هل تتعاون شركات الهايتك في الولايات المتحدة مع الموساد؟

كتاب يشير إلى أن شركات الهواتف والاتصالات الكبرى في الولايات المتحدة تعمل بتكنولوجيا وبرامج شركات إسرائيلية يديرها خريجو الاستخبارات العسكرية والموساد والشاباك..

هل تتعاون شركات الهايتك في الولايات المتحدة مع الموساد؟
تناولت صحيفة "هآرتس" الكتاب الذي صدر مؤخرا للصحافي الأمريكي جيمس بامفورد ( The Shadow Factory ) والذي يتحدث فيه عن دور شركات إسرائيلية في تزويد شبكات الاتصالات والهواتف الكبرى -التي لها علاقة بلأجهزة الاستخبارية الأمريكية- بالبرامج والتكنولوجيا والمعلومات، مشيرا إلى أن هذه الشركات يديرها في الغالب عناصر من خريجي الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ما يعني في نهاية المطاف أن الشركات الإسرائيلية تمسك بمفاتيح الأسرار الأمريكية.

وبحسب الصحيفة فإنه في العام 2006، سعت شركة "تشيك بوينت"، المختصة بحماية وأمن أنظمة الحواسيب من الاقتحامات وسرقة المعلومات، إلى امتلاك شركة "سورسفير" المختصة في المجال نفسه. بيد أن الأخيرة كان من بين زبائنها وزارة الدفاع الأمريكية و"الوكالة للأمن القومي". إلا أن الإدارة الأمريكية، وبواسطة اللجنة المختصة بالاستثمارات الأجنبية، لم تصادق على ذلك. واستندت اللجنة في قرارها على تقرير لـ "أف بي آي" وضباط الوكالة للأمن القومي. حيث خشي الطرفان من إمكانية أن تتمتع شركة "تشيك بوينت"، التي أسسها غيل شفيد وزملاؤه خريجو وحدة التصنت 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بإمكانية الوصول إلى معلومات سرية للغاية، ونقلها إلى الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية.

أما اليوم، فإن هذه المخاوف من الوصول إلى المعلومات السرية ليست نابعة من "تشيك بوينت" فقط، وإنما تجاه شركات "هايتك" إسرائيلية أخرى، مثل "فرنيت" و"كومبارس" و"نايس" و"بارسي" التي تعمل في مجالات على تماس مع تطوير برامج التصنت على أجهزة الهاتف والفاكس والبريد الألكتروني والاتصالات عن طريق الحاسوب.

وفي هذا المجال كتب الصحافي جيمس بامفورد، في كتابه الجديد الذي صدر في الولايات المتحدة خلال هذا الأسبوع بعنوان " The Shadow Factory ".


تجدر الإشارة إلى أن بامفورد كتب لمدة تزيد عن 30 عاما عن الوكالة للأمن القومي، وهي أهم وكالة استخبارات في الولايات المتحدة، وتعمل في ظل الوكالة المركزية للاستخبارات (سي آي إيه). والوكالة للأمن القومي مسؤولة عن التصنت على الهواتف والفاكس والحاسوب، واعتراض إرسال والتقاط إشارات الكترومغناطيسية من الرادارات والطائرات والسفن والغواصات، وتحليل الإرسال، وفك مشفرات وتحليلها. ولها دور كبير في جمع المعلومات الاستخبارية في الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق تشير "هآرتس" إلى أن الوضع في الولايات المتحدة أكثر ما يذكر بإسرائيل، حيث أنه ينسب للموساد النجاحات، في حين أنه في مرات كثيرة يجب أن تكون من صالح الوحدات الأخرى في الأجهزة الاستخبارية، وعلى رأسها الوحدة 8200، الموازية للوكالة للأمن القومي في الولايات المتحدة.

يعد هذا الكتاب الثالث لـ بامفورد والذي يسلط الضوء على متاهات الوكالة للأمن القومي. وكانت الوكالة قد هددت في العام 1982 بتقديمه للمحاكمة بتهمة كشف أسرار الوكالة في كتابه الأول الذي يدعى "قصر المتاهات". وفي كتابه الثاني "هيئة الأسرار" يصف الوكالة للأمن القومي بشكل إيجابي جدا، الأمر الذي جعل منه بطل الوكالة اليوم، لدرجة أن الوكالة قامت بتنظيم حفلة على شرفة في مقرها في "فورت ميد" في ميريلاند. إلا أن كتابه الذي يصدر اليوم والذي يفضح الوكالة سوف يعيده إلى النقطة التي بدأ منها.

تقوم وجهة نظر بامفورد على أنه قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، فشلت الوكالة، مثل باقي أجهزة الاستخبارات، في فهم تهديدات "القاعدة" بالرغم من نجاحها في اعتراض مكالمات هاتفية ورسائل عبر الانترنت لناشطي "القاعدة"، وبضمن ذلك مكالمة عبر فيها أسامة بن لادن عن كرهه لأرئيل شارون. وذلك بذريعة الحذر من خرق القانون واحترام خصوصية المواطنين، إلا أنه وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا تتردد الوكالة في خرق الدستور، والتصنت على مكالمات المواطنين الأمريكيين.

ومن بين النماذج التي يركز عليها الكتاب، والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، هي حقيقة تصنت الوكالة للأمن القومي على محادثات الصحافيين والضباط والموظفين العاملين مع جيش الاحتلال في العراق. هنا تجدر الإشارة إلى أن القانون يسمح للوكالة بالتصنت على المكالمات من خارج الولايات المتحدة، وليس ضد المواطنين الأمريكيين بدون قرار محكمة.

ويشير بامفورد في كتابه إلى حقيقة أخرى تتصل بإسرائيل، حيث أن شركات الهواتف والاتصالات الكبرى في الولايات المتحدة -ما عدا شركة QWEST- تعاونت مع الوكالة للأمن القومي، وسمحت لها بالارتباط بالخطوط والكوابل الخاصة بها. كما يتضح أن الشركات الإسرائيلية المشار إليها، وغيرها، هي المزود المهم للبرامج والتكنولوجيا والمعلومات، وليس فقط لشركات الاتصال، وإنما للوكالة للأمن القومي نفسها.

وبحسب ادعاء بامفورد فإن 80% من الاتصالات التي تتم بواسطة شبكات الهواتف الأمريكية تتم بواسطة التكنولوجيا والمعلومات التي تقدمها الشركات الإسرائيلية. ويضيف أن الأجهزة الاستخبارية الأمريكية تكون بذلك قد عرضت نفسها للخطر لأن الشركات الإسرائيلية تستطيع أن تسحب من حواسيبها أهم المعلومات السرية والحساسة.

لا يشير بامفورد إلى أية معلومات لتأكيد وجهة نظره هذه. إلا أنه يشير إلى علاقة ظرفية. فالشركات الإسرائيلية قد أقيمت من قبل خريجي الوحدة 8200، وهي على علاقة وثيقة بالأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، في حين يتولى مناصب المديرين أو مجالس الإدارة فيها كبار المسؤولين السابقين في الشاباك، مثل أريك نير المدير العام لشركة "أطلون غلوبال سيكيوريتي"، أو رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي عضو مجلس إدارة "اطلون".

وتشير صحيفة "هآرتس" إلى أن بامفورد لا يتميز بإعجابه بإسرائيل. وفي مقالاته يشاطر عددا من قيادات الأسطول الأمريكي الرأي في أن إسرائيل هاجمت سفينة "ليبرتي" الأمريكية بشكل متعمد في العام 1967 خلال الحرب. كما أنه يعتقد أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا تنبع من كراهية الإسلام الراديكالي للولايات المتحدة، وإنما بسبب دعم الأخيرة لإسرائيل.

كما تشير الصحيفة إلى أنه يلقب منفذي الهجمات بـ "الجنود"، ويصف المنفذين الـ19 بإعجاب كبير وكأنهم على شاكلة داوود، وحطموا فقط أربع طائرات على الـ"جوليات" الأمريكي.

ويدعي بامفورد أن التاريخ المشكلي لإسرائيل، والتي لم تتردد في السابق في التجسس على الولايات المتحدة، ما كان يجب أن يسمح بأن يتم تسليم الشركات الإسرائيلية مفاتيح مملكة الأسرار الأمريكية.

التعليقات