البريطانيون رفضوا موقف اسرائيل من عرفات واكدوا اصرارهم على العمل معه طالما كان الرئيس المنتخب

مصدر اسرائيلي رفيع يرافق شارون: بلير وسترو ابلغا شارون عدم اقتناعهما بموقفه من عرفات، ولم يتجاوبا مع مطالبه بتجميد ممتلكات حماس

 البريطانيون رفضوا موقف اسرائيل من عرفات واكدوا اصرارهم على العمل معه طالما كان الرئيس المنتخب
وتظاهر قرابة 200 شخص، امام منزل رئيس الحكومة البريطانية، توني بلير، في شارع داونينغ رقم 10، في العاصمة لندن، احتجاجاً على استقباله لرئيس الحكومة الاسرائيلية، اريئيل شارون، الذي سيجري محادثات مع بلير، حول مائدة العشاء.

ورفع المتظاهرون شعارات ضد العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ورددوا هتافات تطالب بتحرير فلسطين، وتصف شارون بالارهابي.

اعترف مصدر اسرائيلي رفيع، يرافق رئيس الحكومة الاسرائيلية أريئيل شارون، في زيارته إلى بريطانيا، بفشل الهدف الأساسي للزيارة، وهو اقناع بريطانيا بقطع العلاقات مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بادعاء انه يعمل على اضعاف رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس. وكرر رئيس الحكومة البريطاني، توني بلير، على مسامع نظيره الاسرائيلي، خلال وجبة العشاء التي اقامها على شرفه في مقر رئيس الوزراء في شارع داونينغ رقم 10، ما كان قد ابلغه وزير الخارجية، جاك سترو، لشارون، ظهر الاثنين، وهو ان بريطانيا غير مقتنعة بموقف اسرائيل، وستواصل العمل مع عرفات طالما كان هو الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني.

وحسب المصدر الاسرائيلي، "بذل البريطانيون كل جهد من اجل انجاح الزيارة، الا ان الهدف الرئيسي الذي حدده شارون، عشية الزيارة، لم يتحقق".

وادعى شارون، خلال لقاءاته مع المسؤولين البريطانيين انه "بات من الواضح للجميع، اليوم، ان عرفات هو العقبة الرئيسية أمام احراز اي تقدم بيننا (الاسرائيليين) وبين الفلسطينيين. فهو يتآمر على كل مبادرة يقوم بها أبو مازن ولا يسمح له بترسيخ قيادته للحكومة". وزعم شارون "ان كل لقاء يتم بين عرفات واحد القادة الاوروبيين أو رسلهم، يساهم في اضعاف أبو مازن".

وحسب المصدر الاسرائيلي، اعرب شارون عن تذمره ازاء طريقة اجراء الاصلاحات الامنية في السلطة الفلسطينية، متهما عرفات، مرة اخرى، بعرقلة ما يسميه شارون بـ "محاربة الارهاب" ، "كونه ما زال يسيطر على اقسام من القوات الامنية"، حسب شارون الذي دعا نظيره البريطاني الى ممارسة الضغط على رئيس الوزراء الفلسطيني، أبو مازن، في مسألة تفكيك "البنى التحتية لـلتنظيمات التي يعتبرها شارون "ارهابية". وقال انه "اذا لم يتم ذلك فان الامر سيشكل خطرا على وجود اسرائيل، لكنه سيشكل خطرا اكبر على السلطة الفلسطينية".

واعتبر شارون الهدنة المؤقتة التي اعلنتها التنظيمات الفلسطينية، بمثابة "فرصة يستغلها الفلسطينيون للتسلح وللاعداد لعمليات مستقبلية"، زاعما انه "لم يبدأ العمل الجدي ضد التنظيمات".

ودعا شارون نظيره البريطاني الى اصدار بيان رسمي ينزع فيه الشرعية عن حماس والجهاد الاسلامي والتنظيمات الاخرى، ويوضح "انه لا يمكن السماح بقيام هذه التنظيمات اذا اردنا التقدم في العملية السلمية".

وطالب شارون بتجميد املاك حماس في اوروبا ووقف النشاطات التي تحول الدعم المالي للتنظيم. لكنه وحسب المصدر الاسرائيلي، لم يتلق شارون ردا ايجابيا بشأن هذه المسألة، أيضاً.

وادعى شارون، ان الجدار الفاصل الذي تقيمه اسرائيل بينها وبين السلطة الفلسطينية، "ليس جدارا سياسيا وانما جدار أمني، ووسيلة اخرى لمنع تسلل الفدائيين الى اسرائيل". ورفض الحديث عن وقف العمل في الجدار.


وكان شارون قد استبق زيارته الى بريطانيا، بشن حملة تحريض واسعة على عرفات والاوروبيين الذين يدعمونه، داعياً، في تصريحات نشرتها صحيفة "ديلي تليجراف البريطانية" يوم السبت، الى مقاطعة الرئيس الفلسطيني وعزله بادعاء انه "يعرقل رئيس حكومته ابو مازن ويمنعه من التقدم نحو السلام"!

وزعم شارون انه مستعد لتقديم ما يسميه بـ"تنازلات مؤلمة" اذا ما نفذت الحكومة الفلسطينية الجديدة التزاماتها، مؤكدا ان هذه التنازلات لن تتضمن اي تنازلات أمنية، زاعما ان بناء الجدار الفاصل، المقام على اراضي الفلسطينيين يأتي بهدف الحفاظ على امن اسرائيل.

وقال: "أنا مستعد لتقديم "تنازلات مؤلمة" من اجل سلام حقيقي ودائم وفعلي. لقد تحدثت عن تقديم تنازلات في مهد الشعب اليهودي...ولكن عندما تتعلق المسألة بأمن مواطني اسرائيل لن تكون هناك اي تنازلات ليس الان ولا في المستقبل."

وأضاف شارون "بالنسبة لي السلام يعني الامن وحق الشعب اليهودي في الحياة في سلام...اسرائيل هي البلد الوحيد في العالم المستعد لتقديم "تنازلات" حتى بالرغم من انه لم ينهزم في اي حرب."

ويطالب شارون الحكومة الفلسطينية بشن حرب اهلية على التنظيمات المقاومة للاحتلال، زاعما انه "اذا لم تقض الحكومة الفلسطينية الجديدة على المنظمات" التي ينعتها بـ "الارهابية"، "واذا لم تجمع الاسلحة وتسلمها الى طرف ثالث لتدميرها واذا لم تتخذ اجراءات وقائية لازمة وتوقف التحريض فلن يحدث اي تقدم."

وفي سؤال حول الوقت الذي من المحتمل ان تتخذ فيه اسرائيل خطوات نحو قيام دولة فلسطينية أجاب شارون "كنت انا من اقترح الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تماما. انا اريد هذا وأمامي وقت لذلك.. ما زالت هناك اربع سنوات قبل الانتخابات القادمة.. سأبذل جهدا كبيرا لحل هذه المشكلة واحراز تقدم."

وحض شارون الدول الاوروبية على مقاطعة وعزل عرفات، قائلا "أعتقد ان من الخطأ الجسيم مواصلة الاتصال بعرفات لان عرفات يقوض حكومة مازن."

وتابع ان عرفات "يتلقى مكالمات هاتفية من زعماء أغلبها من اوروبا ويستقبل رسائل ووزراء خارجية واخرين... كل هذه الزيارات والمكالمات الهاتفية ترجيء الحل."

ومضى شارون يقول ان الحديث عن الحدود لم يحن وقته بعد لان هذا يعني الدخول في مرحلة المفاوضات. وقال ان الحدود النهائية ستعتمد على صورة العلاقة والمفاوضات التي ستجرى بين الجانبين.

واستطرد قائلا انه تكلم عن الدولة الفلسطينية دون ذكر الحدود "لان الحدود النهائية سيجري الاتفاق بشأنها في المرحلة الثالثة (من خطة السلام). ان الخطة توصف بأنها خطة تقوم على الاداء.. لابد من تنفيذ البنود كاملة. نحن لن ننتقل من مرحلة او مرحلة فرعية الى اخرى ما لم تنفذ المرحلة التي تسبقها كاملة."

كما أعلن شارون عن خطط تهدف الى جلب مليون يهودي اخرين الى اسرائيل خلال ما بين 10 الى 13 سنة قادمة.

وسئل رئيس الوزراء الاسرائيلي عن توتر العلاقة بين اسرائيل وبريطانيا نوعا ما بسبب حث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على ضرورة تنفيذ خارطة الطريق فقال "اعتقد ان رئيس الوزراء بلير صديق.. وصديق لاسرائيل...أنا اعتقد ان أوروبا وبريطانيا لابد ان تقوما بدور اكثر فاعلية في العملية السياسية. المشكلة التي نواجهها مع اوروبا هي ان موقفها غير متوازن."

وقالت مصادر اسرائيلية ان اسرائيل تأمل ان تساهم هذه الزيارة في تحسين العلاقات بين البلدين وتوثيقها.وقال مسؤول بريطاني، في ختام اجتماع وزير الخارجية جاك سترو، برئيس الحكومة الاسرائيلية، اريئيل شارون، بعد ظهر الاثنين، ان بريطانيا ستواصل اتصالاتها مع عرفات رغم تحفظات اسرائيل.

وأضاف هذا المسؤول في تصريحات ادلى بها لوكالة اسوشييتد برس: "أدرك ان شارون طرح مسألة الاتصالات مع عرفات وان وزير الخارجية البريطاني اوضح موقف حكومته القائل انه طالما كان عرفات هو الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية، فسنواصل الاتصالات معه، الا اذا قررنا بأنها غير مفيدة".

وكان التحريض على عرفات قد احتل مركز الصدارة في تصريحات ومحادثات شارون في العاصمة البريطانية، قبل وخلال الزيارة. وقد كرر شارون، خلال اجتماعه بوزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، توجيه الاتهامات لعرفات وتحميله مسؤولية تفجر الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، خلال العامين الاخيرين.

وحسب مصادر مطلعة، كان يسعى شارون من وراء هذا التحريض الى تهيئة الأجواء للقيام باجراءات جديدة ضد الرئيس عرفات، ذلك انه بدأ جولته في بريطانيا، وسط تهديدات باعتقال عرفات وطرده، ودعوة اوروبا الى مقاطعته، بزعم انه يعرقل العملية السلمية!

وقدرت الصحف البريطانية الصادرة ، امس الاثنين، ان بلير لن يرضخ للمطلب الإسرائيلي بقطع العلاقات مع الرئيس عرفات بل سيضغط على شارون للعمل على تفكيك المستوطنات ووقف بناء الجدار الفاصل والعمل على الافراج عن المزيد من الأسرى الفلسطيينين.

وكانت مصادر دبلوماسية اسرائيلية قد قالت، السبت، "ان اسرائيل قد تعمد الى طرد عرفات او اعتقاله اذا عرقل جهود رئيس وزرائه محمود عباس (ابو مازن) لتنفيذ خطة "خارطة الطريق" .

وقال مصدر "ابلغت اسرائيل واشنطن انه اذا واصل عرفات تقويض ابو مازن فسنعيد النظر في مكانه ووضعه... ونعني بالوضع هنا الحصانة."

وزعمت هذه المصادر ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يعمل على افشال وقف اطلاق النار وانه الوحيد الذي له مصلحة في افشال الهدنة.

التعليقات