20 عامًا على الغزو الأميركي: العراق في أي حال؟

تصادف هذه الأيام ذكرى غزو العراق واحتلاله عام 2003 من جانب تحالف عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة، وبعد عشرين عاما على احتلاله، لا يزال العراق يعاني تبعات الغزو الأميركي، الذي جاء بدعوى تأسيس نظام ديمقراطي.

20 عامًا على الغزو الأميركي: العراق في أي حال؟

(أرشيفية - Getty Images)

يستذكر العراقيون، اليوم الإثنين، مرور عشرين عامًا على الغزو الأميركي الذي أسقط نظام صدام حسين، وشكّل بداية لحقبة دامية تعاقبت فيها النزاعات، وفي حين استعاد العراقيون بعض الهدوء، إلا أنهم لا يزالون ينظرون بحذر مشوب بكثير من القلق إلى المستقبل.

ودشن الغزو الأميركي للعراق مرحلة من العنف في تاريخ البلاد من اقتتال طائفي وصولاً إلى هيمنة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أنهكت البنية التحتية للبلاد ووضعت العراقيين في معاناة قاسية. واعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "الشعب العراقي هو من دفع الثمن الأعلى للغزو".

وحثّت المنظمة "أطراف النزاع على تعويض الضحايا ومحاسبة المذنبين"، لكن "الإفلات من العقاب لا يزال قائمًا". ومنذ العام 2003 وحتى العام 2011، التاريخ الرسمي لانسحاب القوات الأميركية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة "ضحايا حرب العراق". في المقابل، فقدت الولايات المتحدة قرابة 4500 عنصر في العراق.

وبعد عشرين عاما على احتلاله، لا يزال العراق يعاني تبعات الغزو الأميركي، الذي جاء بدعوى تأسيس نظام ديمقراطي يصلح أن يعمم على دول المنطقة أجمع، وتخليص البلاد من حكم الرئيس الراحل، صدام حسين. ويؤكد مواطنون عراقيون أن الغزو لم يحقق الديمقراطية، إنما أنتج عملية سياسية هجينة تمت للديمقراطية بصلة سوى أنها تحمل اسمها.

وفي 20 آذار/ مارس 2003، أطلق تحالف دولي بقيادة واشنطن عملية عسكرية لإسقاط نظام صدام، ورغم إسقاطه بعد نحو ثلاثة أسابيع، في 9 نيسان/ أبريل 2003، استمر الوجود الأميركي طوال عقدين مع إعلانات متعددة بالانسحاب ثم العودة عنها.

ويخيّم شبح نقص الخدمات والفساد الذي يدفع العراقيين إلى النظر بتشاؤم للمستقبل، فيما يلوح في الوقت نفسه في الأفق خطر التغير المناخي ونقص المياه والتصحر. وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليونًا يعيشون في الفقر.

أما البطالة فهي مرتفعة في أوساط الشباب، فيما يحتجّ العراقيون كذلك على النزاعات السياسية والنفوذ الإيراني في بلدهم، ولا يؤمن كثر منهم بأن الانتخابات قادرة على تغيير أي شيء، ما انعكس بنسبة مشاركة متدنية في انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021 المبكرة التي جاءت لدرء غضب شعبي بعد الاحتجاجات غير المسبوقة التي تعرضت لقمع شديد.

ولا يزال العراق يشهد اضطرابات سياسية متواصلة، مع هيمنة نظام من المحاصصة وتقاسم للمناصب بين الأحزاب الشيعية خصوصًا. وتجلّى هذا الخلاف خصوصًا في أعقاب انتخابات 2021، بين المعسكر الموالي لإيران والمرجعية الدينية مقتدى الصدر، وبلغت ذروتها في آب/ أغسطس 2022 بيوم من القتال الدامي في قلب بغداد.

ويرى أكاديمي عراقي تحدث لوكالة "الأناضول" أنه "بعد سقوط صدام، كان العراقيون يأملون في أن تغيير نظامه الاستبدادي الدكتاتوري، سيبني لهم دولة جديدة، مبنية على الديمقراطية، والتوزيع العادل للثروة". وأضاف "كنا نبني آمالا عريضة على تنفيذ الإدارة الأميركية وعودها بالتأسيس لنظام ديمقراطي بديل عن حقبة 35 عاما من نظام الفرد".

واستدرك بالقول: "لكن الواقع، وبعد عقدين من الزمان، أنتج التغيير عملية سياسية عرجاء، يشوبها الفساد المالي والإداري والمحاصصات الطائفية واقتسام الموارد بين القوى المتنفذة". و"فيما تعيش الغالبية العظمى في العراق، تحت وطأة تردي الخدمات، وشيوع ظاهرة السلاح المنفلت، ومافيات الفساد، وعصابات الجريمة المنظمة"، وفق الأكاديمي العراقي.

وعادة، يجري التوافق بين الكتل الفائزة بالانتخابات البرلمانية، لتوزيع الوزارات والمناصب الرفيعة فيما بينها، بموجب ما يسمى بـ"المحاصصة"، ما أوصل غير مؤهلين إلى مناصب رفيعة عملوا لصالح أحزابهم على حساب المصالح العامة.

وتبلغ نسبة الفقر في العراق، 25% من مجموع السكان، البالغ عددهم أكثر من 42 مليون نسمة، وفقا لإحصائيات وزارة التخطيط العراقية مطلع 2023.

يذكر أن الحقوق التي تحققت جزئيا في العراق، كحرية الرأي والتعبير، وفق المواطنين، هي في الأساس من الحقوق الأساسية التي نصت عليها الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، وفق المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، شهدت العاصمة بغداد ومحافظات أخرى وسط وجنوبي العراق، احتجاجات شعبية حاشدة ضمن ما عرف بـ"ثورة تشرين"، التي يخرج المتظاهرون في ذكراها كل عام للتذكير بمطالبهم.

وطالب المتظاهرون بمحاربة الفساد وتحسين أوضاع المعيشة والخدمات العامة وتوفير فرص عمل، وإيقاف نظام المحاصصة بين الشيعة والسُنة والأكراد، وإنهاء تبعية قوى سياسية للخارج، لا سيما إيران والولايات المتحدة.

التعليقات