عرض لبناني جديد لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل... ماذا عن الخط 29؟

قدّم لبنان، اليوم الثلاثاء، للوسيط الأميركي آموس هوشستين، عرضًا جديدًا لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، يستثني حقل كاريش الذي اعتبرت بيروت في وقت سابق أن أجزاء منه تقع في منطقة متنازع عليها، بحسب ما أفاد مسؤول لبناني رفيع.

عرض لبناني جديد لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل... ماذا عن الخط 29؟

لبنانيون يطالبون بالتمسك بالخط 29 (Getty Images)

قدّم لبنان، اليوم الثلاثاء، للوسيط الأميركي، آموس هوشستين، عرضًا جديدًا لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، يستثني حقل كاريش الذي اعتبرت بيروت في وقت سابق أن أجزاء منه تقع في منطقة متنازع عليها، بحسب ما أفاد مسؤول لبناني رفيع.

ودعت السلطات اللبنانية، مطلع الأسبوع الماضي، هوشستين للمجيء إلى بيروت للبحث في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وذلك غداة وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل "كاريش" تمهيدًا لاستخراج الغاز منه لصالح إسرائيل التي تزعم أن حقل "كاريش" يقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها.

وتوقّفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أميركية في أيار/ مايو من العام الماضي جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها، بعدما قدم الوفد اللبناني خريطة جديدة تطالب بـ1430 كيلومترا مربعا إضافية كمساحة تابعة للبنان.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومترًا مربعًا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقًا أن الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترًا مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش" وتُعرف بالخط 29.

ولم يوقّع الرئيس اللبناني المرسوم 6433 القاضي بتثبيت الخط 29 الذي حددته خرائط الجيش اللبناني العام الماضي، ويتضمن أجزاءً من حقل "كاريش"، على الرغم من المطالبات الداخلية بذلك، بل صرّح في حديث لوسائل إعلام محلية، في شباط/ فبراير الماضي، بأن "الخط 23 هي حدودنا البحرية، وأن البعض طرح الخط 29 من دون حجج برهنته".

ويعد توقيع تعديل المرسوم المقترح من قيادة الجيش اللبناني، وإيداعه الأمم المتحدة، خطوة مهمة وأساسية بالنسبة للبنان، كونه يصحِّح حدوده البحرية جنوبًا من الخط 23 إلى 29، ما يضيف 1430 كيلومترًا مربعًا على المساحة السابقة 860 كيلومترًا مربعًا، أي بمجموع 2290 كيلومترًا مربعًا.

العرض اللبناني الجديد

وقال مسؤول لبناني رفيع واكب الاجتماعات التي عقدها هوشستين في بيروت، منذ وصوله إليها أمس، الإثنين، "طرحنا زيادة المساحة البحرية من 860 كيلومترًا مربعًا إلى حوالي 1200". وتشمل هذه المساحة حقل "قانا" الذي يمر به الخط 23، بينما تستثني حقل "كاريش".

وتابع المسؤول الذي تحدث لوكالة "فرانس برس" شريطة عدم الكشف عن هويته، "نحن بالأساس نريد حقل قانا كاملاً، وهذا يؤدي إلى تعديل الخط 23".

ويعني هذا عمليا تراجع لبنان عن مطلبه الأخير من دون العودة إلى الموقف الأساسي، إذ يقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل لدى الأمم المتحدة، ويمتد بعض الشيء أبعد من الخط 23.

مظاهرة في منطقة الناقورة تدعو السلطات للتمسك بحقوق لبنان في حدودها البحرية (Getty Images)

وسيحمل هوشستين الصيغة الجديدة إلى إسرائيل. وفي حال وافق الجانب الإسرائيلي على الطرح الجديد، فمن المفترض أن يتجه الطرفان إلى استئناف التفاوض، وفق المصدر ذاته.

الوسيط الأميركي: الاقتراح اللبناني يدفع بالمفاوضات إلى الأمام

في مقابلة مع قناة "الحرة" الأميركية، قال الوسيط الأميركي، هوشستين، إنه لمس لدى القادة اللبنانيين "إجماعًا أكبر حول الرسالة، وإعدادًا جدّيًا للزيارة، وقد قدّموا بعض الأفكار التي تشكل أسس مواصلة المفاوضات والتقدم بها".

وتابع المبعوث الأميركي الخاص "أعتقد أن ما سمعته أيضًا كان فهمًا واضحًا، مفاده أن الخيار الحقيقي لمستقبل لبنان، وهو الهم الأساس للرؤساء والقادة الآخرين الذين التقيت بهم، هو إيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان والتي ترتبط بشكل وثيق بملف النفط، وحل النزاع البحري يشكل خطوة أساسية وهامة من أجل إيجاد حل للأزمة الاقتصادية، وللانطلاق بمسار الانتعاش والنمو".

وأضاف "أعتقد أن ما جرى كان محاولة جدية تقضي بالنظر إلى الخيارات المتاحة للمضي قدمًا، من غير أن تغفل عن بالنا فكرة أن علينا أن نقدم تنازلات والتفكير بشكل بناء".

وفي حين رفض الحديث عن تفاصيل المقترح اللبناني، وتلميحاته بأنه (المقترح) يستثني الخط 29، أكد هوشستين أن الرد اللبناني "يدفع بالمفاوضات إلى الأمام، وعليه سأتشارك هذه الأفكار مع إسرائيل وما إن أحصل على رد واقتراح من الجانب الإسرائيلي، سأبلغه إلى الحكومة في لبنان".

آموس هوشستين (Getty Images)

وتمنّى رئيس الجمهورية، ميشال عون، إثر لقائه هوشستين على الأخير "العودة سريعًا إلى لبنان ومعه الجواب من الجانب الإسرائيلي".

وشملت زيارة هوشستين لقاءات مع مسؤولين آخرين بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، وقائد الجيش، جوزيف عون.

وكان مسؤولون لبنانيون قد حذروا من أن أي نشاط إسرائيلي في المناطق البحرية المتنازع عليها يشكل "استفزازًا" و"عملًا عدوانيًا". في المقابل، حضّت إسرائيل على تسريع المفاوضات، معتبرة أن حقل كاريش "من الأصول الإستراتيجية لدولة إسرائيل".

التعليقات