شهران على القتال في السودان: معارك مستمرة وتحذير من "جرائم ضد الإنسانية"

تدور منذ 15 نيسان/أبريل معارك طاحنة تتركّز في الخرطوم وفي إقليم دارفور الذي عانى بدوره على مدى عقدين من النزاعات الدامية في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

شهران على القتال في السودان: معارك مستمرة وتحذير من

(أ ب)

قصفت طائرات حربية الأربعاء مدينة الأبيض في جنوب السودان، وفق شهود، مع انتهاء الشهر الثاني من النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، غداة تحذير الأمم المتحدة من حصول "جرائم ضد الإنسانية" في إقليم دارفور.

وحوّلت الحرب التي تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة والطائرات الحربية والمسيرات، العديد من أجزاء البلاد إلى مناطق "منكوبة".

وقال أحمد طه، أحد سكان الخرطوم، لوكالة "فرانس برس" الأربعاء "أصبحنا بلا طعام ولا شراب ولا دواء.. الرصاص والدانات في كل مكان".

وأضاف "أي منطقة في السودان الآن أصبحت منكوبة".

وقال مواطن في الخرطوم الأربعاء "لا نعرف ما هي نهاية هذه الحرب.. فقط ندعو الله أن يرفع البلاء".

وذكر شهود في مدينة الأبيض جنوب الخرطوم الأربعاء أن طائرات تابعة للجيش نفذت "غارات جوية للمرة الأولى في محيط الأبيض"، عاصمة ولاية كردفان والواقعة على بعد 350 كيلومترا جنوب الخرطوم والتي تطوقها قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب.

في الخرطوم، قال مسؤول عسكري طلب عدم الكشف عن اسمه إن قوات الدعم السريع استخدمت في هجومها الثلاثاء على سلاح المدرعات "طائرات بدون طيار ما يثير شكوك من أين حصلوا عليها".

في المقابل، أكدّ مصدر من قوات الدعم السريع "حصلنا عليها من مراكز الجيش التي سيطرنا عليها".

ويرى خبير عسكري أن هذا التطور "سيكون له أثر على سير الحرب"، متوقعا أن تكون قوات الدعم السريع "حصلت عليها من مصنع اليرموك للصناعات العسكرية" في جنوب الخرطوم.

وتدور منذ 15 نيسان/أبريل معارك طاحنة تتركّز في الخرطوم وفي إقليم دارفور الذي عانى بدوره على مدى عقدين من النزاعات الدامية في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وأسفر القتال عن مقتل أكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح نحو مليوني شخص بينهم أكثر من 900 ألف فرّوا من العاصمة بسبب العنف وأكثر من 475 ألف لجأوا إلى البلدان المجاورة.

وأبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار لم يصمد أي منها. لكن الطرفين التزما بشكل كبير بهدنة مدتها 24 ساعة بوساطة أميركية - سعودية انتهت صباح الأحد، أفاق سكان الخرطوم بعدها على تجدد المعارك.

وقالت السودانية سهى عبد الرحمن التي تقيم في العاصمة "نحن نعاني، نعاني من ويلات الحرب، ولا يعلم بحالنا إلا الله".

والاتصالات صعبة مع السودان بشكل عام، والمعلومات عما يجري عن الأرض غير متوافرة بدقة من مصادر مستقلة، لا سيما من دارفور في غرب البلاد. ويعاني السودانيون من أزمات متعددة من نقص في الوقود والمواد الغذائية والسيولة.

ووصف حزب الأمة القومي، أبرز الأحزاب السياسية في السودان، ما يحدث من عنف في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور بأنه "جريمة إنسانية مكتملة الأركان جعلت منها منطقة منكوبة بلا شك، مما يتطلب إعلان ذلك بصورة رسمية لتضطلع المنظمات الدولية بدورها حيال الوضع فيها".

وندد الحزب في بيان الاربعاء "بشدة بما يحدث في الجنينة من عنف وحصار مقيت وانتهاكات ممنهجة بحق المواطنين.. ما أدى إلى سقوط أكثر من ألف شهيد وعدد كبير من الجرحى".

من جهته حذّر رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس الثلاثاء من أن أعمال العنف التي يشهدها إقليم دارفور قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".

وقال بيرتس "مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة (غرب دارفور) في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر نيسان/أبريل والتي اتخذت أبعادا عرقية".

وتحدث بيرتس عن "نمط ناشئ من الهجمات واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين على أساس هوياتهم العرقية والتي يُزعم أنها ارتُكِبَت من ميليشيات عربية وبعض الرجال المسلحين الذين يرتدون زي قوات الدعم السريع. هذه التقارير مقلقة للغاية، وإذا تمّ التحقق منها، فقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".

ويضمّ إقليم دارفور نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبا. في العقدين الماضيين، تسبب النزاع فيه بمقتل 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.

ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.

وأعلنت السعودية الثلاثاء أنها سترأس بالاشتراك مع عدد من الدول والهيئات الدولية، مؤتمرا لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان.

ويحتاج 25 مليون شخص، أكثر من نصف السكان، إلى المساعدة والحماية، وفقا للأمم المتحدة، ولكن حتى أواخر أيار/مايو، تم تمويل 13% فقط من حاجات المنظمة العالمية التي تحتاج إلى 2,6 مليون دولار لمعالجة الأزمة.

وباتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة، وفق ما تؤكد مصادر طبية.

في مطلع الشهر الجاري، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على القائدين المتحاربين، لكن القتال تواصل.

رغم ذلك، لا يبدو القائدان العسكريان مستعدين للتفاوض على وقف الحرب.

وقال مسؤول سوداني الثلاثاء إن البرهان لن يلتقي حميدتي "في ظل الظروف الراهنة".

وجاء ذلك بعد إعلان الرئيس الكيني وليام روتو خلال قمة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) التي عقدت في جيبوتي الإثنين، سعيه لعقد لقاء مباشر بين الطرفين.

التعليقات