مسؤول في الاستخبارات الأمريكية: إسرائيل هي الخاسر الاستراتيجي للحرب على العراق..

"إذا كانت إيران و"القاعدة" أكبر المنتصرين في الحرب في العراق، فإن ذلك يعني أن إسرائيل هي الخاسرة الإستراتيجية للحرب" * "هجوم عسكري على إيران سيحمل نتائج كارثية على الجيش الأمريكي"..

مسؤول في الاستخبارات الأمريكية: إسرائيل هي الخاسر الاستراتيجي للحرب على العراق..
في مقابلة خاصة مع "يديعوت أحرونوت" قال بروس رايدل، وهو أحد كبار المسؤولين في وكالة التجسس الأمريكية، إن الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، لم يحسن الوضع الأمني لإسرائيل، بل جعل منها الخاسر الاستراتيجي للحرب.

ورايدل، الذي كان أحد كبار المستشارين لشؤون الشرق الأوسط للرئيسين الأمريكيين، بيل كلينتون وجورج بوش، قال في مقابلة خاصة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الفشل الأمريكي في العراق لم يمس فقط بقدرة الردع والرد للدولة الأعظم في العالم، وإنما أدخل الكونغرس والجمهور الأمريكي إلى ما أسماه "الأعراض المرضية لفيتنام"، والتي لن تتيح للرئيس، وأي رئيس آخر، منع إيران بشكل مطلق من مواصلة تطوير برنامجها النووي.

وقال: "سيكون من الصعب جداً منع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وربما تكون الإستراتيجية التي تتبعها الإدارة الحالية في عزل إيران دبلوماسياً واقتصادياً، وزيادة الضغط من أجل فرض المزيد من العقوبات من قبل مجلس الأمن، الاحتمال الوحيد لإقناعها بوقف برنامجها، ولكن لن يدفعها إلى التنازل بشكل مطلق عن تطوير أسلحة نووية".

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن النتيجة التي تستخلص من أقوال رايدل مؤلمة ومقلقة. فثمن الفشل في العراق سوف تدفعه إسرائيل في إيران. وقال " صحيح أن السياسيين لدينا يقولون بأنهم لن يسمحوا لإيران بالتحول إلى دولة نووية، إلا أنه من الصعب التصديق أن الكونغرس، الذي صادق على العمل العسكري ضد العراق، سوف يصادق في المستقبل المنظور على عملية عسكرية ضد إيران بدون أي استفزاز إيراني واضح. فالإدارة غير أمينة، ولن يسمح الكونغرس ببدء حرب جديدة على أساس معلومات استخبارية من النوع الذي عرض قبل الحرب على العراق".

وفي المقابل، وبينما يطرح عدم إمكانية أن تقوم الولايات المتحدة بشن هجوم على إيران، لدفعها إلى التخلي عن برنامجها النووي، إلا أنه يشير إلى أنه بإمكان إسرائيل القيام بذلك. وفي الوقت نفسه يشير إلى أن ذلك سوف يدفع إيران إلى التجند الشامل لبناء قدرات نووية. كما يشير إلى استحالة إسقاط النظام الإيراني، وأن أي هجوم على إيران من شأنه أن يوحد الإيرانيين خلف القيادة الإيرانية.

كما نقل عنه قوله إنه إذا كانت إيران و"القاعدة" أكبر المنتصرين في الحرب في العراق، فإن ذلك يعني أن إسرائيل هي الخاسرة الإستراتيجية للحرب. وربما تكون إسرائيل في وضع أفضل فقط بمفهوم واحد وهو أن العراق، أحد الدول العربية القوية، لم تعد قائمة. فمن الناحية النظرية يمكن القول إن انحلال العراق كدولة يعمل لصالح إسرائيل، ولكن هذه العملية لا تحصل بطريقة تكون لصالح إسرائيل. فرؤية الولايات المتحدة تتلقى الضربات في الحرب الباردة، ورؤية مصداقيتها تهتز في المنطقة، ورؤيتها مضطرة للبحث عن طريق للخروج من المستنقع، لا يعمل لصالح المصلحة الإسرائيلية القومية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ أن استقال رايدل، قبل نصف سنة، من وكالة التجسس الأمريكية، يشغل منصب مسؤول كبير في معهد "بروكينغز" التابع لـ"مركز سابان" للشرق الأوسط في واشنطن. وفي السنوات 1997-2003 أشغل منصب رئيس مكتب الشرق الأوسط في المجلس للأمن القومي. كما عمل إلى جانب الرئيس الأمريكي السابق، بيل كيلنتون، خلال محادثات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. وكان المسؤول عن بلورة التحالف الاستراتيجي، الذي يشمل مظلة نووية أمريكية لإسرائيل، مقابل اتفاق كامب ديفيد في العام 2000.
وقد عمل رايدل مع الرئيس الحالي بوش لمدة سنة. وهو يصفه بأنه "رجل عنيد جداً". ويؤكد أن بوش يعتقد أنه على صواب. وأنه من المحتمل أن يضطر وريث بوش في البيت الأبيض أن يتخذ القرار الصعب بالانسحاب من العراق. ويتابع أنه لا يوجد خيارات جيدة في العراق. فكل الخيارات سيئة. "لقد اتخذ الجمهور الأمريكي القرار، فالغالبية التي تصل إلى 65-70% تعتقد أن الحرب على العراق كان خطأ. ويعتقد أن الجمهور أنه تم خداعه بالدخول، وعليه فهو يطالب بالخروج في أسرع وقت. وبحسب رايدل "في السطر الأخير نحن نغادر العراق، سواء في العام 2008 أم في العام 2009، وكما يبدو سنخلف وراءنا حرباً أهلية ستصبح أخطر بكثير مما هي عليه الآن".

وبحسبه، فهو يعرف القيادة الحالية للعراق جيداً. وهي ليست على استعداد لتقبل تسوية يحتاجها العراق. ويضيف أنه يعتقد أن المستقبل القريب يشير إلى نهاية العراق كدولة.

ورداً على سؤال إذا ما كانت الولايات المتحدة ستبقي قوات في العراق لحماية النفط ومواصلة الحرب على "الإرهاب"، أجاب رايدل بالنفي، وقال إن الخروج سيكون مطلقاً.

وبحسب الصحيفة، لا يستخف رايدل بإسقاط نظام صدام حسين، فهو يدعي أنه مدرك للأضرار التي تسبب بها الغزو الأمريكي للعراق. فقد تعززت شبكة "القاعدة"، وحصلت إيران على 5 سنوات كافية لتطوير أسلحتها النووية بدون مضايقات، وفقد الجمهور الأمريكي ثقته بالرئيس والكونغرس والاستخبارات، وبالطبع لن يوافق على عملية عسكرية ضد إيران.

ورغم كونه كرس طيلة حياته لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، إلا أنه يقول من الصعب في هذه المرحلة قياس التأثير بعيد المدى في الولايات المتحدة والخارج للفضيحة الإستخبارية في العراق. وبكلمات أخرى لم يعد أحد يصدق الاستخبارات.

ويضيف أنه يمكن أن تقوم الولايات المتحدة بالهجوم على إيران، فقط في أعقاب استفزاز إيراني، مثل الهجوم على منشآت أمريكية أو قوات أمريكية. وحتى لو أدرك الرئيس القادم للولايات المتحدة بأن إيران على وشك إنتاج أسلحة نووية، فسيكون من الصعب إقناع الجمهور الأمريكي. وأنه يجب أن يكون هناك فهم دقيق للأهداف من أجل إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء، إلا أنه لا يوجد معلومات استخبارية دقيقة لهذا الهدف، وهي غير موجودة لدى إسرائيل أيضا.

وفي المقابل يشير إلى أن تنفيذ هجوم عسكري على إيران سيحمل نتائج كارثية على الجيش الأمريكي الذي لن يستطيع بذل طاقة أكبر. والأمر نفسه بالنسبة للاستخبارات الأمريكية، فالقرار الذي اتخذ في العام 2003 بتحويل كافة الموارد الإستخبارية من أفغانستان إلى العراق كان له تأثير كبير على المقدرة في الوصول إلى القيادة العليا لتنظيم "القاعدة". فهناك عدد كبير من العناصر الإستخبارية المدربة والتي كان من الممكن استخدامها في الوصول إلى أسامة بن لادن، جرى وضعها في العراق وراء أبو مصعب الزرقاوي.
ورداً على سؤال حول إذا ما كانت إسرائيل قد خسرت قدرة الردع مقابل إيران، أجاب إن الردع النووي ضد إيران يسري عليها مثلما يسري على الدول الأخرى. فالتجربة مع إيران تشير إلى أنه منذ سنوات الثمانينيات يمكن ردع الإيرانيين من تنفيذ عمليات عن طريق التهديد بعمليات مضادة. لا يوجد شكوك بشأن القدرات النووية لإسرائيل، والإيرانيون ليسوا أغبياء، فلديهم من درس الموضوع بشكل جيد، وهم يدركون قدرات إسرائيل.

ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن يوجد لدى إسرائيل القدرة على ضرب طهران، أجاب بأن لديها أكثر من ذلك، والإيرانيون يعرفون ذلك. وتابع رايدل أنه عندما يتحدث إيرانيون عن مقدرة إسرائيل في توجيه ضربة واحدة فقط، فإن ذلك لا يعكس فهمهم لمدى قدرات إسرائيل. فإسرائيل تستطيع أن تهاجم إيران بالصواريخ من طائرات "أف-15-إي".

وفي إجابته على السؤال حول إذا ما كان هذا الوصف يعني في نهاية الأمر أن إسرائيل هي التي ستهاجم إيران، قال إن هذا ما يقلق الشرق الأوسط وأوروبا. وأنه قد سمع من سياسيين وقادة في الجيش في إسرائيل بأنهم يحتفظون بهذه الإمكانية كخيار ممكن. وهذا بالطبع ممكن، على حد قوله.

أما بالنسبة للنتيجة، فقال " من الممكن القول بثقة كاملة أن هذه المحاولة قد تمنع إيران من التسلح النووي على المدى القصير، ولكنها ستؤدي بإيران إلى اتخاذ قرار ببذل الجهود الشاملة للحصول على أسلحة نووية، مثلما رد صدام حسين بعد قصف المفاعل النووي العراقي.

ولدى سؤاله عما إذا كان الهجوم على مركز قوة النظام الحالي سيؤدي إلى إسقاطه، أجاب أن الهجوم الجوي لا يسقط أنظمة، وإنما يتطلب إسقاطها قوات برية على الأرض، وهذا ما لن تفعله الولايات المتحدة، ولا إسرائيل. وفي حال كان الهدف من القصف تغيير النظام، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية ويوحد الإيرانيين خلف القيادة الإيرانية.
ورداً على سؤال حول احتمالات إسقاط النظام الإيراني، قال إن ذلك لا يبدو في الأفق.

التعليقات