الانتخابات تونسية: ممارسة ديمقراطية ورفض للتزوير

يتجه الناخبون التونسيون بعد غد، الأحد، نحو صناديق الاقتراع، لاختيار رئيس جديد للبلاد، في اقتراع ديمقراطي يعتبر الثاني من نوعه في تاريخ تونس منذ الاستقلال، بعد عقود من التزوير والتضليل.

الانتخابات تونسية: ممارسة ديمقراطية ورفض للتزوير

(أ ب)

يتجه الناخبون التونسيون بعد غد، الأحد، نحو صناديق الاقتراع، لاختيار رئيس جديد للبلاد، في اقتراع ديمقراطي يعتبر الثاني من نوعه في تاريخ تونس منذ الاستقلال، بعد عقود من التزوير والتضليل.

فيما انطلق الاقتراع بالنسبة إلى التونسيين المقيمين بالخارج، بدءا من صباح اليوم، الجمعة، ويتواصل حتى الأحد، لاختيار خليفة للرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي.

وتعد هذه الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في تونس، منذ استقلال البلاد عن فرنسا (1956)، مرورا بعهدي الرئيسين الأسبق الحبيب بورقيبة (حكم من 1957-1987)، والمخلوع زين العابدين بن علي (1987-2011)، وصولا إلى فترة ما بعد الثورة (2011-2019).

ورئاسيات 2019، هي ثاني انتخابات رئاسية حرة وشفافة إبان الثورة التونسية.

وكان مخططا إجراؤها في 17 و24 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لكن بعد وفاة السبسي، في 25  تموز/ يوليو الماضي، قُدم موعدها إلى 15 أيلول/ سبتمبر، من أجل ضمان تولي رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما، وفقا للدستور.

من بورقيبة إلى بن علي.. 9 انتخابات مزورة

انتظمت في عهد بورقيبة، 4 انتخابات رئاسية، و5 في عهد بن علي.

ففي 8 نوفمبر 1959، نُظمت أول انتخابات رئاسية، فاز فيها بورقيبة الذي كان المرشح الوحيد، بنسبة 100 بالمئة، بعد أول ولاية له حتى هذه الانتخابات، إذ تم تعيينه قبل ذلك رئيسا للبلاد بعد انتخابه من قبل المجلس القومي التأسيسي (البرلمان) بطريقة غير مباشرة عام 1957.

تلتها 3 محطات انتخابية رئاسية، سنوات 1964 و1969 و1974، فاز فيها بورقيبة، الذي كان المرشح الوحيد أيضا، وفاز في جميعها بنسبة تصويت بلغت 100 بالمئة.

واعتبرت هذه الانتخابات مزورة ومزيفة.

كما اعترف الرئيس الراحل السبسي بتزوير الانتخابات عام 1981، عندما كان عضوا في الحكومة خلال عهد بورقيبة.

وعلى منوال بورقيبة، نسج بن علي الذي عُين رئيسا للوزراء في 1987، ثم تولى رئاسة البلاد بعدها في نوفمبر 1987، عبر انقلاب غير دموي، معلنا عجز بورقيبة عن تولي الرئاسة.

وأعيد انتخاب بن علي، بأغلبية ساحقة في كل الانتخابات الرئاسية التي أجريت سنوات 1989 و1994 و1999، وآخرها كان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2009.

انتخابات تباينت المواقف حول نتائجها بين السلطة التي وصفتها بالشفافة والديمقراطية، والمعارضة التي وصفتها بالمهزلة، في حين شككت منظمات دولية في نزاهتها.

أول اقتراع ديمقراطي

في 23 نوفمبر 2014، جرت عاشر انتخابات رئاسية، وأولها ديمقراطية، فاز فيها السبسي بدورة انتخابية ثانية نافسه فيها الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي (ديسمبر 2011-ديسمبر 2014).

سادس الرؤساء

والأحد، تفتح مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين، الساعة الثامنة صباحا، إلى حدود السابعة مساء من اليوم نفسه بالتوقيت المحلي، لانتخاب رئيس جديد سيكون السادس للبلاد.

فيما تُفتح مراكز الاقتراع للناخبين المقيمين خارج البلاد، ابتداء من الجمعة وإلى غاية الأحد، ويغلق آخر مركز أبوابه في مونتريال بكندا، في ساعة متأخرة من مساء الأحد.

ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، 7 ملايين و155 ألفا، مسجلين في كشوف هيئة الانتخابات.

العملية الانتخابية ستتم في 13 ألف مكتب اقتراع، موزعة على 4567 مركز تصويت، في 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها.

26 مرشحا على خط السباق

يتنافس على كرسي الرئاسة 26 مترشحا من مختلف التيارات السياسية، بينهم مستقلون، وهم: منجي الرحوي (حزب الجبهة الشعبية)، ومحمد عبّو (التيار الديمقراطي)، وعبير موسي (الحزب الدستوري الحر)، ونبيل القروي (حزب قلب تونس).

ويتنافس أيضا لطفي المرايحي (الاتحاد الشعبي الديمقراطي)، ومهدي جمعة (البديل التونسي)، وحمّادي الجبالي (مستقل)، وحمّة الهمامي (الجبهة)، والمنصف المرزوقي (حزب الحراك)، وعبد الكريم الزبيدي (مستقل)، ومحسن مرزوق (حزب مشروع تونس)، ومحمد الصغير النوري (مستقل)، ومحمد الهاشمي الحامدي (تيار المحبة).

أيضا عبد الفتاح مورو (حركة النهضة)، وعمر منصور (مستقل)، ويوسف الشاهد (حزب تحيا تونس)، وقيس سعيّد (مستقل)، وإلياس الفخفاخ (حزب التكتل من أجل العمل والحريات)، وسليم الرياحي (حركة الوطن الجديد)، وسلمى اللومي (حزب الأمل)، وسعيد العايدي (حزب بني وطني)، والصافي سعيد (مستقل)، وناجي جلّول (مستقل)، وحاتم بولبيار (مستقل)، وعبيد البريكي (حركة تونس إلى الأمام)، وسيف الدين مخلوف (ائتلاف الكرامة).

نظام الاقتراع.. وجولة الإعادة

وفق المادتين 111 و112 من القانون الانتخابي، يُنتخب رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأصوات المصرّح بها (50 بالمائة + واحد من الأصوات).

وفي صورة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرّح بها في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية خلال الأسبوعين التاليين لإعلان النتائج النهائية للجولة الأولى، يتقدم إليها المرشحان الحائزان أكثر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.

ويتم التصريح في الجولة الثانية بفوز المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات.

وفي صورة تساوي عدد الأصوات بين عدد من المرشحين، يتم تقديم المرشح الأكبر سنا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الجولة الثانية.

وقررت هيئة الانتخابات، أن يكون موعد إعلان النتائج الأولية للجولة الأولى في 17 أيلول/ سبتمبر الجاري، على ألا يتجاوز موعد إجراء الجولة الثانية، إن وُجدت، 3 تشرين الثاني المقبل.

ويمكن الطعن أمام الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية في النتائج الأولية للانتخابات، في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ تعليقها بمقرات الهيئة، بحسب البند 145 من القانون الانتخابي.

وتصرّح هيئة الانتخابات بالنتائج النهائية، خلال 48 ساعة من حصولها على آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية، في خصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية للانتخابات، أو بعد انقضاء أجل الطعن، وذلك بقرار يُنشر بالموقع الإلكتروني للهيئة وبالمجلة الرسمية.

هيئة دستورية مستقلة

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (دستورية)، هي المشرف رسميا على الانتخابات، ويتكون مجلسها المركزي من 9 أعضاء.

وتتفرع عن الهيئة المركزية، 27 هيئة داخل تونس، و6 في الخارج جرى تشكيلها بمناسبة الانتخابات.

ويشرف على العملية التنظيمية واللوجستية وكل ما يتعلق بحسن سير العملية الانتخابية، أكثر من 52 ألف شخص بين مجالس الهيئات الفرعية، ورؤساء مراكز الاقتراع ومساعديهم.

مراقبون محليون وعرب وأجانب

أكثر من 4500 ملاحظ ينتمون إلى عدد من المنظمات وجمعيات المجتمع المدني المحلية، حصلوا على بطاقات الاعتماد من هيئة الانتخابات، سيراقبون عملية الاقتراع، إضافة إلى 300 ملاحظ أجنبي.

كما يلعب الجيش دورا فاعلا في تأمين خزن ونقل مستلزمات العملية الانتخابية (الصناديق، أوراق التصويت، الحبر الانتخابي..) إلى مراكز الاقتراع، بطريقة مؤمّنة.

بدوره، أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة مكونة من 56 محللا وملاحظا، سيتوزعون على مختلف أنحاء البلاد، لتغطية أيام الاقتراع.

كما أعلنت جامعة الدول العربية، مشاركة بعثة تابعة لها في مراقبة الانتخابات الرئاسية.

ويترأس البعثة العربية السفير خليل إبراهيم الذوادي، الأمين العام المساعد بالجامعة، رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي.

وتقرر نشر أعضاء هذه البعثة المنتمين إلى مختلف الجنسيات العربية، باستثناء الجنسية التونسية، في عدد من محافظات البلاد، خلال عملية التصويت.

 

التعليقات