لبنان: قصص مؤلمة لضحايا "قارب الموت".. تهديد بالثأر من المسؤولين

دفعت الأوضاع الاقتصادية المزرية والكارثية والعوز مئات وآلاف اللبنانيين لترك بلادهم بطرق مختلفة إما بطريقة نظامية وإما بطرقٍ "غير شرعية" أو بما تسمى في "قوارب الموت" في رحلة يخاطرون فيها بأرواحهم سعيًا وراء تأمين حياتهم وذويهم.

لبنان: قصص مؤلمة لضحايا

لبنان (Getty images)

دفعت الأوضاع الاقتصادية المزرية والكارثية والعوز مئات وآلاف اللبنانيين لترك بلادهم بطرق مختلفة إما بطريقة نظامية وإما بطرقٍ "غير شرعية" أو بما تسمى في "قوارب الموت" في رحلة يخاطرون فيها بأرواحهم سعيًا وراء تأمين حياتهم وذويهم.

وأضافت حادثة غرق قارب قبالة ساحل مدينة طرابلس، شمالي لبنان، السبت، حكاية أخرى من مجموعة القصص الإنسانية المؤلمة على مكتبة اللبنانيين.

ومن هذه القصص، قصة ابن مدينة طرابلس، عميد دندشي، الذي لم يكن يدركِ أن هدفه بتأمين الحياة لأطفاله خارج لبنان، سيتحول إلى مأساة وكابوس يرافقه طيلة أيام حياته.

فبعدما فقد الأمل من الحصول على حياة كريمة في بلده، وتأمين مستقبل لأولاده، لجأ إلى خيار الهجرة غير النظامية بالبحر، ليرسم القدر لعائلته مصير حزين.

فخسر دندشي زوجته وأولاده الثلاثة، بعد غرقهم في ذلك الحادث، حيث تم إنقاذ 45 شخصًا، والعثور على نحو 7 جثث، فيما يجري البحث عن مفقودين من القارب الذي كان يقل أكثر من 70 لبناني وغير لبناني.

ويقول دندشي "للأناضول": "وعدت أولادي بالحياة الجيدة، وقررنا الخروج من البلد من أجل تأمين مستقبل لهم، وأدوية وتعليم، إلا أن مصيرهم كان الموت"، متوعدًا بالثأر من المسؤولين عن الحادثة.

حالة من الاحتقان والغضب في جنازات ضحايا القارب (Getty images)

واتهم المواطن المفجوع "أحد ضباط الجيش اللبناني (لم يسمه)، بأنه اتخذ القرار بصدم قاربهم عن قصد، ما أدى إلى غرقه"، مشيرا أنه "لو كان الهدف منعنا من الإبحار لما كانوا سمحوا لنا بالانطلاق من الشاطئ من الأساس".

وكان ‏قائد القوات البحرية في الجيش، هيثم ضناوي، قد قال في مؤتمر صحافي، أمس، إن "حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ، وقائده نفذ مناورات للهروب من الخافرة (تابعة للجيش) ما أدى لارتطامه وغرقه على الفور".

قصص أبناء طرابلس متشابهة، يلفها الحزن والألم، فينتظر المواطن الطرابلسي أحمد الحموي أي خبر عن أخيه المفقود وزوجته وأولاده المفقودين أيضًا، مطالبًا الدولة اللبنانية بالإسراع في انتشال الجثث من البحر.

ويشير للأناضول أن "الناس تهرب من لبنان بسبب الوضع المعيشي الذي وصلنا إليه في عهد الرئيس اللبناني ميشال عون".

وتعد طرابلس العاصمة الثانية للبنان، من الأكثر فقرا على ساحل البحر المتوسط، وفق تقديرات البنك الدولي، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 500 ألف نسمة، يعيش معظمهم أوضاعا بالغة السوء.

طفل تيتّم

على نفس الشاكلة الطفل علي الحموي، تحول بليلة وضحايا الى يتيم الأم والأب، بعدما اعتبر أهله أنهم سيرسمون له مستقبلًا واعدًا خارج لبنان، بعد الهرب من لبنان عبر القوارب غير النظامية.

ويروى الحمودي "للأناضول"، اللحظات الأخيرة قبل غرق القارب، قائلا "كنا جالسين في الداخل نأكل، وبعد سقوط القارب حضنتني والدتي وشقيقتي الصغرى، الا أنني رأيت والدتي تلفظ أنفاسها الأخيرة كونها لا تعرف السباحة، لأراها تغرق مع شقيقتي تحت المياه، وهي تردد: لا إله الا الله".

وشيعت مدينة طرابلس، الإثنين، 6 من ضحايا القارب، وسط حالة من الغضب والحزن.

وبعد الحادثة، سارع السياسيّون إلى استنكارها، من خلال تغريدات ومواقف اعتبرها "البعض شعبويّة أو لأهداف انتخابيّة"، علمًا أنّ العديد منهم لم يقوموا باللازم من أجل طرابلس التي يعاني أهلها من أوضاع معيشية صعبة للغاية، وفق نشطاء.

وإثر اندلاع الحرب السوريّة في 2011، كانت الهجرة "غير الشرعية" تكاد تنحصر في النازحين السوريّين، إلّا أنّ دخول لبنان في أزمة اقتصاديّة صعبة، أدى إلى ارتفاع عدد اللبنانيّين الّذين يلجأون لهذا النوع من الهجرة، رغم مخاطرها الكبيرة.

التعليقات