ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات بالعراق: الكاظمي يلوّح بالاستقالة والرئيس يدعو لانتخابات مبكّرة

قُتل ثلاثون من أنصار الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، بالرصاص في الاشتباكات التي وقعت بينهم وبين فصائل موالية لإيران والقوى الأمنية في بغداد، بحسب حصيلة جديدة أدلى بها مصدر طبي، وذلك قبل أن تنتهي هذه المواجهات الثلاثاء

ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات بالعراق: الكاظمي يلوّح بالاستقالة والرئيس يدعو لانتخابات مبكّرة

مسلّحون عراقيّون في بغداد (Getty Images)

قُتل ثلاثون من أنصار الزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بالرصاص في الاشتباكات التي وقعت بينهم وبين فصائل موالية لإيران والقوى الأمنية في بغداد، بحسب حصيلة جديدة أدلى بها مصدر طبي، وذلك قبل أن تنتهي هذه المواجهات الثلاثاء، فيما لوّح رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي بالاستقالة من منصبه، بينما دعا رئيس البلاد، برهم صالح إلى انتخابات مبكّرة.

كذلك، أصيب 570 من أنصار الصدر خلال الاشتباكات التي استمرت 24 ساعة، وانتهت بعدما أمهل الصدر أنصاره ستين دقيقة لوقف كل الاحتجاجات، منددا باستخدامهم العنف.

وقال الكاظمي، الثلاثاء، إنه سيعلن خلوّ منصب رئيس الوزراء إذا استمرت إثارة الفوضى والصراع.

وشدد الكاظمي في كلمة للشعب العراقي، على ضرورة وضع السلاح تحت سيطرة الدولة، معلنا تشكيل لجنة تحقيق "لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين".

عناصر الأمن العراقي في العاصمة (Getty Images)

وقال الكاظمي إن "الدم العراقي، أطلق جرس إنذار بضرورة مواجهة الحقائق و وضع السلاح تحت سلطة الدولة"، مضيفا: "فتحنا تحقيقا في الأحداث، وهذا يتطلب منا موقفا حازما والسلاح الذي استخدم هو مال مهدور ودم مهدور".

وشدد على أنّ "العراق أكبر من الجميع، ولا حزب أو قوة أكبر منه ومن مصالحه". وأضاف أن "الحرب كانت معلنة من جميع الأطراف لإضعاف الدولة وقرارها لأسباب انتخابية".

وفي ما يخصّ الاستقالة التي لوّح بأنه سيقدم عليها، قال الكاظمي: "أحمل المسؤولية للمتورطين". وتابع أنه "كما يجب تحديد من فتح النار والصواريخ والهاونات على المنطقة الحكومية (المنطقة الخضراء وسط بغداد) طوال الليل".

وقال الكاظمي إنه "كفى ازدواجية الدولة واللادولة، وعلى المنظومة الأمنية الرسمية أن ترتبط جميعها بكل توجهاتها ولا فرق بين هذا وذاك فورا بالقائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء) ويتحمل كل غير منضبط المسؤولية القانونية".

(Getty Images)

وأضاف أنه"خدمت شعبي بكل شرف وأمانة، ولم أكن يوما طرفا أو جزءا من المشكلة، وصبرت على كل أنواع التنكيل والعرقلة والحرب المعلنة من جميع الأطراف لإضعاف الدولة وقرارها أو ابتزازها أو تصغير كل ما أُنجز لأهداف انتخابية".

وقال إنه "ورغم ذلك فإنني لم ولن أتخلى عن مسؤوليتي أمام شعبي وأي خيار يخدم مصالح العراق وأمنه ويحقق الاتفاق السياسي بين القوى المختلفة، وكنت وما زلت مع مبدأ التداول السلمي للسلطة".

وأضاف الكاظمي: "إذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى والصراع والخلاف والتناحر وعدم الاستماع لصوت العقل، سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب، حسب المادة 81 من الدستور، وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين وأمام التاريخ".

وتنص هذه المادة على أن يقوم رئيس الجمهورية، مقام رئيس الوزراء، عند خلوّ المنصب لأي سبب كان، ويكلف مرشحا آخر بتشكيل حكومة خلال مدة لا تزيد على 15 يوما.

الرئيس يدعو لانتخابات مبكّرة و"الإطار" يريد "حكومة خدمة وطنية"

وقال صالح في خطاب متلفز بعد ساعات من انتهاء المواجهات، التي خلفت 30 قتيلا في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية، إن "إجراء انتخابات جديدة مُبكرة وفق تفاهمٍ وطني، يُمثل مخرجا للأزمة الخانقة في البلاد، عوضًا من السجال السياسي أو التصادم والتناحر".

ودعا صالح إلى إجراء انتخابات مبكرة ضمن "تفاهم وطني"، فيما دعا تحالف قوى الإطار التنسيقي إلى الإسراع بتشكيل "حكومة خدمة وطنية".

مسلّح شارك في الاشتباكات (Getty Images)

وقال صالح في كلمته، إن "انتهاء أحداث العنف والصدامات وإطلاق الرصاص أمر ضروري ومهم لحقن دماء العراقيين، لكنه لا يعني انتهاء الأزمة السياسية المستحكمة"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وعَدّ صالح أن "الانتخابات (البرلمانية) الأخيرة (في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) لم تحقق ما يأمله المواطن، وواجهت الكثير من الإشكالات والتحديات".

وأشار إلى "التأخير في تلبية التوقيتات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة، وقضية استقالة الكتلة الصدرية الفائزة في الانتخابات، وما لها من آثار سياسية واجتماعية جسيمة".

وأضاف صالح أن "إجراء انتخابات جديدة مبكرة وفق تفاهم وطني يمثل مخرجا للأزمة الخانقة في البلاد".

ودعا قادة الإطار التنسيقي إلى التواصل مع الصدر لـ"تهدئة النفوس، والخروج في هذا الحوار الوطني بحل سياسي حاسم يتناول قضية الانتخابات الجديدة المبكرة وتشكيلة الحكومة وإدارة الفترة المقبلة".

مخلّفات رصاصات أُطلقت في المنطقة الخضراء (Getty Images)

ودعا الإطار التنسيقي، عبر بيان الثلاثاء، إلى "الإسراع بتشكيل حكومة خدمة وطنية تتولى المهام الإصلاحية ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة وإعادة هيبة الدولة لينعم الجميع بالأمن والاستقرار (...) بمشاركة واسعة من جميع القوى السياسية الراغبة بالمشاركة".

فيما قال عضو تحالف الفتح، أحد مكونات الإطار التنسيقي، علي الفتلاوي، في تصريح صحافي الثلاثاء، إن الإطار التنسيقي سيتقدم بمبادرة إلى الصدر "تتضمن بعض الأمور كبادرة حسن نية".

ولم يكشف الفتلاوي عن مضمون المبادرة، فيما يرفض التيار الصدري ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، ويطالب بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.

الحياة تعود لطبيعتها في بغداد

وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، انسحاب جميع المتظاهرين من المنطقة الخضراء ومحيطها وسط العاصمة بغداد، وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها.

ولمدة 18 ساعة شهدت بغداد احتجاجات واشتباكات وفوضى أمنية، منذ أن أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي نهائيا.

وقالت العمليات المشتركة في بيان، إن "جميع المتظاهرين انسحبوا من المنطقة الخضراء ومحيطها، والحياة بدأت تعود لطبيعتها".

(Getty Images)

⁧ونشرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية صورا تظهر قيام المعتصمين من أنصار التيار الصدري برفع الخيام في محيط مجلس النواب.

وقبلها، أعلنت قيادة العمليات المشتركة رفع حظر التجوال الذي فرضته الإثنين، في بغداد وبقية المحافظات.

وتعد اشتباكات الإثنين والثلاثاء، أحدث حلقة من الصراع بين أكبر قوتين شيعيتين في الساحة العراقية، وهما التيار الصدري وتحالف قوى الإطار التنسيقي المقرب من إيران.

وفي وقت سابق الثلاثاء، دعا كل من الصدر و"الإطار التنسيقي" أنصارهما إلى الانسحاب من بغداد، بعد تحذيرات محلية ودولية من انزلاق العراق إلى "مزيد من العنف وإراقة الدماء"، ودعوات إلى الحوار لحل أزمة سياسية ممتدة منذ أكثر من 10 أشهر.

(Getty Images)

وإعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي هو التاسع من نوعه خلال تسع سنوات، وجاء بعد يومين من اقتراحه أن تتنحى جميع الأحزاب السياسية لوضع حد للأزمة في البلاد.

ومنذ أكثر من 10 أشهر، يشهد العراق أزمة سياسية زادت حدتها منذ 30 تموز/ يوليو الماضي، حين بدأ أتباع التيار الصدري اعتصاما داخل المنطقة الخضراء، حيث توجد مقرات المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية.

ويرفض أنصار التيار الصدري ترشيح تحالف الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، ويطالبون بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

وحالت الخلافات بين القوى السياسية، لا سيما الشيعية منها، دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

التعليقات