اليمن: الحرب تستنزف أموال الدولة وتلجأ للاحتياطي الخارجي

قال البنك المركزيّ اليمنيّ، أمس الإثنين، إنّه يستخدم احتياطيات الدّولة في البنوك الخارجيّة بطريقة مسؤولة، بعد أن طالبت الحكومة التي تخوض حربًا أهليّة المؤسّسات الماليّة الدّوليّة بمنع البنك المركزيّ من استخدام أموال الدّولة في الخارج.

اليمن: الحرب تستنزف أموال الدولة وتلجأ للاحتياطي الخارجي

صنعاء، اليمن

قال البنك المركزيّ اليمنيّ، أمس الإثنين، إنّه يستخدم احتياطيات الدّولة في البنوك الخارجيّة بطريقة مسؤولة، بعد أن طالبت الحكومة التي تخوض حربًا أهليّة وتتلقّى الدّعم من السّعوديّة المؤسّسات الماليّة الدّوليّة بمنع البنك المركزيّ من استخدام أموال الدّولة في الخارج.

وقالت رسالة تحمل تاريخ الثّامن من آب/أغسطس إلى الرّئيس اليمنيّ من محافظ البنك المركزيّ، إنّ البنك المركزيّ يباشر مهامّه بشفافيّة وبما يتّفق مع الإجراءات المصرفيّة الدّوليّة.

والحرب الأهليّة تدور رحاها بين الحوثيّين المتحالفين مع إيران ويسيطرون على العاصمة، حيث يقع البنك المركزيّ وحكومة رئيس الوزراء، أحمد بن داغر، المعترف بها دوليًّا وتتمركز في مدينة عدن السّاحليّة بجنوب البلاد.

وكانت وكالة أنباء سبأ، التي تديرها الحكومة اليمنيّة، قد نقلت يوم السّبت عن مسؤول في مكتب بن داغر، قوله إنّ رئيس الوزراء 'تلقّى معلومات مؤكّدة من مصادر محليّة وخارجيّة أنّ قيادة البنك قد لجأت إلى الاحتياطات النّقديّة بالعملات الأجنبيّة المودعة في البنوك الخارجيّة في أميركا وأوروبا، بعد أن استنزفت ما كان تحت يدها من العملات الأجنبيّة في خزائن البنك المركزيّ في صنعاء والحديدة للمجهود الحربيّ وبأموال الشّعب.'

ونقلت الوكالة عن المسؤول قوله 'حرصًا من الحكومة اليمنيّة على أموال وممتلكات الشّعب اليمنيّ وحفاظًا على ما تبقّى من أموال عامّة وفي ضوء توجيهات رئيس الجمهوريّة، قرّرت الحكومة اليمنيّة اتّخاذ هذا الإجراء والذي يشمل وقف التّعامل مع محافظ البنك المركزيّ، محمّد عوض بن همّام الذي لم يعد قادرًا على ممارسة مهامّه وصلاحيّاته بحياديّة تامّة لوقوع البنك المركزيّ تحت سيطرة المليشيات الحوثيّة وقوّات صالح الانقلابيّة.'

وقالت رسالة البنك المركزيّ، التي تحمل توقيع بن همّام، إنّ ما جاء في رسالة رئيس الوزراء بشأن الاستخدام غير المسؤول للاحتياطيّات النّقديّة بالعملات الأجنبيّة المودعة في البنوك الخارجيّة 'لا أساس له'.

ودعا بن همام الرّئيس عبد ربّه منصور هادي إلى مطالبة صندوق النّقد الدّوليّ بتحديد شركة تدقيق دوليّة لمراجعة أنشطة البنك المركزيّ، سواء العمليّات المتعلّقة بالاحتياطات الخارجيّة أو العمليّات الدّاخليّة.

ولم يرد تعليق من صندوق النّقد الدّوليّ.

الحصن الأخير

يقول مسؤولون بالبنك المركزيّ ودبلوماسيّون أجانب ومصادر سياسيّة يمنيّة من طرفي الحرب، إنّ البنك هو الحصن الأخير للنظام الماليّ للبلد الفقير.

وقالت مصادر سياسيّة ومصادر بالبنك المركزيّ، إنّ الحوثيّين تلقّوا على الأرجح مزيدًا من أموال البنك المركزيّ لقوّاتهم لأنّهم عندما استولوا على العاصمة أضيف آلاف من المسلّحين إلى قوائم الجيش وأصبح لهم الحقّ في تقاضي أجور من الدّولة.

واتّهمت حكومة هادي الحوثيّين بإهدار نحو أربعة مليارات دولار من الاحتياطيات التي يحتفظ بها البنك المركزيّ للإنفاق على الحرب، لكن الحوثيين يقولون إنّ هذه الأموال استخدمت في تمويل واردات الغذاء والدّواء.

ويستورد اليمن أكثر من 90% من احتياجاته الغذائيّة بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكلّ احتياجاته من الأرز. ويحتاج نحو 21 مليونًا من سكّان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانيّة، ويعاني ما يربو على نصف السّكّان من سوء التّغذية.

وتشير وثيقة داخلية أطلعت عليها رويترز إلى أن إجمالي الاحتياطي في 31 ديسمبر كانون الأول 2015 بلغ 2.085 مليار دولار وانخفض إلى 1.318 مليار دولار بنهاية يونيو حزيران 2016 بعد أن قام البنك بمدفوعات شملت سلعا أساسية وخدمة ديون خارجية ودعما للسفارات اليمنية والمنح الدراسية.

وفي يناير كانون الثاني 2016 أرسل البنك المركزي مذكرة إلى رئيس الوزراء بعنوان 'وضع الاحتياطيات الخارجية' تحذر من تدهور الاحتياطيات.

وقالت المذكرة التي وصفت بأنها 'عاجلة للغاية وهامة للغاية وليست للتداول' إن البنك إذا واصل سياساته الحالية مع استمرار الصراع فإن ذلك 'سيؤدي بلا شك إلى نفاد (الاحتياطي) تماما بحلول سبتمبر 2016.'

وكانت إحدى البدائل وقف دفع خدمة الديون الخارجية مؤقتا وخفض عدد السلع التي يدفع ثمنها البنك المركزي. وضمن هذه البدائل أيضا وقف دفع ثمن السلع الأساسية والمشتقات النفطية. وقال البنك إنه سيتبع البديل الأول ثم ينتقل للثاني عندما تصل الاحتياطيات إلى الحد الأدنى.

وانتقد مصدر دبلوماسي غربي يتابع الشأن اليمني محاولة الحكومة منع البنك المركزي من استخدام الأموال في الخارج.

وقال المصدر 'المثير للقلق أن الحكومة اليمنية وبشكل ضمني التحالف الذي تقوده السعودية يحاولان تسليح الاقتصاد من خلال منع البنك المركزي من التصرف في الأموال بالخارج.'

اقرأ/ي أيضًا| ولد الشيخ يعلن تعليق المفاوضات اليمنية بالكويت

وأضاف المصدر 'محافظ البنك المركزي اليمني خبير على درجة عالية من الكفاءة ويقوم بعمله إلى حد كبير في ظل ظروف صعبة لذلك فإن هذا لا يبشر بالخير... اليمن أحد أسوأ الأوضاع الإنسانية في العالم ويعاني بالفعل من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي ونقص الرعاية الصحية وتدهور الاقتصاد.'

التعليقات