"جثث المهاجرين الغرقى في تونس قد تطفو بعد أيام"

صرّح رئيس الهلال الأحمر التونسي، منجي سليم، أن العثور على جثث عشرات المهاجرين الذين غرقوا خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا من ليبيا سيستغرق عدة أيام.

(أ ب)

صرّح رئيس الهلال الأحمر التونسي، منجي سليم، أن العثور على جثث عشرات المهاجرين الذين غرقوا خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا من ليبيا سيستغرق عدة أيام.

وقال سليم للـ"أسوشيتد برس" اليوم السبت إن حوالي 75 مهاجراً غادروا مدينة زوارة الليبية على متن قارب انقلب أمس الجمعة.

وأوضح سليم أن 16 منهم فقط نجوا بعد أن أنقذهم قارب صيد تونسي، وتابع قائلا إن البنغاليين الأربعة عشر ومغربيا ومصريا يتلقون الرعاية من وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مدينة مدنين، جنوب تونس.

المهاجرون الذين تم إنقاذهم. (أ ب)

ووفق تقديرات سليم فهناك حوالي 55 جثة لا تزال في عداد المفقودين من بنغلاديش ومصر والمغرب ودول أفريقية أخرى.

ووصفت المنظمة الدولية للهجرة هذه الحادثة بأنها الأكثر مأساوية لغرق قارب مهاجرين منذ كانون الثاني/ يناير.

وقال أحد الناجين والعامل الزراعي البنغالي أحمد بلال: "سقطوا واحدا بعد الآخر وتواروا تحت الماء واحدا بعد الآخر".

وتظهر على أحمد (30 عاما) علامات الإنهاك بعد ستة أشهر من السفر. وبعد أن أمضى ثلاثة أشهر رهن الاحتجاز في ليبيا وثماني ساعات في مياه البحر المتوسط الشديدة البرودة حتى رصد مركب صيادين تونسي الغرقى الجمعة على بعد أكثر من 60 كلم قبالة ساحل مدينة صفاقس (وسط شرقي-حوالي 270 كلم جنوبي العاصمة).

وبينما أحمد، لكن الحظ لم يسعف ابن عمه وصهره (22 و26 عاما).

وعلّق أحمد الذي تم إيواؤه مع الناجين وعددهم 16، في مبيت طوارىء تابع للهلال الأحمر التونسي في مدينة جرجيس "لا يمكنني حبس دموعي".

(أ ب)

ومسقط رأس أحمد هي منطقة سيلهات في شمال شرق بنغلادش وهو أب لطفلين، ومن هذه القرية انطلق مع أربعة رجال آخرين قبل ستة أشهر.

وقال "باع أهلي أرضنا التي كنا نجني منها الأرز مرة في السنة. كانوا يأملون أن نصبح مثل باقي الأسر التي لديها أقارب في أوروبا"، إذ وعدهم الوسيط في بنغلادش بحياة أسهل، وبالوصول الى أوروبا مقابل نحو سبعة آلاف دولار.

وأضاف أحمد بمرارة "الناس هناك يسمونه ’غودلاك’ وقال إننا سنحصل على حياة أفضل وصدقناه. في الواقع بت الآن على يقين أن معظم الناس الذين يرسلهم يموتون في الطريق"، وقال "لا أعرفه (الوسيط) إلا عبر الهاتف لكني رأيت شقيقه في ليبيا".

وقد استقل أحمد ورفاقه الطائرة من دكا إلى دبي ثم إسطنبول ثم طرابلس، ووجدوا أنفسهم مع مجموعة من 80 بنغاليا حيث احتجزوا لثلاثة أشهر في قاعة في الغرب الليبي.

وأضاف بحرقة "اعتقدت أني سأموت في ليبيا حيث كنا نحصل على الغذاء مرة واحدة في اليوم وأحيانا أقل من ذلك، كان هناك مرحاض واحد للجميع، ولم يكن بإمكاننا الاغتسال، فقط ننظف أسناننا. كنا نبكي ونطالب طول الوقت بالغذاء".

واقتاد مهربون المجموعة بمركب إلى زورق مطاطي كدسوا فيه المهاجرين باتجاه إيطاليا، مساء الخميس الفائت.

وقد كان على متن الزورق 75 إلى 80 مهاجرا بحسب أحمد، وربما 90 بحسب ناج مصري.

وقال الناجي المصري منصور محمد متولي (21 عاما) "بدأ الزورق يغرق على الفور تقريبا حوالي منتصف الليل، وسبحنا طوال الليل".

(أ ب)

وأضاف أحمد "ماتوا واحدا بعد الاخر وفي كل دقيقة نفقد أحدهم، رأيت أقاربي يموتون أمام عيني".

وقال "أنا نفسي كنت على وشك الانهيار لكن الله أرسل صيادين لإنقاذنا، ولو وصلوا بعد عشر دقائق، لكنت انهرت" مثل باقي الغرقى.

وأوضح الناجي سليم رئيس الهلال الأحمر بولاية مدنين (جنوب شرق) أنه "لو لم يرهم الصيادون التونسيون ما كنا على الأرجح لنعلم بحادث الغرق" هذا.

وقد وقعت الكارثة في وقت انسحبت فيه سفن العملية الأوروبية ضد المهربين من شرق المتوسط، وفي الوقت الذي تجد فيه سفن المنظمات الإنسانية صعوبات لبلوغ المنطقة.

أما الخيارات المتاحة أمام الناجين فهي ليست كثيرة، وأمامهم 60 يوما ليقرروا إذا كانوا يرغبون في العودة إلى بلدانهم، أو طلب اللجوء عبر مفوضية اللاجئين أو البقاء بوسائلهم الخاصة في تونس. ولا تملك تونس التي تعاني صعوبات اقتصادية واجتماعية كبيرة ومشاكل في خدمات الصحة والتربية ونسبة بطالة عالية، قانونا حول اللجوء.

وختم أحمد "خسرنا الكثير، ما عدت أملك شيئا، لا زلنا نأمل في الوصول إلى أوروبا لكسب ما يكفي من المال والعودة إلى الديار. لكن لن أركب البحر بعد اليوم".

التعليقات