تونس: احتمالات مفتوحة في الجولة الرئاسية الثانية

"فَسِّخْ وعاوِد" مثل شعبي تونسي شهير يعني: أن لا شيء حُسِم، وأن الأمر مطروح من جديد. وضع ينطبق على ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس الثلاثاء، خلال كشفها عن النتائج الأولية الرسمية الكاملة للجولة الأولى من الانتخابات.

تونس: احتمالات مفتوحة في الجولة الرئاسية الثانية

"فَسِّخْ وعاوِد" مثل شعبي تونسي شهير يعني: أن لا شيء حُسِم، وأن الأمر مطروح من جديد. وضع ينطبق على ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس الثلاثاء، خلال كشفها عن النتائج الأولية الرسمية الكاملة للجولة الأولى من الانتخابات.

 وأظهرت النتائج عدم دقة أغلب توقعات شركات سبر الآراء، إذ أكدت الهيئة أن الفارق بين زعيم حزب "نداء تونس" الباجي قايد السبسي، الذي حلّ في المرتبة الأولى، والرئيس المنصف المرزوقي، الذي حصد المرتبة الثانية، لا يتجاوز 6 في المائة من مجموع الأصوات. وهو ما يشير إلى أن جميع الخيارات والاحتمالات تبقى مطروحة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والتي ستحسم ما إذا كان السبسي أو المرزوقي سيفوز بكرسي قصر قرطاج.

كما أنّ فارق الأصوات الضئيل سيغير حتماً من استراتيجية الحملة الانتخابية المقبلة لكلا المرشحين المتأهلين، وسيجعل التنافس على أشدّه بينهما.

كذلك فاجأت الهيئة الجميع بترتيب المتنافسين الباقين ونسب الأصوات التي حصل عليها كلٌّ منهم، فحمة الهمامي جاء بالفعل في المرتبة الثالثة، ولكن بنسبة تقدر بـ7.82 بالمائة من جملة الأصوات. وحلّ رابعاً الهاشمي الحامدي وليس سليم الرياحي بـ5.75 في المائة من نسبة الأصوات للأول و5.55 للثاني الذي جاء خامساً في الترتيب.

وهو ما يعني أن محافظات بأكملها يمكن أن تتحول للمرزوقي أو للسبسي، على غرار ولاية سيدي بوزيد التي حلّ فيها الحامدي أولاً قبل السبسي والمرزوقي. ومجموع الأصوات التي حصل عليها الحامدي والرياحي في بعض المناطق في الجنوب يمكن أن تؤثر بشكل كبير على النتائج النهائية في الجولة الثانية، ما يجعل من المرشحين الذين احتلوا المراتب الثالثة والرابعة والخامسة أصحاب دور مؤثر في تحديد الفائز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

وكان لافتاً أن المرزوقي اكتسح الجَنُوب التونسي وتقدم على منافسه في أغلب محافظاته، خصوصاً أنه جاء أولاً في مناطق مدنين، قابس، قفصة، توزر وتطاوين. وامتد تفوقه إلى صفاقس بدائرتيها ووصل إلى الوسط الغربي في القصرين والوسط في القيروان.

في المقابل، سيطر السبسي على محافظات الشمال والساحل، وتقدم على المرزوقي في سوسة، المنستير، المهدية، بنزرت، سليانة، الكاف، القيروان، وجندوبة، فضلاً عن تونس بدائرتيها وزغوان وباجة وبن عروس واريانة ومنوبة.

وبالتالي، فإن صراع المتنافسين في بعض المحافظات وتقارب عدد الأصوات التي حصلا عليها، هو ما يفسر تقارب النتائج النهائية للجولة الأولى.

فارق الأصوات في القيروان مثلاً يقدر بأربعة آلاف صوت فقط، وبتسعة آلاف في سيدي بوزيد، وبحوالى عشرين ألفاً في قفصة، وباثني عشر ألفاً في القصرين، في حين يتسع هذا الفارق في بقية المحافظات. ما يعني أن الصراع سيكون قوياً في الوسط على وجه التحديد، وفي بعض دوائر الخارج في أوروبا؛ حيث تقدر الفوارق بين المرشحين بالمئات؛ نظراً لقلة عدد الناخبين.

وتقدّم المرزوقي على منافسه في ألمانيا ودائرة فرنسا 1 وإيطاليا والعالم العربي وباقي دول العالم في القارة الأميركية وباقي الدول الأوروبية، في حين تقدم السبسي في دائرة فرنسا 2.

وبالإضافة إلى أصوات المنسحبين والحملة الانتخابية، يرى مراقبون أن ما سيحدد نتائج الدور الثاني عدد الناخبين، لا سيما بعدما ذكرت هيئة الانتخابات أن عدد المقترعين كان 3.339.671 من أصل 5.308.345 مسجلاً، ما يعني أن عدد الذين لم يشاركوا في الانتخابات بلغ حوالى مليونين. وهو ما يُقدَّر بعشرة أضعاف الفارق بين المتنافسيْن.

وإذا ما استطاع أيٌّ منهما إقناع هذه الفئة بالمشاركة والتراجع عن حالة العزوف الكبيرة التي شهدتها الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فإنه سيحسم الأمر بالتأكيد لصالحه.

التعليقات