لبنان يواجه شبح الفراغ الرئاسي... المخاطر والرهانات

في حالة حدوث فراغ، تنتقل السلطات الرئاسية إلى الحكومة التي يرأسها نجيب ميقاتي. لكن حكومة رئيس الوزراء، ميقاتي، يقتصر دورها على تسيير الأعمال منذ الانتخابات البرلمانية في أيار/ مايو.

لبنان يواجه شبح الفراغ الرئاسي... المخاطر والرهانات

البرلمان اللبناني يفشل في اختيار رئيس (Getty Images)

تنتهي ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وبدءا من الأول من تشرين الثاني، نوفمبر المقبل، ستغدو لبنان بلا رئيس إذا لم يتمكن أصحاب النفوذ الرئيسيون من التوصل إلى صفقة لانتخاب خلف لميشال عون، الأمر الذي يثير احتمال دخول لبنان في فراغ رئاسي، فيما تعيش البلاد في أزمة اقتصادية متصاعدة.

وظل منصب الرئيس شاغرا مرات كثيرة منذ الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. ووفقا لاتفاق المحاصصة الطائفية الذي تم توقيعه في الطائف لإنهاء الحرب، لا يشغل منصب الرئيس إلا مسيحي ماروني، مما يجعل انتخاب رئيس أمرا شديد الصعوبة.

ما سبب التعقيد الشديد في عملية انتخاب الرئيس؟

يُنتخب الرئيس اللبناني في اقتراع سري للمشرعين البالغ عددهم 128 عضوا في البرلمان المقسم بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية.

لكن الحدود الدنيا المطلوبة من الأصوات تعني أنه لا يوجد فصيل واحد أو تحالف يتمتع بمقاعد كافية لفرض خياره في السياسة اللبنانية الاستقطابية.

وهذا يربط العملية بمساومة معقدة في قضايا أوسع، بما في ذلك تقسيم المقاعد في الحكومة الجديدة التي تتولى مهامها بعد أداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية.

في هذا السياق، شدد "حزب الله" الذي يلعب دورا أكبر من أي وقت مضى في الحكومة، على أنه يجب التوصل لتوافق في الآراء على مرشح ما، وهو ما يقتضي فعليا موافقة النواب المقربين من "حزب الله".

وظل منصب الرئاسة شاغرا 29 شهرا قبل أن يصبح عون - حليف "حزب الله" - رئيسا للدولة في اتفاق عام 2016 شهد عودة السياسي السني سعد الحريري إلى منصب رئيس الوزراء.

البرلمان اللبناني يخفق في انتخاب رئيس للبلاد للمرة الرابعة (Gettyimages)

والحسابات الدولية التي طالما لعبت دورا في الأزمات المحلية في لبنان، قد تؤدي أيضا إلى تعقيد العملية.

ولـ"حزب الله" وحلفائه علاقات وثيقة بإيران والنظام في سورية، بينما يتوجه خصومهم في الطائفتين المسيحية والسنية نحو الغرب ودول الخليج.

وتولى سلف عون - ميشال سليمان - منصبه عام 2008 في صفقة تم التوسط فيها في قطر وتفادت صراعا على السلطة بين حزب الله وحلفائه وخصوم مدعومين من السعودية والغرب.

ماذا يعني هذا بالنسبة للأزمة المالية؟

تقاعست النخبة الحاكمة عن معالجة الأزمة المالية التي ألقت بكثيرين في براثن الفقر ومنعت المودعين من الوصول إلى مدخراتهم في نظام مصرفي عاجز عن الحركة منذ ثلاث سنوات. وفراغ منصب الرئيس قد يفاقم تعقيد خطوات المعالجة.

في حالة حدوث فراغ، تنتقل السلطات الرئاسية إلى الحكومة التي يرأسها نجيب ميقاتي. لكن حكومة رئيس الوزراء، ميقاتي، يقتصر دورها على تسيير الأعمال منذ الانتخابات البرلمانية في أيار/ مايو.

جبران باسيل (Getty Images)

ويقول محللون إن هذا يعني عدم قدرتها على اتخاذ قرارات كبيرة تتضمن إبرام اتفاقات دولية.

وقد يؤدي هذا إلى تعقيد الانتهاء من مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدات مطلوبة بشدة، بافتراض قيام الساسة الحاكمين في نهاية الأمر بتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها واللازمة لإبرام الصفقة.

وقال نائب رئيس الوزراء، سعد الشامي، إن لبنان ما زال بوسعه عرض تقدمه على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، للفحص والموافقة على التمويل، لكنه ليس متأكدا من مدى حاجة الصفقة النهائية لموافقة رئاسية.

من قد يصبح رئيسا في نهاية المطاف؟

الطائفة المارونية أشد انقساما على الصعيد السياسي من غيرها من الطوائف في لبنان، مما أدى إلى ظهور طامحين كثيرين للرئاسة.

وأحد المرشحين، سليمان فرنجية، حليف حزب الله ورئيس النظام السوري، بشار الأسد. وكان فرنجية يعتبر منافسا قويا إلى أن خسر "حزب الله" وحلفاؤه الأغلبية البرلمانية في أيار/ مايو الماضي.

ولم يعلن "حزب الله" دعمه لأحد الأسماء المرشحة لمنصب الرئاسة.

ميشال عوض (Getty Images)

وفاز المشرع المناهض لحزب الله، ميشال معوض، بأكبر عدد من الأصوات في أربع جلسات انتخابية رئاسية لم تكلل بالنجاح حتى الآن، لكن عدد الأصوات لم يكن كافيا لحسم النتيجة وفوزه في المنصب.

وكان آخر ثلاثة رؤساء للبنان قادة سابقين في الجيش، وينظر إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون، على أنه مرشح توافقي محتمل.

لكن محللين ومصادر سياسية يقولون إنه سيواجه معارضة، لا سيما من السياسي جبران باسيل، صهر الرئيس عون الذي يطمح هو نفسه للحصول على منصب الرئاسة.

التعليقات