تقرير هيومان ووتش يدحض المزاعم الإسرائيلية بان حزب الله استخدم السكان كدروع بشرية..

-

تقرير هيومان ووتش يدحض المزاعم الإسرائيلية بان حزب الله استخدم السكان كدروع بشرية..
وجه تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" انتقادات شديدة لإسرائيل لمسؤوليتها عن مقتل مئات المدنيين في العدوان على لبنان. ودحض التقرير المزاعم الإسرائيلية بأن حزب الله استخدم السكان كدروع بشرية. إلا أنه لم يعتبر أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في لبنان، مما أثار حفيظة بعض القانونيين والسياسيين العرب.

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش تحقيقات في أكثر من 500 حالة من حالات القتل، وخلصت إلى أن حوالي 900 من شهداء العدوان المدنيين قتلوا في الهجمات الجوية الإسرائيلية.

وقال معد التقرير كينيث روث المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش: "لقد تصرفت إسرائيل على نحو خاطئ وكأن المدنيين جميعاً قد عملوا بموجب تحذيراتها بإخلاء الجنوب اللبناني، بينما كانت تعرف أنهم لم يقوموا بالإخلاء، وهو ما يُعتبر إهمالاً لواجبها القانوني القائم بالتفرقة بين الأهداف العسكرية والمدنية". وتابع قائلاً بأنه "ولا يجعل إصدار التحذيرات من الهجمات العشوائية هجمات مشروعة".

والتقرير الذي حمل اسم "لماذا ماتوا: القتلى المدنيون في لبنان حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله" الذي جاء في 235 صفحة، يمثل حتى يومنا هذا أوسع تحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت في لبنان أبان عدوان تموز. وخلال خمسة أشهر من التحقيقات، قامت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في 94 هجمة جوية ومدفعية وبرية من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، وهذا لكي تكشف عن الظروف المحيطة بمقتل 510 مدنياً و51 مقاتلاً، وهو تقريباً نصف عدد القتلى في لبنان أثناء النزاع، والذي يقدر بـ 1125 شخصاً. ومن بين الـ 510 حالة وفاة مدنية التي حققت هيومن رايتس ووتش فيها، كان 300 حالة على الأقل من النساء والأطفال. وقد زارت هيومن رايتس ووتش أكثر من 50 قرية لبنانية وقابلت 316 شخصاً من الضحايا وشهود العيان، وكذلك أجرت 39 مقابلة مع خبراء عسكريين وصحفيين ومسؤولين حكوميين من إسرائيل ولبنانً.

وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن أي تحرك بسيط للعربات أو الأشخاص، مثل محاولة الخروج لشراء الخبز أو التحرك في المنازل الخاصة، كانت كافية للتسبب في شن هجمة جوية إسرائيلية مميتة تتسبب في مقتل المدنيين. كما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية العربات المتحركة التي اتضح فيما بعد أنها كانت تحمل المدنيين الذين يحاولون الفرار من منطقة النزاع. وفي حالات كثيرة تم توثيقها في التقرير، لم يكن ثمة دليل على تواجد عسكري لحزب الله يبرر الهجمات.

وقال كينيث روث: "لا يحمل مقاتلو حزب الله في العادة أسلحتهم علناً ولا يرتدون أزياء عسكرية موحدة، مما يُصعّب من عملية التعرف إليهم واستهدافهم"، وأضاف قائلاً: "إلا أن هذا لا يبرر فشل الجيش الإسرائيلي في التفرقة بين المدنيين والمقاتلين. وإذا كان في الأمر شك؛ فيجب معاملة الشخص على أنه مدني، كما تنص قوانين الحرب".

ويضبف التقرير: "كما استهدف الجيش الإسرائيلي الأشخاص المدنيين والمباني المدنية ممن على صلة أو أخرى بأجهزة حزب الله السياسية أو الاجتماعية، بغض النظر عما إذا كانت الأهداف تشكل أهدافاً عسكرية مشروعة بموجب قوانين الحرب، والمعروفة أيضاً باسم القانون الإنساني الدولي. وبموجب القانون الإنساني الدولي يفقد أعضاء حزب الله المدنيين الحماية الموفرة لهم فقط في حالة مشاركتهم بشكل مباشر في الاقتتال. ولا يحق استهداف أجهزة حزب الله السياسية والاجتماعية إلا إذا تم استخدامها لأغراض عسكرية وكانت مهاجمتها تضمن ميزة عسكرية "أكيدة ومباشرة".

وتُظهر أبحاث هيومن رايتس ووتش أن الجيش الإسرائيلي ضرب عدداً كبيراً من البيوت الخاصة المملوكة لأعضاء مدنيين من حزب الله أثناء الحرب، وكذلك عدة مؤسسات مدنية يديرها حزب الله مثل المستشفيات ومؤسسات التضامن الاجتماعي والبنوك والمتاجر والمكاتب السياسية. وهاجمت طائرات إسرائيل الحربية مكاتب منظمات حزب الله الخيرية ونواب حزب الله البرلمانيين ومباني شقق سكنية متعددة الطوابق في مناطق تعتبر مناصرة لحزب الله، وهذا في منطقة الضواحي المكتظة بالسكان جنوبي بيروت. وتشير تصريحات لمسؤولين إسرائيليين بقوة إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف عمداً إصابة أحياء بالكامل لأنها كانت تُرى على أنها مُناصرة لحزب الله، وليس لوجود أهداف عسكرية محددة لحزب الله فيها، كما تتطلب قوانين الحرب.

وقال كينيث روث: "معاملة إسرائيل لكل أجزاء حزب الله على أنها أهداف عسكرية مشروعة تمثل تعارض لا اختلاف عليه مع معايير القانون الدولي وتمثل سابقة خطيرة". وأضاف: "ولقبول القول بأن أي جزء من حزب الله يمكن استهدافه لأنه يساند الجهد الحربي يعني كذلك قبول استهداف كل المؤسسات الإسرائيلية التي تساعد الجيش الإسرائيلي. والناتج النهائي سيكون إضعاف مستوى حماية المدنيين".

ويدحض التحقيق الميداني لـ هيومن رايتس ووتش المزاعم التي تقدم بها المسؤولون الإسرائيليون بأن معظم الإصابات المدنية كانت نتيجة لاستخدام حزب الله السكان كـ "دروع بشرية" في القتال. ويقول لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل في هذه الحالات على انتهاك قانوني متعلق باستعمال الدروع البشرية، وهو الاستخدام المتعمد للمدنيين لتحصين المقاتلين من آثار الهجوم. ولا تعتبر أي من لقطات الفيديو أو الصور التي نشرها الجيش الإسرائيلي وحلفاؤه بمثابة دليل لإثبات هذا الأمر.

ويضيف التقرير: مع بعض الاستثناءات القليلة، وجدت هيومن رايتس ووتش أن حزب الله قام بتخزين صواريخه في خنادق ومنشآت تقع في حقول ووديان غير مأهولة، وأنه أمر مقاتليه ومسؤوليه المدنيين بالابتعاد عن المناطق المأهولة بالمدنيين فور بدء القتال، وأنه أطلق صواريخه من مواقع مُحضَّرة مسبقاً خارج القرى. وفي الأغلبية الساحقة من الهجمات الجوية التي نجم عنها مقتل مدنيين، من التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، لم يكن ثمة تواجد عسكري لحزب الله أو نشاط عسكري له يبرر الهجمات.

وقد أجرى باحثو هيومن رايتس ووتش أثناء تحقيقاتهم مقابلات مُفصلة مع شهود كثيرين، وتحققوا من شهادات الأشخاص الذين لا يعرف أحدهم ما قال الآخر، وفي العادة كانوا يختبرون الشهود في التفاصيل التي يصعب الاتفاق عليها أو التنسيق بشأنها. كما أجرى الباحثون تحقيقات ميدانية في مواقع الهجمات، لفحصها بحثاً عما يشير لتواجد حزب الله أو أنواع الأسلحة المستخدمة. وفي كل موقع قاموا بزيارته؛ صوّر باحثو هيومن رايتس ووتش الموقع فوتوغرافياً، ووثقوا أي أدلة جنائية يجدونها، كما قاموا بحساب الموقع الجغرافي الدقيق بنظام الإحداثيات الحاسوبي العالمي (جي بي إس). وكلما أمكن، زار باحثو هيومن رايتس ووتش المقابر التي تم تم دفن القتلى نتيجة الهجمات الإسرائيلية فيها، لمعرفة ما إذا كانت شواهد قبورهم مكتوب عليها أنهم مدنيون أم "شهداء" أم "مقاتلون" لحزب الله أو جماعات مسلحة أخرى. ولأن أفراد العائلة دائماً ما يهتمون بإضفاء صفة "الشهيد" أو "المقاتل" على كل راحل يموت أثناء القتال؛ فقد كانت شواهد القبور بمثابة دليل هام على صفة الشخص وإن كان مقاتلاً أم لا.



التعليقات