوداني، وليس أهواء الأشخاص والأحزاب ومصالحها الضيقة".

وفي 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ووضع حمدوك، قيد الإقامة الجبرية.

والخميس، أصدر البرهان، قرارا بالإفراج عن وزراء: الإعلام والثقافة حمزة بلول، والشباب والرياضة يوسف آدم الضي، والتجارة والتموين علي جدو، والاتصالات هاشم حسب الرسول، وفق التلفزيون الرسمي.

التعليقات