تونس... سعيّد نحو "حكم فرديّ"

يسعى الرئيس التونسيّ، قيس سعيّد الذي عزّز صلاحياته أمس الأربعاء، بموجب قرار رئاسي، إلى إرساء نظام سياسيّ جديد، وفق ما يرى خبراء، ما يثير قلقا لدى التونسيين ومجتمعهم المدنيّ.

تونس... سعيّد نحو

محتجون تونسيون ضد سعيّد (أ ب)

يسعى الرئيس التونسيّ، قيس سعيّد الذي عزّز صلاحياته أمس الأربعاء، بموجب قرار رئاسي، إلى إرساء نظام سياسيّ جديد، وفق ما يرى خبراء، ما يثير قلقا لدى التونسيين ومجتمعهم المدنيّ.

وبموجب هذه الصلاحيات التي منحها سعيّد لنفسه، سيصدِر التشريعات في أوامر رئاسية، الأمر الذي كان من صلاحيات البرلمان، المجمّدة أعماله منذ 25 تموز/ يوليو الماضي.

ونشرت الإجراءات الجديدة أمس الأربعاء في الجريدة الرسمية، وهي "تدابير استثنائية" لتنظيم السلطتين التنفيذية والتشريعية وتتألف من 23 فصلا.

وجاء فيها أنه "يتمّ إصدار القوانين ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية". كما ورد في فصل آخر "يمارس الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة" و"تتكوّن الحكومة من رئيس ووزراء وكتّاب دولة يعيّنهم رئيس الجمهورية".

الرئيس التونسيّ، سعيّد (أ ب)

والسلطة التنفيذية، بموجب دستور 2014، في يد الحكومة التي تكون مسؤولة أمام البرلمان، لكنّها، بموجب التدابير، ستكون مسؤولة أمام رئيس الجمهورية مستقبلا.

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن أستاذ القانون الدستوري، شفيق صرصار، القول، إن ما قام به سعيّد "أقرب إلى تنظيم موقت للسلط وهذا يعني الاستعداد للانتقال إلى دستور أو نظام دستوري آخر".

وأضاف صرصار: "لم يعد هناك رئيس حكومة. أصبح هناك رئيس وزراء وتمّ إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وهذا ليس استثناء".

ويؤكد صرصار أنه "أصبح هناك دستور صغير"، معتبرا أنه "تقريبا حلّ للبرلمان مع تأجيل التنفيذ ولم يتم استعمال كلمة حلّ".

ويقدّر الباحث في العلوم السياسية، فينسون جيسير "أن الأمر الرئاسي يشرّع للنظام الرئاسي والحكم الفردي الذي انخرطت فيه تونس منذ تاريخ 25 تمّوز/يوليو (وهو التاريخ الذي حلّ فيه سعيّد البرلمان)".

كما يرى الباحث الفرنسي أن التدابير التي تم إقرارها "تهمّش البرلمان والأحزاب السياسية والسلطة التنفيذية مسندة حصرا للرئيس ولحكومة في خدمة الرئيس".

"انقلاب سافر على دستور 2014" (أ ب)

بينما يعتبر المحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي أن سعيّد "هو أكثر رجل واضح في أهدافه". وقال للوكالة: "جاء لتغيير ليس فقط النظام الرئاسي، وإنما أيضا طبيعة العلاقات بين رأس السلطة وعامة الشعب". وتمثل الأحزاب والمنظمات "عنصرا معرقلا" لمشروع سعيّد، بحسب ما يزعم.

ويمنح دستور 2014 الذي تم إقراره إثر ثورة 2011 صلاحيات أكثر للبرلمان على حساب باقي السلطات. واعتبر الجورشي أنه "لا شكّ أن هناك العديد من الإخلالات داخل دستور 2014، خصوصا في ما يتعلّق بالنظام البرلماني"، لكن "كان بإمكان رئيس الجمهورية توفير أرضية لتعديل الدستور وإشراك المجتمع المدني والأحزاب"، لكي "لا يصبح منصب رئيس الجمهورية المنصب الذي تدور حوله الدولة".

وعُنونت التدابير "بالاستثنائية" وأدخلت تغييرات على بابين هامين في الدستور، هما السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، كما نصّت على إنشاء لجنة للنظر في مشاريع التعديلات القانونية بإشراف سعيّد.

واعتبر سعيّد منتصف الشهر الجاري، أنّ "الشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولا بدّ من إدخال تعديلات في إطار الدستور". ويقول الجورشي في هذا السياق إن "جزءا هاما من مشروع سعيّد بدأ يتبلور أكثر فأكثر وهو التوجه نحو نظام رئاسي"، بينما يؤكد جيسير أن التدابير "تبسط الطريق لنظام سياسي جديد".

وردا على القرارات، قال القيادي وعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، محمد القوماني، أمس الأربعاء: "وضع الرئيس في الحقيقة تنظيما مؤقتا للسلطات، هو عبارة عن دستور جديد وصغير، وبذلك ينتقل الرئيس من شبهة الانقلاب والخلاف حول خرق الدستور يوم 25 تمّوز/ يوليو، إلى الانقلاب السافر على دستور 2014".

وأكد القوماني للوكالة، رفض حزبه القرارات الرئاسية، لأنّ سعيّد "يضع نفسه في موضع الحكم الفردي المطلق ويدفع بتونس إلى منطقة المخاطر العالية".

التعليقات