واشنطن تدعو لـ"وقف التصعيد" في اليمن والتحالف ينفي ضلوعه بمجزرة صعدة

ارتفعت حصيلة قتلى الغارة الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية على سجن صعدة شمالي اليمن، إلى 80 معتقلا على الأقل، حسبما أعلنت جماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، اليوم السبت.

واشنطن تدعو لـ

دعت الولايات المتحدة، مساء أمس، الجمعة، إلى "وقف التصعيد" في اليمن، متحدّثةً عن سقوط "أكثر من 100 قتيل في الأيّام الأخيرة" في هجمات بينها غارة جوّية على سجن في صعدة، بحسب بيان صادر عن الخارجيّة الأميركيّة.

فيما ارتفعت حصيلة ضحايا الغارة الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية على مركز احتجاز في صعدة إلى 82 قتيلا على الأقل، حسبما أعلنت جماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، اليوم السبت.

ونقل بيان الخارجيّة الأميركية عن الوزير أنتوني بلينكن، قوله إنّ "الولايات المتحدة قلقة جدًا (...) من التصعيد في اليمن"، داعيًا "جميع أطراف النزاع إلى وقف التصعيد والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والمشاركة الكاملة في عمليّة سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة".

وقال وزير الخارجيّة الأميركي إنّ "الغارة الجوّية تأتي بعد أيّام فقط من هجوم الحوثيّين المتعمّد على مدنيّين في أبو ظبي".

وأدان مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بالإجماع "الاعتداءات الإرهابيّة" التي ارتكبها الحوثيّون في الإمارات، بينما اعتبرت النروج التي تتولّى الرئاسة الدوريّة لمجلس الأمن في كانون الثاني/يناير، أنّ الضربة الجوّية التي استهدفت السجن في صعدة "غير مقبولة".

(أ ب)

وكثّف التحالف الذي تقوده السعودية، غاراته الجوّية على مناطق سيطرة الحوثيّين منذ الإثنين الماضي، بعد الهجوم الذي تبنّته الجماعة على مواقع أبو ظبي.

وتسبّبت غارات للتحالف على الحديدة في غرب اليمن بمقتل ثلاثة أطفال، وفق منظّمة "سايف ذي تشيلدرن". وقال الحوثيّون إنّها استهدفت مبنى اتّصالات. والإنترنت مقطوع عن معظم أنحاء اليمن منذ صباح أمس، الجمعة.

واتّهم الحوثيون طيران التحالف بارتكاب "جريمة" في صعدة التي تُعتبر معقلاً لهم. ووزّعوا صوَر فيديو ملتقطة من الجو للمكان المستهدف الذي قالوا إنّه مقرّ "السجن الاحتياطي" في المدينة، بدا فيها مدمّرًا تمامًا.

وأفاد المكتب الإعلامي للحوثيين عن حصيلة القتلى، قائلاً إن رجال الإنقاذ ما زالوا يبحثون عن ناجين وجثث تحت أنقاض موقع السجن في محافظة صعدة الشمالية على الحدود مع السعودية.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية إن نحو 266 شخص أصيبوا في الغارة الجوية.

كما أظهرت صور أخرى جثثًا وبقع دماء بين الأنقاض، بينما كان هناك أشخاص يساعدون على رفع الرّكام. ويمكن رؤية جرّافة وآليّات تنظّف المكان، وسيّارات إسعاف، وجثث أخرى ممدّدة على الطريق.

وأفادت منظمة "أطباء بلا حدود" بأنّ حصيلة الغارة على السجن بلغت 70 قتيلا و138 جريحا.

وفي سلسلة تغريدات على "تويتر"، قال المتحدث باسم "أطباء بلا حدود" إنّ حصيلة السبعين قتيلا و138 جريحا هي من مستشفى "الجمهورية" فقط، مضيفا أنّ أفراد طاقم المستشفى "يعملون فوق طاقتهم وليس بإمكانهم استقبال مزيد من الجرحى".

وتابع "ممّا سمعت من زملائي في صعدة، أنّ هناك العديد من الجثث التي لا تزال في موقع الغارة الجوّية، وكثير من المفقودين". وكتب يؤكد أنه "يستحيل معرفة عدد القتلى. يبدو أنّها عمليّة مريعة".

وذكرت سبع منظمات غير حكومية تنشط في المجال الإنساني في اليمن، في بيان، أنّ بين الضحايا العديد من المهاجرين، مشيرةً إلى أنّ السجن كان معدًا لنقل مهاجرين إليه.

ونفى التحالف الذي تقوده السعوديّة في اليمن، اليوم السبت، ما تمّ تداوله من تقارير حول استهداف التحالف لمركز احتجاز بمحافظة صعدة اليمنيّة، زاعما أنّ هذه التقارير "عارية من الصحّة".

وقال المتحدّث باسم قوّات التحالف، تركي المالكي، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة (واس)، إنّ "قيادة القوّات المشتركة للتحالف تابعت ما تناقلته بعض الوكالات الإعلاميّة بعد إعلان الميليشيا الحوثيّة الإرهابيّة المدعومة من إيران عن استهداف التحالف لمركز احتجاز بمحافظة صعدة فجر يوم الجمعة (21 كانون الثاني/ يناير) وادّعاء وقوع ضحايا من المحتجزين بداخله"، مضيفا على أنّ "هذه الادّعاءات التي تبنّتها الميليشيا الحوثيّة غير صحيحة".

ولم يُشر التحالف العسكري بقيادة السعوديّة إلى أيّ قصف على صعدة، لكنّه تحدّث في بيان عن استهداف الحديدة. وأعلن البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعوديّة "بدء ضربات جوّية دقيقة لتدمير قدرات الميليشيا الحوثية بالحديدة" الواقعة تحت سيطرة الحوثيّين، واستهداف "أحد أوكار عناصر القرصنة البحريّة والجريمة المنظّمة بالحديدة".

وأعلنت منظمة "سايف ذا تشيلدرن"، الجمعة، مقتل ثلاثة أطفال على الأقلّ في الغارات الجوّية على الحديدة. وقالت في بيان مشترك مع ستّ منظّمات أخرى غير حكوميّة تنشط في المجال الإنساني في اليمن، إنّ مقرًا للاتّصالات "تضرّر ما أدى الى انقطاع الإنترنت و(حصول) أعطال في الخطوط الهاتفية".

وكانت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين ذكرت أنّ "العدوان" استهدف "مبنى اتّصالات" في المدينة. وأفاد مراسلون لوكالة "فرانس برس" بأنّ الإنترنت مقطوع عن معظم مناطق اليمن منذ الصباح.

وندّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان صدر عنه أمس، الجمعة، بـ"الضربات الجوّية للتحالف الذي تقوده السعودية والتي استهدفت سجنًا في صعدة" و"أسفرت على الأقلّ عن ستّين قتيلا وأكثر من مئة جريح" في صفوف السجناء.

وأشار إلى أنّ "ضربات جوّية أخرى سجّلت في أماكن أخرى في اليمن وكذلك مع سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيّين بينهم أطفال"، مطالبًا بـ"تحقيقات سريعة وفاعلة وشفافة" في هذه الأحداث بهدف محاسبة منفذيها.

وفي نيويورك، ندّد أعضاء مجلس الأمن الدولي بعد اجتماع عقد بناء على طلب الإمارات، "بأشدّ العبارات بالاعتداءات الإرهابيّة الشائنة" التي نفّذها الحوثيّون في أبو ظبي. وصدر بيان التنديد الذي أعدّته الإمارات، بالإجماع، وفق ما أفاد دبلوماسيّون.

وفي تصريح لصحافيّين، أعلنت سفيرة النروج لدى الأمم المتحدة، مونا جول، التي تتولّى الرئاسة الدوريّة لمجلس الأمن في كانون الثاني/ يناير، أنّ الضربة الجوّية التي استهدفت، الجمعة، صعدة "غير مقبولة".

وقالت "نحن قلقون للغاية... وندعو إلى نزع فتيل التصعيد وضبط النفس".

وقالت مندوبة الإمارات في الأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة، من جهتها، إنّ التحالف العسكري في اليمن يعتمد "ردًا متكافئًا في كلّ عمليّاته العسكريّة"، وذلك ردًا على سؤال عن الضربة التي استهدفت السجن.

واستهدف الحوثيّون بصواريخ وطائرات مسيّرة أبو ظبي، الإثنين الماضي، ما تسبّب بسقوط ثلاثة قتلى وإصابة ثلاثة صهاريج محروقات واندلاع حريق قرب المطار. وتعهدت الإمارات والتحالف بالردّ.

وكان ذلك الاعتداء الأوّل من نوعه الذي يُنفّذه الحوثيّون المدعومون من إيران على الإمارات. وكان الحوثيّون قد صادروا في الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، باخرة في البحر الأحمر ترفع علم الإمارات، وتنقل، وفق التحالف، تجهيزات لمستشفى. وقال الحوثيّون إنّها تنقل أسلحة.

وأعلن التحالف، مساء الجمعة، أنّ "الدفاعات السعوديّة دمّرت صاروخًا بالستيًا أطلِق (من اليمن) في اتّجاه مدينة خميس مشيط" في جنوب المملكة. وغالبًا ما يستهدف الحوثيّون أراضي المملكة بالصواريخ.

وتسبّبت الحرب في اليمن بمقتل أكثر من 377 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، بينما تعاني البلاد أزمة إنسانيّة حادّة.

التعليقات