بوش يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة سريعة بعد صدور تقرير ميليس

مصادر سورية مطلعة تؤكد وجود الكثير من القرائن والأدلة التي تدحض الاتهامات التي وجهها تقرير لجنة التحقيق الدولية وسيتم الكشف عنها في معرض الرد الذي ستقدمه دمشق

بوش يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة سريعة بعد صدور تقرير ميليس
وصف الرئيس الأميركي جورج بوش تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بأنه "مثير للقلق"، ودعا إلى عقد جلسة سريعة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التقرير!

وقال للصحفيين إنه طلب من وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس الدعوة إلى عقد هذه الجلسة.

وقالت رايس للصحفيين على هامش لقائها مع نظيرها البريطاني جاك سترو إن اجتماع مجلس الأمن يوم الثلاثاء القادم سيكون نقطة محورية لأي تحرك أميركي، مشيرة إلى أن مشاورات جارية مع الفرنسيين على مستويات معينة في ما يتعلق بالخطوات التالية الواجب اتباعها.

أما سترو فقد أكد في تصريحات إذاعية أن الجلسة المرتقبة قد تنظر في فرض عقوبات على سوريا.

من جهته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ترغب في "انتصار العدالة" في قضية التحقيق في اغتيال الحريري، مشددا على ضرورة تسوية هذه المشكلة على نحو لا يزعزع استقرار المنطقة.

وكانت قد ذكرت وسائل الإعلام الأميركية أن الولايات المتحدة وفرنسا تستعدان لاقتراح مشروع أو مشروعي قرار الأسبوع المقبل على مجلس الأمن "يدينان سوريا لتدخلاتها في لبنان". ويمكن أن يعرض النصان اللذان سيكونان -على ما يبدو- أشد ما اقترح ضد سوريا حتى الآن، بدءا من الثلاثاء المقبل.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن فرنسا كانت قد نفت أنها تستعد مع الولايات المتحدة لإعداد مشاريع تقارير تدين سورية قبل نشر تقرير لجنة التحقيق الدولية.

التحرك الأميركي تزامن مع جدل في أروقة الأمم المتحدة حول تقرير لجنة التحقيق الدولية بعدما قام رئيس اللجنة القاضي الألماني ديتليف ميليس بحذف أسماء بعض المسؤولين السوريين في النسخة النهائية للنص!

والنسخة التي تسلمتها البعثات الدبلوماسية في نيويورك بالبريد الإلكتروني وقام بعضها بنقلها إلى الصحفيين تتضمن أسماء مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد أثيرت حولهم شبهات في إفادة شاهد استمعت إليه لجنة التحقيق!

ونقل التقرير عن هذا الشاهد أنه "بعد نحو أسبوعين من تبني مجلس الأمن الدولي القرار 1559 قرر ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وآصف شوكت صهر الرئيس السوري ورئيس شعبة المخابرات العسكرية السورية وحسن خليل وبهجت سليمان وجميل السيد وهم مسؤولون لبنانيون وسوريون كبار، اغتيال رفيق الحريري". وحذفت الأسماء التي ذكرها هذا الشاهد من النسخة "الرسمية" للتقرير الصادرة عن الجهاز الإعلامي للأمم المتحدة.

وقال ميليس إنه قرر حذف أسماء بعض المسؤولين السوريين المشتبه في تورطهم من التقرير النهائي على افتراض البراءة ومن أجل عدم إعطاء الانطباع بأن هذه الادعاءات هي "وقائع ثابتة".

وقد إعتذر فيه ميليس أثناء مؤتمر صحفي عقده في نيويورك عن وجود "عدة نسخ" عن تقريره ولتوزيع نسخة أولية تتضمن الأسماء قبل حذفها على الصحفيين.

وفي حين لم يستبعد مراقبون أن يكون هذا "الخطأ" متعمداً، إدعى الجهاز الإعلامي الأممي أن "خطأ معلوماتيا" أدى إلى إرسال نسخ مختلفة عن التقرير إلى البعثات الدبلوماسية.

وبعيد ذلك أعلن ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمين العام الأممي كوفي أنان أن الأخير لم يمارس أي ضغط على ميليس للتأثير على مضمون التقرير.

وفي السياق وصف السفير السوري لدى الأمم المتحدة فيصل مقداد اتهامات شاهد استجوبته لجنة التحقيق بشأن مشاركة أقرباء للرئيس السوري في جريمة اغتيال الحريري بأنها "كذبة كبيرة"، نافيا الاتهامات الموجهة لبلاده في تقرير ميليس وقال إنها تعاونت بشكل كامل مع لجنة التحقيق.

وأكد مقداد أن بلاده ستواصل تعاونها مع اللجنة في إطار القانونين الوطني والدولي وستدرس أي طلب يقدمه ميليس لاستجواب أي مسؤولين سوريين.

أكدت مصادر سورية مطلعة أنه لدى الجانب السوري الكثير من القرائن والأدلة التي تدحض الاتهامات التي وجهها تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري، ديتليف ميليس الي بعض المسؤولين السوريين مشيرة الى أنه سيتم الكشف عن هذه الأدلة في معرض الرد الذي ستقدمه دمشق.

وأوضحت هذه المصادر أن الرئيس بشار الأسد كان قد اطلع الرئيس المصري حسني مبارك على جانب من هذه الأدلة خلال زيارته الأخيرة للقاهرة.

الى ذلك رفضت سوريا التقرير مؤكدة ان التقرير منحاز ومسيس وبعيد عن الحقيقة تماما الامر الذي جعله تبنى وجهة نظر فريق لبناني معروف بعداوته السافرة لسوريا.

ورأى وزير الاعلام السوري د‚ مهدي دخل الله ان هذا التقرير يفتقر الى الادلة والاثباتات وهو اعتمد اساسا على اقوال شهود مشكوك اصلا في مواقفهم معربا عن اسفه الشديد ان يكون تم تسييس التقرير بهذا الشكل الصارخ.

ولفت الى ان الاتهامات التي ذكرت في التقرير حول احتمال تورط بعض المسؤولين السوريين في اغتيال الحريري هي مجرد افتراضات لا اساس لها من الصحة، مبديا استغرابه الشديد ان يعتمد تقرير دولي بهذا المستوى والحجم على لغة السؤال والقيل، في حين انه كان منتظرا من واضع التقرير ان يكشف عن حقيقة مرتكبي جريمة اغتيال الحريري.

ولاحظ الوزير السوري ان هناك اطرافا على استعداد لاتهام سوريا وتحميلها مسؤولية أي حدث قد يقع في هذا العالم وحتى الاحداث التي لم تقع بعد كجزء من حملة الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها بسبب رفضها الرضوخ لإدارة الاحتلال الأميركي في العراق، والاسرائيلي بفلسطين.

هذا وعلمت مصادر صحفية ان الحكومة السورية قررت تشكيل فريق من خبراء القانون الدولي وقضايا التحقيق وقضاة ومحامين بارزين من اجل قراءة التقرير بصورة دقيقة وشاملة والكشف بالتالي عن الثغرات والاخطاء التي وردت وإظهار مستوى الضعف الذي يتجلى من خلال غياب الأدلة الدامغة حول الاشخاص الذين ورد ذكرهم في التقرير والرد بالوثائق والأدلة الدامغة على كل الاتهامات التي وجهها التقرير الى بعض المسؤولين السوريين.

وأوضحت مصادر سورية مطلعة انه يتم توثيق هذه الخلاصة التي سينتهي اليها فريق الخبراء السوريين عبر وثيقة أو مذكرة رسمية سيتم تسليمها الى الأمم التحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية للاطلاع عليها، وكذلك الى عواصم القرار الدولي والاقليمي، وذلك في اطار تحرك سوري وقائي يهدف الى الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف أو اجراءات مبنية على اقتراحات واستنتاجات غير دقيقة، وردت في تقرير ميليس، مشيرة إلى أن السلطات السورية تتعامل بالكثير من الشفافية مع الوقائع والأدلة التي وردت في التقرير، لكنها في نفس الوقت لن تقبل التعامل مع الجوانب والإشارات السياسية التي ظهرت فيه والتي تعبر عن تبني المحقق الدولي لوجهة نظر واحدة.

ولفتت المصادر السورية إلى أن التقرير لم يوجه أي اتهام مباشر إلى أي مسؤول سوري، مشيرة إلى أن أسماء بعض المسؤولين الذين أتى على ذكرهم إنما ورد في سياق الحديث عن قيام لجنة التحقيق الدولية باستجوابهم دون أن يتم توجيه أي اتهام لهم، وبالتالي فإن السلطات السورية لن تقدم على تسليم "شهود" إلى أي جهة خارجية.

وفي هذا السياق، أجمع محللون وخبراء سوريون في مجال القانون أن التقرير افتقر في معظمه إلى إيراد الأدلة الدامغة، وهو بالتالي اعتمد على الافتراضات والاستنتاجات وأقوال الشهود المتعارضة، مشيرين إلى أن ذلك أوقع التقرير في الكثير من الأخطاء ونقاط الضعف، وجعله أقرب إلى التقرير السياسي منه إلى التقرير القضائي.

ولاحظ هؤلاء أن التقرير انطوى على الكثير من التناقضات، فهو على سبيل المثال أكد في احد اجزائه على ان عملية تفجير مواكب الحريري قد تمت فوق سطح الارض، ثم عاد في مكان آخر الى الجزم باحتمال ان يكون التفجير قد جرى تحت الارض!

وحسب الخبراء السوريين، فإن التقرير ارتكز على اقوال شهود غير مثبتة نزاهتهم، وهو ما اوقعه في سلسلة الاخطاء مثل الاعتماد على شهادة المجند السوري الفار محمد زهير الصديق بالرغم من ان التحقيق الفرنسي قد شكك في اقواله، وكيف جرى التعامل معه على انه متهم بالجريمة، مما يشير إلى حدوث تناقض وارتباك في مسار التقرير الذي كان يفترض فيه ان يكون اكثر موضوعية ودقة ونزاهة.

وقال رجل قانون سوري فضل عدم ذكر اسمه انه كان لافتا ان معظم الاستنتاجات والخلاصات التي توصل اليها التقرير كانت تنتهي بعبارة "ربما" أو ان هناك اكثر من احتمال او سيناريو، مما يوحي بعدم توصل المحقق الدولي الى اي ادلة دامغة او حتى متوسطة لتحديد هوية الفاعل الحقيقي، مشيرا إلى ان التقرير حاول ان يظهر بأنه مهني وموضوعي من خلال ايراد تفاصيل وجزئيات عملية التحقيق التي جرت.

ولفت الى ان التقرير يعترف صراحة ان هناك الكثير من الادلة والقرائن التي فقدت في مسرح الجريمة، والتي كان يمكن أن تساعد في الكشف عن الجناة وخاصة مادة الـ دي-إن-إن وبالتالي فإن هذا يثير المزيد من الشكوك بشأن الاتهامات الموجهة لأى مسؤولين سوريين.

وأكدت جريدة "الثورة" الحكومية الصادرة أمس أن التقرير استند الى اقوال وروايات بعض الشخصيات السياسية والإعلامية اللبنانية المعادية لسوريا والتي ما فتئت توجه الاتهامات لسوريا ومنذ اللحظات الأولى لوقوع الجريمة، مشيرة الى أن التقرير بنى على هذه الروايات معظم استنتاجاته الامر الذي يؤكد وجود نية مسبقة لتسييس التحقيق وتوجيهة باتجاه معين يخدم سياسة تصعيد الضغوط على سوريا.

ولفتت الصحيفة الى أنه بالرغم من التعاون الكامل الذي ابدته سوريا مع لجنة التحقيق إلا أن التقرير ادعى أن التعاون السوري لم يكن كافيا أو جوهريا، الأمر الذي يتعارض مع ما كان ميليس قد عبر عنه اثناء وجوده في دمشق وتأكيده بأنه كان مرتاحا للتعاون السوري الجيد مع فريق التحقيق، معتبرة أن في ذلك مؤشرا واضحا للتعبير عن الموافق المسبقة والاتهامات الجاهزة ضد سوريا.

وجاء أن سوريا واثقة من براءتها من جريمة اغتيال الحريري لأن اسلوب الاغتيال يتنافى مع سياستها في التعامل مع أعدائها فكيف مع اصدقائها والمتعاونين معها في لبنان.


التعليقات